تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا اللفظ المخطَّأ هو: علّلَه تعليلاً، على معنى: نَظَر في علّته، أو ذكر علته، والعلة بمعنى السبب. وهومستعمل من قديم في العلوم، كالعربية والكلام والفلسفة، ومن استعماله في الشعر قول ابن سناء الملك:

ورب مليحٍ لا يُحَبّ، وضدُّه يُقَبَّلُ منه العينُ والخدّ والفمُ

هوالْجَدّ خذْهُ إن أردت مسلّمًا ولا تطلب التعليل؛ فالأمر مبهَمُ

(الْجَدّ: الحظّ).

ولم أر من تكلم عليه إلا الشيخ الأستاذ محمد علي النجار في كتابه الموسوم بـ " لغويات "، وهو كتاب جمع فيه بعض ما كان ينشره في مجلة الأزهر بهذا العنوان، وقال في مبحث هذا اللفظ: " وقد تحدث بعض المعنيين بالعربية في عربية هذا الأسلوب "، وقال: " ومن ثَمّ أنكر بعض الباحثين هذا الاستعمال " (ص141و142). وهذا يفيد أن له سابقًا في الكلام عليه، ولا أدري: أسَبْقُه شفويّ أم كتابيّ؟

ونقل كلام الشيخ بألفاظه واقتباسه وشواهده: محمد العدناني، في كتاب: معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة (ص461) ولم ينسبه إليه.

* * *

الأصل:

وأصل هذه المادة: علّ يعِلّ ويعُلّ، من بابي ضرب ونصر؛ أي شَرِبَ شُرْبًا ثانيًا، والمصدر: العَلّ والعَلَل، والشرب الأول النَّهَل. وذلك أصل واحد، لا ثلاثة أصول كما ذهب ابن فارس في معجم المقاييس، فجعل الأصل الأول: تكرارًا، والثاني: عائقًا، والثالث: ضعفًا (4/ 12) - لأن العلة بمعنى الحدث الذي يشغل، وبمعنى المرض، ترجع إلى أصل التكرار، وما أحسن ما فسّر به الشيخ النجار! ولم أجده في المعجمات؛ إذ ردّ العلة بمعنى المرض إلى الحمّى تعتادالإنسان بعَرَقها، ثم أُطلق على كل مرض، والعلة بمعنى الشاغل من تشبيه الشاغل بالمرض الذي يحجِز عن العمل، والعلة بمعنى العذر من تشبيه العذر بالمرض؛ لأن المريض يسقط عنه اللوم والمعتبة، ولما كان العذر سببًا يتمسّك به المعتذر أطلقت العلة على السبب. وأظن أن منه: لعلّ، وهي حرف رجاء لما يُستقبل وإشفاق، ومايُستقبَل تالٍ للحاضر.

وجاءت العلة بمعنى العذر أو السبب في حديث عائشة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم (حديث 1211)، وذلك قولها تعني أخاها عبد الرحمن - رضي الله عنه -: " فيضرب رجلي بعلة الراحلة "؛ أي: يُظهر أنه يضرب البعير، وإنما يضرب رجلها ".

وجاءت بهذا المعنى في قول البخاري في عنوان باب: لاصدقة إلا عن ظهر غنًى: " .. فليس له أن يضيِّع أموال الناس بعلة الصدقة ".

وفي المثل: " لا تَعْدَمُ الخرقاء علة ".

وفي المادة من الأفعال: علّ،وأعَلّ، وعلّل، وتعلّل، واعتلّ، وعالَل، وتعالَل.

والمقصود في هذه الكلمة من هذه الأفعال: علّل، على وِزان: فعّل، وهو الْمُخَطّأ بالمعنى المذكور، ومصدره: التعليل. واعتلّ، على وِزان: افتعل؛ لما سأبينه، إن شاء الله، ومصدره: الاعتلال.

* * *

معنى علَّل:

وما جاء من معنى علّل في المعجمات:

1 - علّله: سقاه مرة بعد مرة. ومن ذلك قول رجل من كِنْدة يذكر أخْذ امرئ القيس بثأره:

وأقام يُسقَى الخمرَ في عرَصاتهم ملكٌ يُعَلّ شرابَه تعليلا

(شرح القصائد السبع ص12). والشاهد في قوله: " تعليلا "، وهو مصدر خالف بينه وبينفعله، كما قال الله تعالى:) وتبتّل إليه تبتيلا).

2 - والتعليل: جنْيُ الثمرة مرة بعد أخرى. ذكره صاحب الصحاح. وجاني الثمرة هكذا يقال له: الْمُعَلِّل، كما في التاج.

3 - والمعلِّل: الْمُعين بالبِرّ بعد البِرّ، عن ابن الأعرابي.

4 - وعلّله: طيّبه مرة بعد أخري، وعليه قول امرئ القيس في القصيدة المعروفة:

فقلت لها: سِيري وأرخي زمامه ولا تُبعديني من جناك المعلَّل

إذارُوي على اسم المفعول.

5 - وعلّله: شغله وألهاه. وفُسّر به قول امرئ القيس إذا روي على اسم الفاعل، أي: المعلِّل. ومنه يقال: علّلتِ المرأةُ صبيَّها بشيء من المرَق والخبز؛ ليَجْزَأ به عن اللبن. وقال جرير:

تُعَلِّل - وهي ساغبة - بنيها بأنفاسٍ من الشَّبِم القَراحِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير