تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتتضمّن الآية الأولى تنفيراً من أن ينتظم المسلم في سلك من لا يطلب إلا الدنيا ويغفل الآخرة، وتتضمن الآية الثانية ترغيباً وحثّاً على الانتظام في سلك الفريق الثاني، وهاتان الآيتان تُذكِّران بقوله تعالى: ?مَن كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً كلاً نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً? [الإسراء:18 - 20]، وقوله تعالى: ?من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب? [الشورى:20].

ثم قال: ?أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب?: " ?أولئك? الداعون بالحسنتين ?لهم نصيب مما كسبوا? أي نصيب من جنس ما كسبوا من الأعمال الحسنة، وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة، أو من أجل ما كسبوا، كقوله:? مما خطيئاتهم أغرقوا? [نوح:25]. . . ويجوز أن يكون? أولئك? للفريقين جميعاً، وأن لكل فريق نصيباً مما كسبوا.

?والله سريع الحساب? يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب العباد، فبادروا إلى إكثار الذكر وطلب الآخرة، أو وصف نفسه بسرعة حساب الخلائق على كثرة عددهم وكثرة أعمالهم؛ ليدل على كمال قدرته، ووجوب الحذر منه" (12).

[ line]

(1) البقاعي، نظم الدرر، (379:1).

(2) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (قضي).

(3) ينظر: الرازي، التفسير الكبير، (333:2).

(4) المرجع السابق، (333:2).

(5) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادى (خلق).

(6) ابن عاشور، التحرير والتنوير، (247:2).

(7) ينظر: الفيروز آبادي، القاموس المحيط، مادة (خلق).

(8) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (نصب).

(9) أبو حيان، البحر المحيط، (314:2).

(10) ينظر: أبو السعود، إرشاد العقل السليم، (209:1).

(11) ينظر: الطبري، جامع البيان، (363:2).

(12) باختصار: الزمخسري، الكشاف، (246:1).

ـ[روضة]ــــــــ[19 Dec 2006, 03:34 م]ـ

وَاذْكُرُوا اللهَ في أيَّامٍ مِعْدُوْدَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ في يَومَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىَ وَاتَّقُوْا اللهَ وَاعْلَمُوْا أنَّكُمْ إليْهِ تُحْشَرُوْنَ (203)

مناسبة الآية لما قبلها

لا زال الحديث في الحجّ وفي أعمال الحجّ، ومجيء الأمر بالذكر هنا ظاهر، فالناس ـ بعد يوم العيد ـ يخلعون ملابس الإحرام ويُشغَلون بالأحاديث العادية والأمور العامة، ظنّاً منهم أن الأمر قد انتهى، والحقيقة أن أيام منى من أيام الحج فيجب أن يبقى ذكر الله فيها متواصلاً، ولا يُشغل عنه بتلك الأمور.

مفردات الآية

معدودات: العَدّ: الإحصاء (1)، "يقال: شيء معدود ومحصور للقليل، مقابلة لما لا يُحصى كثرة" (2).

تعجّل: العَجَلَة تدلّ على الإسراع (3)، "العَجَلَةُ: طلبُ الشيء وتحرّيه قبل أوانه" (4).

إثم: الإثمُ البطءُ والتأخر، والإثم مشتق من ذلك؛ لأن ذا الإثم بطيء عن الخير، متأخر عنه (5).

تحشرون: الحشرُ السَّوقُ والبعث والانبعاث، وأهل اللغة يقولون: الحشرُ: الجمعُ مع سَوق، وكل جمع حشر (6).

التفسير والبيان

أمر الله عزّ وجلّ بذكره مرة أخرى، وهذه المرة الرابعة التي يأمر الله بذكره في هذه المجموعة من الآيات.

والأيام المعدودات هي أيام منى الثلاثة بعد يوم النحر (7)، واختُلف في جعل يوم النحر من الأيام المعدودات (8)، والمعنى: أمرهم الله تعالى بذكره في أيام إقامتهم بمنى، وهي أيام رمي الجمرات، وهو أن يذكروا الله بالتكبير عند الرمي، وحين ينحرون الهدايا، وغير ذلك من أوقات الحجّ.

ثم نفى الإثم عمّن استعجل وطلب الخروج من منى فاكتفى برمي الجمار في يومين، وعمّن تأخر عن الخروج حتى رمى في اليوم الثالث إن اتقى الله في حجّه، قال الإمام الطبري: "?فمن تعجل في يومين? من أيام منى الثلاثة فنفر في اليوم الثاني ?فلا إثم عليه? لحطّ الله ذنوبه إنْ كان قد اتقى الله في حجّه، فاجتنب فيه ما أمره الله باجتنابه، وفعل فيه ما أمره الله بفعله، وأطاعه بأدائه على ما كلفه من حدود، ومن تأخر إلى اليوم الثالث منهن، فلم ينفر إلى النفر الثاني حتى نفر من غد النفر الأول? فلا إثم عليه? لتكفير الله له ما سلف من آثامه وأجرامه، إنْ كان اتقى الله في حجّه بأدائه حدوده" (9).

وبعد هذه التوجيهات المشتملة على الأوامر والنواهي والتفصيلات المتعلقة بأعمال الحجّ ذكّرهم مجدداً بوجوب اتقائه، والحذر من التهاون في شيء من الأحكام، وأكّد لهم رجوعهم إليه وحشرهم يوم القيامة للحساب، فقال: ?واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون?.

[ line]

(1) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (عدّ).

(2) الراغب الأصفهاني، المفردات، مادة (عدّ).

(3) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (عجل).

(4) الراغب الأصفهاني، المفردات، مادة (عجل).

(5) ينظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة (إثم).

(6) ينظر: المرجع السابق، مادة (حشر).

(7) ينظر: الطبري، جامع البيان، (365:2).

(8) ينظر الخلاف في تفسير ابن كثير، (252:1).

(9) الطبري، جامع البيان، (373:2).

(انتهى)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير