تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وورد في مجلة المورد العدد 3 سنة 1419 - 1998م مقال بعنوان (ما قيل في أشياء) لهاشم طه شلاش في ص61 - 69 قال في نهايته عن رأي رمضان عبد التواب "والذي قرأناه رأي جميل. والذي يدعو إلى التأمل والاستفسار هو: ألم ترد كلمة أشياء نكرة في نصوص عربية قبل الإسلام؟ وإذا كانت واردة كذلك ألم تكن ممنوعة من الصرف، أكان تكرار المقطع هو السبب في منعها؟ هذه الأسئلة وغيرها تدعو إلى استقراء النصوص العربية قبل الإسلام لإزالة الغموض عن كلمة واحدة قيل فيها ما قيل" (94).

وممن وقف عند كلمة (أشياء) فوزي الشايب الذي درسها غير مرة، درسها في رسالتي الماجستير والدكتوراه وفي بحث نشر في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق. وذكر في الحاشية (279) من بحثه في المجلة أنه حين انتهى-في رسالة الماجستير- إلى تفسير صوتي لمنع أشياء من الصرف ظن أنه أول من تنبه إلى ذلك لكنه علم بعد ذلك بكتاب عفيف دمشقية ثم ببحث رمضان عبدالتواب (95)؛ ولكنه لم يقف على ما ورد في مجلة الرسالة ولا مجلة الأزهر وهو سابق لما جاء عند عبدالتواب ودمشقية.

ولكن درس الشايب له أهمية بالغة فهو لا يكتفي بتفسير منع (أشياء) من الصرف بل يجعل هذا قانونًا عامًا لا يخصها وحدها، قال: "لو وقع مكان (أشياء) في سياق كهذا كلمة أخرى مشابهة مثل: أجزاء أو أنحاء أو أسماء ... لوجب منع صرفها هي الأخرى للعلّة ذاتها التي منعت لأجلها (أشياء)، ألا وهي تتابع المقاطع المتماثلة" (96). وليس من السهل قبول هذا القانون الذي جاء به الشايب؛ لأن في القرآن ما اجتمعت فيه المقاطع المتماثلة ولم يمنع من الصرف، قال تعالى:? وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ? [15 - يس]، وقال تعالى:? وَقُلْنَا مَا أَنْزَلَ اللهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ? [9 - الملك]. اجتمع في الآيتين الكريمتين الهمزة المكسورة المنونة في (شيءٍ) وبعدها الهمزة المكسورة بعدها النون في (إِن). ولئن دفع الاستشهاد بالآيتين الكريمتين صحة القانون المذكور فإنه لا يدفع صحة القول بأن منع صرف (أشياء) مرده إلى العلة الصوتية المذكورة، ولا يلزم أن يكون هذا مطّردًا؛ ذلك أن الممنوع من الصرف قياسًا صُرف في القرآن لعلة صوتية، مثال ذلك صرف (سلاسل، وقوارير) في قراءة نافع وأبي بكر والكسائيّ؛ فمن حجج صرفها كونها رؤوس آي أو مشاكلة لرؤوس آي (97).

ويستدل الشايب على أن منع أشياء من الصرف مرهون بالسياق الصوتي بأنها جاءت في كلام العرب مصروفة عندما لم تقع في مثل هذا السياق، وهو أمر غفل عنه النحويون، وهو أيضا يبين أن قول أبي حاتم "أنّها سمعت عن العرب غير مصروفة" لا يستند إلى استقراء.

واستشهد الباحث بأربعة أبيات رأى أنها تكفي دليلا على صرف (أشياء). وردت (أشياء) مصروفة في قول الأعلم حبيب بن عبدالله:

جَزَى اللهُ حَبْشِيًّا بِما قالَ أَبْؤُسًا بِما رامَ أَشْياءً بِنا لا نَرُومُها (98)

وقد يعترض هذا بأن الشاعر اضطر إلى صرف الكلمة وهو أمر جائز، وقد ذكر الباحث هذا الجواز في موضع من بحثه إذ قال:" إن صرف كل ما لا ينصرف جائز في الضرورة الشعرية عند البصريين، وهو قضية مسلم بها ومقطوع بصحتها عندهم، فلا تحتاج إلى نقاش، ولقد بتّ بالحكم فيها سيبويه" (99). أما الشارح -السكري- فجعلها ممنوعة من الصرف في قوله يشرح البيت: "يقول: تناول منّا أشياءَ لا نتناولها منه" (100).

وقال بشار بن برد:

أَمّا الحَياة فَكُلُّ النّاسِ يَحْفَظُها وَفِي المَعِيشَةِ أَشْياءٌ مَناكِيرُ (101)

وقد ذكر الباحث أنه قد يعترض بأن البيت يمكن أن يستقيم وزنه مع منع الصرف، وأجاب عن ذلك بقوله: "ولكن هذا الاعتراض يدفع بأن الأصل في التفعيلة إذا كان متأتيًا مع صحة الوزن فهو أولى، ومنع صرف (أشياء) يؤدي إلى وجود زحاف الطيّ، وعدم وجود زحاف أولى" (102). ولكن الاعتراض قائم من جهتين أخريين، إحداهما أن البيت لشاعر مولد، والأخرى أن احتمال الضرورة قائم. هذا غير احتمال الرواية الأخرى (أبلاء).

وقال أبو قيس بن الأسلت:

أَرَبَّ النّاسِ أَشْياءٌ أَلَمّتْ يلفُّ الصَّعْبُ مِنْها بِالذَّلُولِ (103)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير