تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد شرع الحق سبحانه نظام الميراث وجعله نظاما عادلا، وحكيما يستجيب للرغبات والنوازع الفطرية، ويعمل على تنظيمها حتى لا تحيد عن أهدافها ومقاصدها. ومن ثم فإنه يعمل على خلق مجتمع متكافل،تتسا وى فيه الحقوق مع الواجبات. بل يقدم فيه الواجب على الحق،لأن الإنسان يكون مقصده من الحياة أن ينال مرضاة الله تعالى، ومن ثم فإنه يقدم على الحياة بكل إيجابية استجابة لرؤيته البعيدة، ألا وهي بلوغ الكمال الذي هو ابتغاء ما عند الله، وفي طريق تحصيله فإنه يحصد كل المتع، ويجني كل الفوائد التي ربطها الله تعالى بما خلق، استجابة لقوله تعالى:

(قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)

سورة الأعراف، الآية 32.

والتكافل الاجتماعي في الإسلام مؤسس على جملة دعائم، منها ما هو عقدي،ومنها ماهو أخلاقي، ومنها ما هو تشريعي، والميراث يدخل في الجانب التشريعي حيث يؤكد على الروابط الأسرية، وضرورة قيامها على قاعدة الحق والواجب، فكل فرد من أفراد الأسرة يكفل له المشرع من الحقوق بقدر ما عليه من واجبات. فالوالدان مكلفان برعاية أبنائهما، وحسن تأديبهما، وتأهيلهما للاندماج في المجتمع، كأفراد فاعلين، مساهمين في عمارة الأرض، محققين مبدأ الاستخلاف.والأبناء عليهما احترام والديهما، وتقدير تضحياتهما، ومعاملتهما بالبر والإحسان، وتبادل الحب والمودة، والسعي إلى إعزازهما، وإكرامهما طيلة حياتهما، وفي حالة عجزهما تزداد مسؤولية الأبناء، بالتكفل بالإنفاق عليهما، ورعايتهما، بما يحفظ كرامتهما، وبعد الوفاة تنتقل التركة إلى أحب الناس إلى الهالك، وآثرهم عنده أبناؤه، وأقاربه، بناء على القواعد التالية:

1 – " الغنم بالغرم ": أي بقدر ما تستفيد بقدر ما يلحقك من ضرر،مما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.ومن ثم فإن هذه القاعدة تقرر العدل في المعاملات.

2 – " الحاجة ": من كانت حاجته أكثر، كان نصيبه أوفر، فالأبناء حظهم من التركة أكبرمن حظ الوالدين، لأنهم مقبلون على الحياة بكل تكاليفها،في حين الآباء مدبرون عن الحياة،مع ما لهم من فضل أموال حصولها طوال حياتهم،وبالتالي تكون التزاماتهم وحاجياتهم أقل.

3 – " المسؤولية ": توزع التركة بحسب المسؤولية داخل الأسرة، فمن كانت مسؤوليته أكبر، كان نصيبه أكبر، ومن كانت مسؤولية أقل، كان نصيبه أقل، فالرجل يأخذ ضعف ما تحصله المرأة من تركة الوالدين، لأن الرجل مسؤول بالإنفاق في جميع الأحوال، في حين لا تكلف المرأة بالإنفاق على نفسها،أو ذويها ولو كانت غنية.

إن التعاون، وتبادل المنافع يبدأ داخل الأسرة الصغيرة، ليتوسع ويشمل المجتمع كله بحيث يستقر في وجدان الإنسان المسلم المبادرة إلى فعل الخير، والمسارعة إلى تقديم المساعدة لذوي الحاجات والمعوزين، باعتبار ذلك واجبا دينيا، مما يعمل على خلق مجتمع متعادل، تتقارب فيه الفجوة بين فئاته، ليعم السلم والأمن النفس، والأهل، والمجتمع.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Dec 2006, 02:49 ص]ـ

إن أهم نتيجة يخلص إليها الباحث من دراسة نظام المواريث وصلته بالاقتصاد الإسلامي، هي شمولية الشريعة الإسلامية وواقعيتها، وأن الرؤية التجزيئية للإسلام لايمكن أن توصلنا إلى إدراك الحق، والحقيقة، وفهم الحكمة. فالإرث مثلا ليس حالة خاصة بالأحوال الشخصية، وتداول المال داخل الأسرة، بل يتعداه إلى الحياة العامة، إذ يعمل على إعادة توزيع الثروة، وما يترتب على ذلك من توسيع قاعدة الملاك، والزيادة في القوة الشرائية، مما يشجع على الاستثمار، والزيادة في الإنتاج، وتوسيع سوق العمل، وتضييق دائرة العطالة، ومحاصرة آفة الفقر، وتحقيق الرفاه العام. /.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[03 Dec 2006, 02:25 م]ـ

1 - أحكام القرآن: أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي (ت543هـ)، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1408 هـ /1988م.

2 - أحكام القرآن: أحمد بن علي الرازي الجصاص

(ت 370 هـ)، تحقيق محمدالصادق قمحاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405 هـ.

3 – الأحوال الشخصية: محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1975.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير