تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قالوا: يا رسول الله، نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهل مع ذلك من غيره)؟ فقالوا: لا غير، إن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء. قال: (هو ذاك فعليكموه). وهذا الحديث يقتضي أن المسجد المذكور في الآية هو مسجد قباء، إلا أن حديث أبي سعيد الخدري نص فيه النبي صلى الله عليه وسلم على أنه مسجده فلا نظر معه. وقد روى أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة قال حدثنا صالح بن حيان قال حدثنا عبدالله بن بريدة في قوله عز وجل: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه" [النور: 36] قال: إنما هي أربعة مساجد لم يبنهن إلا نبي: الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وبيت أريحا بيت المقدس بناه داود وسليمان عليهما السلام، ومسجد المدينة ومسجد قباء اللذين أسسا على التقوى، بناهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .... وعن ابن عباس: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} يعني مسجد قباء ..... وعن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فقال: "مسجدي هذا" ... وعن عثمان بن عبيد الله، قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أي مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا، مسجد المدينة .... وعن ابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد، قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد الرسول ... وعن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، قال: المسجد الذي أسس على التقوى: هو مسجد النبي الأعظم .... وعن سعيد بن المسيب، قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، هو مسجد المدينة الأكبر .... قال أبو جعفر الطبري: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحة الخبر بذلك عن رسول الله. ذكر الرواية بذلك.

وفى الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى. [البخارى كتاب التهجد] ... قال ابن حجر: وفي هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء، ولأن الأول قبلة الناس وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم السالفة، والثالث أسس على التقوى.

وقال ابن حجر في بقية كتاب المناقب .. باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم:

و مسجد قباء، فهو أول مسجد بني " يعني بالمدينة، وهو في التحقيق أول مسجد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بأصحابه جماعة ظاهرا، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة، وإن كان قد تقدم بناء غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناها ... وقد اختلف في المراد بقوله تعالى: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) فالجمهور على أن المراد به مسجد قباء هذا وهو ظاهر الآية، وروى مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: هو مسجدكم هذا " ... قال القرطبي: هذا السؤال صدر ممن ظهرت له المساواة بين المسجدين في اشتراكهما في أن كلا منهما بناه النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأجاب بأن المراد مسجده، وكأن المزية التي اقتضت تعيينه دون مسجد قباء لكون مسجد قباء لم يكن بناؤه بأجر جزم من الله لنبيه، أو كان رأيا رآه بخلاف مسجده، أو كان حصل له أو لأصحابه فيه من الأحوال القلبية ما لم يحصل لغيره، انتهى .... ويحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته صلى الله عليه وسلم بمسجد المدينة، بخلاف مسجد قباء فما أقام به إلا أياما قلائل، وكفى بهذا مزية من غير حاجة إلى ما تكلفه القرطبي، والحق أن كلا منهما أسس على التقوى، وقوله تعالى في بقية الآية (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) يؤيد كون المراد مسجد قباء، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نزلت (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) في أهل قباء " وعلى هذا فالسر في جوابه صلى الله عليه وسلم بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء، والله أعلم .... قال الداودي وغيره: ليس هذا اختلافا، لأن كلا منهما أسس على التقوى وكذا قال السهيلي وزاد غيره أن قوله تعالى: (من أول يوم) يقتضي أنه مسجد قباء، لأن تأسيسه كان في أول يوم حل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الهجرة، والله أعلم. أ.هـ

*إشكال والجواب عنه:

قوله تعالى: "أحق أن تقوم فيه" أي بأن تقوم؛ .... و"أحق" هو أفعل من الحق، وأفعل لا يدخل إلا بين شيئين مشتركين، لأحدهما في المعنى الذي اشتركا فيه مزية. على الآخر؛

(والجواب) فمسجد الضرار وإن كان باطلا لاحق فيه، فقد اشتركا في الحق من جهة اعتقاد بانيه، أو من جهة اعتقاد من كان يظن أن القيام فيه جائز للمسجدية؛ لكن أحد الاعتقادين باطل باطنا عند الله، والآخر حق باطنا وظاهرا؛ ومثل هذا قوله تعالى: "أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا" [الفرقان: 24] ومعلوم أن الخيرية من النار مبعودة، ولكنه جرى على اعتقاد كل فرقة أنها على خير وأن مصيرها إليه خير؛ إذ كل حزب بما لديهم فرحون.

(عن موقع صيد الفوائد)

وإن شاء الله أنقل لك ماقاله وحققه أبو زيد السهيلي،

في كتابه ذي الفوائد الكثيرة:

الروض الأُنُف ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير