1 ـ قال الطبري: (وقوله: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}: قال قتادة: يقولون: آلهتنا خير منه. وقال قتادة: قرأ ابن مسعود: "وقالوا أآلهتنا خير أم هذا"، يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم).
2 ـ وفي قوله تعالى: (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)
روى الطبري بسنده عن السدي، قال: (هي في قراءة ابن مسعود:"اختلفوا عنه" عن الإسلام).
3 ـ وفي قوله تعالى (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب) روى الطبري بسنده عن عبد الرحمن بن أبي حماد، أنّ قراءة ابن مسعود: (فَنَادَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ).
4 ـ وفي قوله تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ) (النساء: 34) روى الطبري بسنده عن طلحة بن مصرف قال: في قراءة عبد الله: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون نشوزهن).
وهذه النصوص وغيرها إنما تنسب إليهم قراءةً لا تفسيرًا، وهم أدرى بما ينسبونه إليهم، وعندهم من الوضوح في الفرق بين التفسير والقراءة ما لا يخفى على مطلع على آثارهم، ولم أجد وقوع الشك في كون ما يروى عنهم هل هو من قبيل التفسير أو من قبيل القراءة سوى أثر رواه سعيد بن منصور بسنده عن عمرو بن دينار: (أنه سمع ابن الزبير يقول: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (1) «ويستعينون بالله على ما أصابهم»، فلا أدري أكانت قراءته أو فسر؟).
وهذا الشك منه رحمه الله تعالى يقطعه ما رواه الطبري بسنده عن أبي عون الثقفي: أنه سمع صُبيحًا قال: سمعت عثمان يقرأ: (" وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللهَ عَلَى مَا أَصَابَهُم ").، ثم أسند الرواية إلى عمر بن دينار عفي قراءة ابن الزبير، ولم يذكر الأثر بتمامه، لذا لم يذكر شك عمرو، ولعل هذا يشير إلى أن الطبري يقطع بكونها قراءة لا تفسيرًا، والله أعلم.
ولا يختلف اثنان في الاستفادة من مثل هذه القراءات في بيان المعاني والتفسير وتأييد الاستنباطات من القراءات الثابتات، ومن ذلك ما ذكر ابن عطية تعليقًا على هذه الآية، واستفادةً من هذه القراءة، قال: (قال القاضي: والناس في تغيير المنكر والأمر بالمعروف على مراتب، ففرض العلماء فيه تنبيه الحكام والولاة، وحملهم على جادة العلم، وفرض الولاة تغييره بقوتهم وسلطانهم، ولهم هي اليد، وفرض سائر الناس رفعه إلى الحكام والولاة بعد النهي عنه قولاً، وهذا في المنكر الذي له دوام، وأما إن رأى أحد نازلة بديهة من المنكر، كالسلب والزنى ونحوه، فيغيرها بنفسه بحسب الحال والقدرة، ويحسن لكل مؤمن أن يحتمل في تغيير المنكر، وإن ناله بعض الأذى، ويؤيد هذا المنزع أن في قراءة عثمان بن عفان وابن مسعود وابن الزبير «يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويستعينون بالله على ما أصابهم»، فهذا وإن كان لم يثبت في المصحف، ففيه إشارة إلى التعرض لما يصيب عقب الأمر والنهي، كما هي في قوله تعالى:
{وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك} [لقمان: 17] وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} [المائدة: 105] معناه إذا لم يقبل منكم ولم تقدروا على تغيير منكره). ا. هـ كلام القاضي ابن عطية رحمه الله تعالى.
وبعد، فالمقصود إعادة النظر في هذا المصطلح، وبيان كيفية إفادة هذه القراءات في بيان المعاني والتفسير، وفي الفوائد والمستنبطات من الآيات، وغير ذلك من المعلومات التي تفيد فيها هذه القراءات الشاذات، والله الموفق والهادي إلى الصواب.
ـ[ناصر الدوسري]ــــــــ[02 Dec 2006, 07:42 ص]ـ
¥