والإسلام عندما نقل المال بعد موت المالك إلى ذريته وقرابته عن طريق الميراث فإنه يحفز الإنسان على العمل، وممارسته ألوان النشاط الاقتصادي خاصة في الأطوار الأخيرة من حياة الإنسان " التي تتضاءل فيها فكرة المستقبل عنده وتحتل موضعها فكرة الأبناء والقربى، فيجد في أحكام الإرث التي توزع أمواله بعده بين أقرائه الأدنين ما يغريه بالعمل،ويدفعه إلى تنمية الثروة حرصا على مصالح أهليه بوصفهم امتدادا لوجوده ".
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[29 Nov 2006, 06:01 م]ـ
الإنتاج هو " عملية تطوير الطبيعة إلى شكل أفضل بالنسبة إلى حاجات الإنسان " وذلك عن طريق توظيف فضول الأموال أو ما يمكن الاصطلاح عليه اليوم بالمدخرات في مشاريع استثمارية صناعية، أو تجارية، أو زراعية، أو خدماتية.
والإسلام له وسائله الخاصة في تنمية الإنتاج، منها ما هو ذو طبيعة فكرية ونفسية، كالحث على العمل والإنتاج عبر آيات الذكر الحكيم، والأحاديث النبوية الشريفة، " التي تستنهض همة الإنسان، وتوجهه للقيام بواجب الخلافة عن الله في البحث، والتنقيب، والكد، والكدح، والتعمير، والكشف، والاختراع ". وهناك وسائل تشريعية متعددة يهمنا منها هنا نظام المواريث.
ويمكننا أن نتبين الانعكاسات الإيجابية لنظام المواريث على الإنتاج، من جوانب ثلاث:
1 - يعمل الإنسان، وينتج، ويدخر، ويستثمر، ليورث نتاج جهده ومعاناته لأبنائه، وأقاربه، حرصا منه على مصلحتهم، باعتبارهم امتدادا له في الحياة.
2 - منع الإسلام المالك من التصرف في ماله بعد وفاته، وعمل على توزيع تركته على ذريته وأقاربه، حسب الحاجة والمسؤولية، و بذلك فتح المجال أمام فئات اجتماعية عريضة من امتلاك المال الذي هو عصب الحياة، مما يمكنهم من القدرة على المنافسة العادلة، التي تتجلى فيها قدرات، ومهارات، وإبداعات، وجهد، وتضحية المتنافسين من أجل توفير الإنتاج، وتنميته، وزيادة الثروة، وتحقيق الرفاه الاقتصادي، والسلم الاجتماعي.
إن الإسلام عن طريق تشريعات متعددة، منها نظام المواريث، يحول دون تركيز الثروة في أيد قليلة، حتى لا يعم البؤس، وتنتشر الحاجة والفاقة، ويعجز الناس عن استهلاك ما يشبع حاجاتهم من السلع، بسبب انخفاض قوتهم الشرائية، مما يؤدي إلى تكدس المنتجات، وعدم القدرة على تصريفها، فيسيطر الكساد على الصناعة، والتجارة، فيتوقف الإنتاج. ونظام المواريث بإعادة توزيعه الثروة داخل المجتمع،فإنه يوفر المال لدى فئات الجيل اللاحق، هي بالضرورة أعرض من فئات الملاك في الجيل السابق، إذ ما يملكه فرد واحد في جيل ما، يقسم بعد وفاته على ورثته من أبناء، وأزواج، وقرابة، حسب الحاجة والمسؤولية، وبذلك تتمكن فئات جديدة، وعريضة من القدرة الشرائية بما تملكته من أموال عن طريق الميراث، مما يجعلها تقبل على الاستهلاك، ويترتب على ذلك الزيادة في الإنتاج.
وهكذا يتبين لنا أنه كلما اتسعت قاعدة الملاك، كلما ازدادت القدرة على الاستهلاك، مما يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج، مما يجعل نظام المواريث عاملا مهما من عوامل جودة الإنتاج، الزيادة فيه، ويرتبط بكل ذلك تشجيع الاستثمار، وخلق فرص جديدة للعمل، وتضييق دائرة الفقراء، وتوسيع دائرة الأغنياء.
3 - سبق أن بينا أن الميراث يدفع الإنسان إلى الاقتصاد في المعاش، وادخار ما يزيد عن احتياجاته، لتأمين حياة عقبه بعد وفاته. ومعلوم أن الإنتاج لا يحصل بما ينتجه الإنسان، وما يستهلكه من مأكل، وملبس، ومسكن، وإنما يتحقق بما يقضل عن الحاجة، ويتجمع كمدخرات، فالدولة القادرة على الدخول في معركة الإنتاج، حكوميا، واجتماعيا، هي التي تملك إلى جانب التقانة، ما يفيض عن حاجاتها الضرورية.
إن الإسلام عندما أقر حق الملكية، وحق الميراث، أفسح المجال " لشخصية الفرد، حتى يستطيع أن يحقق ذاته، ويبرز مواهبه، ويظهر كفايته ن فينتج وينظم، ويتقن ويتفوق، فيستفيد ويفيد، وبذلك يكون المال عنده أداة صالحة، في يد إنسان صالح، وكل ذلك نماء لثروة المجتمع ن ونفع لأبنائه كافة، ورصيد لمن يعضه الفقر بنابه منهم ".
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[30 Nov 2006, 12:09 م]ـ
¥