تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[نعيمان]ــــــــ[12 Nov 2010, 09:50 م]ـ

وقفات مع المفسّرين

نقف هنا عدّة وقفات لتوضيح أقوال المفسّرين وتوجيهها. وقبل ذلك نسأل: من أين نشأ هذا الجدل؟ "نشأ هذا الجدل كلّه –وينشأ دائماً– حول آيات سورة المائدة؛ لأنّها ذكرت المسلمين واليهود والنّصارى كلاً على حدة، فخيّل لبعض النّاس أنّ كلاً منهم يختصّ بآية، ويختصّ بحكم غير الآخر. وكان الأوفق النّظر إلى صيغة العموم في الآيات:? ? ہ ہ ہ ہ فلا يكون هناك مجال للاختلاف" ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn1)).

الوقفة الأولى:"إنّ الّذي لا شكّ فيه، أنّ الآيات نزلت في أهل التّوراة والإنجيل، كما تدلّ على ذلك أسباب النّزول، والسّياق نفسه؛ ولكن خواتيم الآيات "ومن لم يحكم…" جاءت بصيغة عامّة كما يظهر ذلك بأدنى تأمّل؛ فما الّذي جعل بعض المفسّرين يقصر أحكامها ومضمونها على غير المسلمين من أهل الكتاب وأهل الشّرك؟ إنّ السّبب يكمن في خوفهم من مسارعة بعض النّاس إلى اتّهام الأمراء والحكّام بالكفر الأكبر بكلّ جور يحدث، ولو كان سببه الهوى أو المحاباة، ونحو ذلك، ممّا لا يكاد يسلم منه أمير أو حاكم؛ إلا من عصم ربّك، وقليل ما هم.

وهذا ما جعل ابن عبّاس وأصحابَه: عطاء، وطاووساً، وابن جبير، وغيرهم؛ يؤكّدون أنّه ليس بكفر ينقل عن الملّة، كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويقولون: بل كفر دون كفر …. إلخ، وما جعل ابن عبّاس يفرّق بين الجاحد والمقر" ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn2)).

وهو تفريق لا يقرّ بقاء صيغة العموم (من) على عمومها.

وهناك من ردّ ذلك التّفريق للخوف من مسارعة بعض النّاس إلى اتّهام الأمراء والحكّام بالكفر الأكبر بكلّ جور يحدث، "ومن قرأ المحاورة بين أبي مجلز التّابعيّ، ومن سأله من بني سدوس من الإباضيّة عن أمراء زمنهم، وكيف كانوا يريدونه أن يفتي بكفرهم بناء على الآية يتبيّن له صدق ما أقول" ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn3)).

فقد روى الطّبريّ عن عمران بن جرير قال: أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس، فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: ? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ، أحقّ هو؟ قال: نعم! قالوا:? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ?، أحقّ هو؟ قال: نعم! قالوا:? ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ چ، أحقّ هو؟ قال: نعم! قال: فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الّذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون، فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنّهم قد أصابوا ذنباً! فقالوا: لا والله ولكنّك تفرق ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn4))! قال: أنتم أولى بهذا منّي! لا أرى، وإنّكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون؛ ولكنّها أنزلت في اليهود والنّصارى وأهل الشّرك، أو نحوٍ من هذا.

وفي رواية أخرى، قال أبو مجلز: إنّهم يعملون بما يعملون –يعني الأمراء– ويعلمون أنّه ذنب! قال: إنّما أنزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى، قالوا: أما والله، إنّك لتعلم مثل ما نعلم؛ ولكنّك تخشاهم. قال: أنتم أحقّ بذلك منّا، أمّا نحن فلا نعرف ما تعرفون؛ ولكنّكم تعرفونه؛ ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم" ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn5)).

الوقفة الثّانية: ضرورة التّفريق بين نوعين من الحكّام: "إنّ من الواجب الحتم أن نفرّق – كما فرّق الحبر ابن عبّاس– بين نوعين من الحكّام: الحاكم الّذي يلتزم بالإسلام منهاجاً ودستوراً ونظاماً للحياة، يحكم به ويرجع إليه، ثمّ ينحرف أو يجور في بعض الأمور الجزئيّة بحكم الضّعف أو اتّباع الهوى، والحاكم الّذي يرفض تحكيم ما أنزل الله، يقدّم عليه أحكام البشر وقوانينهم. فهذا كأنّما يتّهم الله تعالى بأنّه يجهل مصالح عباده، أو يعلمها ويشرّع لهم ما يضادّها مع أنّه تعالى يقول:چ ? ? ? ? ? ? ? ? چ [الملك:14] ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=127745#_ftn6)).

وذهب إلى هذا التّفريق الأستاذ محمّد قطب دفاعاً عن ابن عبّاس –رضي الله عنهما- في قوله الشّهير ذاك "كفر دون كفر":

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير