(4) حدثنا وكيع عن إبراهيم بن يزيد عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {عرضت علي الذنوب فلم أر فيها شيئا أعظم من حامل القرآن وتاركه) اهـ
تنبيهان:
التنبيه الأول:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن النسيان الذي ورد فيه الوعيد هو النسيان بمعنى ترك العمل لا نسيانه بعد حفظه ففي الاستذكار لابن عبد البر 2/ 487: (وقد كان بن عيينة يذهب في أن النسيان الذي يستحق عليه صاحبه اللوم ويضاف إليه فيه الإثم هو الترك للعمل به ومعلوم أن النسيان في كلام العرب الترك قال الله عز وجل (فلما نسوا ما ذكروا به) الأنعام 44 أي تركوا وقال (نسوا الله فنسيهم) التوبة 67 أي تركوا طاعة الله فترك رحمتهم ونحو ذلك حدثني سعيد بن نصر وإبراهيم بن شاكر قالا حدثنا عبد الله بن عثمان قال حدثنا سعد بن معاذ قال حدثنا بن أبي مريم قال حدثنا نعيم بن حماد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول في معنى ما جاء من الأحاديث في نسيان القرآن قال هو ترك العمل بما فيه قال الله تعالى (اليوم ننسكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا) الجاثية 34 وليس من اشتهى حفظه وتفلت منه بناس له إذا كان يحلل حلاله ويحرم حرامه قال: ولو كان كذلك ما نسي النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه قال الله عز وجل (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله) الأعلى 6 7 وقد نسي رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أشياء وقال ذكرني هذا آية أنسيتها) اهـ. وفي الزواجر لابن احجر الهيتمي 1/ 201
(وحمل أبو شامة شيخ النووي وتلميذ ابن الصلاح الأحاديث في ذم نسيان القرآن على ترك العمل , لأن النسيان هو الترك لقوله تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} قال: وللقرآن يوم القيامة حالتان:
إحداهما: الشفاعة لمن قرأه ولم ينس العمل به.
والثانية: الشكاية على من نسيه: أي تركه تهاونا به ولم يعمل بما فيه , قال: ولا يبعد أن يكون من تهاون به حتى نسي تلاوته كذلك انتهى.
وهذا الذي زعم أنه لا يبعد هو المتبادر من النسيان الواقع في الأحاديث السابقة فهو المراد منها خلافا لما زعمه. وسيأتي في حديث البخاري في كتاب الصلاة تشديد عظيم وعذاب أليم لمن أخذ القرآن ثم رفضه ونام عن الصلاة المكتوبة , وهذا ظاهر في النسيان أيضا.) اهـ
التنبيه الثاني:
ذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بنسيان القرآن أي نسيه بحيث لا يستطيع أن قرأه من المصحف قال الخادمي في بريقة محمودية 4/ 194: (ومنها نسيان القرآن بعد تعلمه) من القراءة من المصحف لا عن ظهر القلب , وإن ذهب إليه بعض فلا يدخل في الوعيد من حفظ سورة مثلا , ثم نسيها إن قدر على القراءة من المصحف كما مر ... ) اهـ
ولعل مرادهم أنه يرجع إلى المصحف فيتذكر الموضع الذي نسيه بالمراجعة كما تقدم عن ابن حجر الهيتمي ولا يمكن أن يكون مرادهم أنه ينسى القرآن كليا ثم يقرأه من المصحف وإلا لما أمكن وجود شخص ينسى القرآن فيستحق الوعيد المذكور لأن كل من يعر ف القراءة سيقرأه من المصحف) اهـ
وفي مطالب أولي النهى 1/ 604
(قال أبو يوسف يعقوب) , صاحب الإمام أبي حنيفة (في معنى حديث نسيان القرآن: المراد بالنسيان: أن لا يمكنه القراءة في المصحف) , وهو من أحسن ما قيل في ذلك.
(ونقل ابن رشد المالكي الإجماع على أن من نسي القرآن لاشتغاله بعلم واجب أو مندوب , فهو غير مأثوم) اهـ
كتبه / عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
منقوووول
ـ[د. أنمار]ــــــــ[11 Jan 2007, 10:13 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الصبر الجميل]ــــــــ[11 Jan 2007, 01:20 م]ـ
وإياكم سيدي الكريم
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[17 Jan 2007, 02:24 ص]ـ
بحث مبارك .. جزيت خيراً ..
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[17 Jan 2007, 05:45 ص]ـ
حفظناه على أمل قراءته
لك منا جزيل الشكر ومن الباري الثواب ان شاء الله
ـ[معلمة]ــــــــ[24 Mar 2009, 05:22 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أم عبداللطيف]ــــــــ[24 Mar 2009, 06:14 م]ـ
هناك اشكال يرد هنا
كيف نرد على من يتعلل بعدم حفظه للقرآن بالوعيد الوارد لمن نسيه؟؟
ـ[أبو الحارث العامودي]ــــــــ[24 Mar 2009, 09:33 م]ـ
تقول الأخت الكريمة:"كيف نرد على من يتعلل بعدم حفظه للقرآن بالوعيد الوارد لمن نسيه؟؟ ". وحق لها أن تستشكل الأمر، لأن ما ورد في المقال من أقوال للعلماء حول نسيان ما حفظ عن ظهر قلب عجيب، ولا يزول العجب حتى نقرأ ما ورد في آخر المقال من أقوال لبعض العلماء من أن النسيان هو تعمد ترك العمل. وهذا هو الصحيح. وقد ورد النسيان في القرآن الكريم بالمعنى الأصلي وهو الترك:" نسوا الله فنسيهم"، " فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا"
لو سلمنا بصحة الحديث الرئيس في الموضوع فينبغي حمله على المعنى الأصلي في اللغة، أي تعمد الترك وإهمال العمل بمقتضى الآية. وبدليل أن الكلام عن إيتاء القرآن. وهذا يذكر بقوله تعالى:" واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين". ثم هل يعقل أن يكون النسيان بعد الحفظ عن ظهر قلب أكبر الذنوب، وهل يخل إنسان من ذلك؟
ثم ما الدليل على أن حفظ القرآن عن ظهر قلب هو من الواجبات الشرعية حتى يكون النسيان كبيرة فوق كل الكبائر. أما الحفظ لغة فلا يعني الاستظاهر غيبا. والصحيح أن نقول:" حفظ عن ظهر قلب" حتى يكون بمعنى الاستظهار غيبا، أو الاستذكار غيبا. وكذلك الاستذكار لا يكون غيبا حتى نقول عن ظهر قلب.