فعند تفسيره لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} أورد بعض الآثار المتقدمة عن ابن عباس وأم سلمة وعبيدة والحسن ثم قال: ((قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها لأن قوله تعالى ونساء المؤمنين ظاهره أنه أراد الحرائر وكذا روي في التفسير لئلا يكن مثل الإماء اللاتي هن غير مأمورات بستر الرأس والوجه فجعل الستر فرقا يعرف به الحرائر من الإماء)) اهـ. (أحكام القرآن ـ 5/ 244 ـ 245).
5ـ المفسر الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله ت 489هـ:
قال: ((وقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} أي: يشتملن بالجلابيب، والجلباب هو الرداء، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار. قال عبيدة السلماني: تتغطى المرأة بجلبابها فتستر رأسها ووجهها وجميع بدنها إلا إحدى عينيها)) اهـ. (تفسير القرآن) (4/ 306، 307) ط: دار الوطن بالرياض 1997م.
6ـ المفسر الفقيه عماد الدين الطبري الشهير بإلكيا الهراس رحمه الله ت 504 هـ:
قال: (({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} الجلباب: هو الرداء، فأمرهن بتغطية وجوههن ورءوسهن ولم يوجب على الإماء ذلك)) اهـ (أحكام القرآن) ط دار الكتب الحديثة (4/ 354)
7ـ المفسر الإمام البغوي رحمه الله ت 516هـ:
قال: (({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} جمع الجلباب، وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، وقال ابن عباس وأبو عبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوهن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم انهن حرائر {ذلك أدنى أن يعرفن} أنهن حرائر {فلا يؤذين} فلا يتعرض لهن)) اهـ. (تفسير البغوي ج3/ص586) ط2: دار طيبة بالرياض 1423هـ.
8ـ المفسر الإمام الزمخشري رحمه الله ت 538هـ:
قال عند تفسير قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}: ((ومعنى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} يرخينها عليهنّ ويغطين بها وجوههنّ وأعطافهنّ، يقال: إذا زال الثوب عن وجه المرأة أدنى ثوبك على وجهك، وذلك أن النساء كنّ في أول الإسلام على هجيراهنّ في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار فصل بين الحرّة والأمة، وكان الفتيان وأهل الشطارة يتعرّضون إذا خرجن بالليل إلى مقاضي حوائجهنّ من النخيل والغيطان للإماء، وربما تعرّضوا للحرّة بعلة الأمة يقولون حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهنّ عن زي الأماء الأردية والملاحف وستر الرءوس والوجوه ليحتشمن ويُهَبن فلا يطمع فيهن طامع)) اهـ. (تفسير الكشاف ـ 3/ 246) ط دار المعرفة بيروت.
9ـ المفسر العلامة أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله ت 543هـ:
((اختلف الناس في الجلباب على ألفاظ متقاربة عمادها: أنه الثوب الذي يستر به البدن، لكنهم نوعوه هاهنا فقد قيل: إنه الرداء، وقيل: إنه القناع. قوله تعالى: {يدنين عليهن} قيل: معناه تغطي به رأسها فوق خمارها. وقيل: تغطي به وجهها حتى لا يظهر منها إلا عينها اليسرى. والذي أوقعهم في تنويعه أنهم رأوا الستر والحجاب مما تقدم بيانه واستقرت معرفته، وجاءت هذه الزيادة عليه واقترنت به القرينة التي بعده وهي مما تبينه وهو قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} والظاهر: أن ذلك يسلب المعرفة عند كثرة الاستتار فدل على أنه أراد تمييزهن على الإماء اللاتي يمشين حاسرات أو بقناع مفرد يعترضهن الرجال فيتكشفن ويكلمنهن، فإذا تجلببت وتسترت كان ذلك حجاباً بينها وبين المتعرض بالكلام والاعتماد بالإذاية)) اهـ. (أحكام القرآن ـ 3/ 1586) ط دار الجيل بيروت بتحقيق علي محمد البجاوي ط 1988م.
¥