تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن أصحاب الاتجاه الوصفي وسمية المنصور -في رسالة الماجستير (صيغ الجموع في القرآن الكريم،1977م.) - صنفت (أشياء) في الصيغة (أفْعال)، وهذا دليل على متابعتها قول الكسائي ابتداء. وقد تناولت أقوال النحويين فيها ودرست ما أثارته من قضايا ومنها موقفهم من علة منعها الصرف، ومنها وزنها، ومنها جموع (أشياء)، ومنها تصغيرها، وقالت الباحثة عن منعها الصرف: "ويمكن أن تكون منعت من الصرف شذوذًا وفي هذا المستوى من الاستخدام وهو القرآن؛ لأنّ المشكلة التي أثيرت حول أشياء إنما كان منشؤها من هذه الآية" (84). وانتهت الباحثة إلى "أنَّ أشياء على أفْعال للأسباب الآتية:

1) أن فَعْل المعتل يجمع على أفْعال (85).

2) جواز كون أشياء على وزن أفعال من حيث الصوت.

3) اعتبارها أفعال لا يخلق بلبلة في تصنيفها من حيث اعتبارها جمعًا أو اسم جمع." (86).

والباحثة أشارت إلى أمر مهم هو أن المشكلة مرتبطة بهذه الآية وهو أمر يوحي بأنها مصروفة في غيرها؛ ولكن قول أبي حاتم عن سماع النحويين العرب لا تصرفها فيه إيهام أن الكلمة عرفت عن العرب ممنوعة من الصرف، والغريب أنّنا لم نجد النحويين استشهدوا لها بأيّ شاهد.

ولعل إدراك ارتباط القضية بالسياق كان جديرًا أن يدفع البحث في مسار آخر ولكن الكلمة لم تكن سوى جزئية في عمل ضخم يتعذر معه طول التأمل، على أن النظر في السياق هو الذي أفضى إلى ما انتهى إليه أصحاب الاتجاه الصوتي.

ثانيا: الاتجاه الصوتي

ذهب إلى ذلك محمود البشبيشي من الاسكندرية (*)، ويتبين هذا من الاعتراض الذي كتبه محمد غنيم في صفحة البريد الأدبي من مجلة الرسالة عدد 788 شوال 1367ه أغسطس 1948م وعنوانه (أحسن ما قيل في كلمة أشياء) ص 906 - 907. وكذلك كتب أحمد أحمد العجمي في الموضع نفسه ص 907: وفحوى ردّ العجمي أن السبب الصوتي غير مقبول لوروده في آيات أخرى دون منع الصرف مثل قوله تعالى: ?وَمَا أَنْزَلَ الّرحمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ? [15 - يس] وقوله تعالى ?وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِير? [9 - الملك].

ورد عليهما البشبيشي في العدد 789 شوال 1367 أغسطس 1948م قال: "وإنه لو وردت (أشياء) مصروفة في الآية الكريمة ?لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ? لتكرر حتمًا مقطعان بلفظ واحد، وكان ذلك مخلا إلى حد ما بحسن الجرس والتناسق ولا شك أن القرآن الكريم في المكان الأول من رعاية هذا التناسق، والسلامة من كل مظان التنافر، وهذا –قلت- من أعظم وجوه الإعجاز، ولولا ذلك لجرى على كلمة (الأشياء) ما يجرى على كلمة (أفياء) وأمثالها من جموع القلة التي توازنها، ولا وجه للقياس على توالي المقطعين بتكرار (إن) في قوله تعالى: ?مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِير? كما يقول الأستاذ العجمي، فإن القياس مع الفارق كما يقولون؛ إذ من الممكن بل من الحسن الوقف على كلمة (شيء) في هذه الآية وفي الآية الثانية التي أوردها الأستاذ العجمي، ويكون البدء بما بعد كلمة (شيء) في الآيتين مما يزيد المعنى قوة؛ وإذًا لا يتوالى مقطعان، على أن همزة (شيء) مسبوقة بحرف لين صامت وهمزة (أشياء) مسبوقة بحرف مد صاعد ولذلك تأثيره في ثقل المقطعين، أما كلمة (أشياء) في آية المائدة (وهي محل البحث فإنها مرتبطة بما يليها من الآية الكريمة ارتباط الموصوف بصفته؛ والصفة هنا قيد في صاحبها، فلا بد من وصلهما حتى يكون معنى النهي في الآية واضحًا ولا بد إذًا من توالي المقطعين، وهذا ما أجعله علة المنع من الصرف؛ وعلى ذلك يمكن القول – في غير حرج- أن ورود كلمة (أشياء) غير مصروفة راجع إلى الجو المحيط بها في الآية الكريمة فلو خرجت منه جاز عليها ما يجوز على سواها" (87).

ورد أحمد أحمد العجمي في العدد 790 ص967 برد مفاده أن ما ذهب إليه البشبيشي غير مقنع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير