تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا تُظهِرَنَّ لِذي جَهلٍ مَعَاتَبةً فَرُبَّما هُيِّجَت بالشَّىءِ أشياءُ

وقول عبيد بن أيوب العنبري:

لَنَصفَحُ عَن أَشياءَ مِنهُم تَريبُنا وَنصدفُ عَن ذي الجَهلِ مِنهُم وَنَحلمُ

وقول عمر بن أبي ربيعة:

لَنَصفَحُ عَن أَشياءَ مِنهُم تَريبُنا وَنصدفُ عَن ذي الجَهلِ مِنهُم وَنَحلمُ

وقول كثير عزة:

وَأُغضي على أَشياءَ مِنكِ تَريبُني وَأُدعَي اِلى ما نَابَكُم فَأُجيبُ

وقول مجنون ليلى:

يَسوسُ وَما يَدري لَها مِن سِياسَةٍ يُريدُ بِها أَشياءَ لَيسَت تُريدُها

ولكن نجد (أشياء) مصروفة في قول قيس بن الخطيم:

ثأرْتُ عَدِيًّا والخَطِيمَ فَلَمْ أُضِعْ ولاية َ أشياءٍ جعلتُ إزءها

وقول الطرماح:

فَما أَنسَ مِل أَشياءِ لا أَنسَ مَيعَةً مِنَ العَيشِ إِذ أَهلُ الصَفاءِ جَميعُ

ونجد من الشعراء العباسيين بعد ذلك من صرفها كما في قول بشار:

لِلناسِ حاجاتٌ وَمِنّي الهَوى يُذكيهِ شَيءٌ بَعدَ أَشياءِ

وقول ابن الرومي:

ثلاثةُ أشياءٍ ففي اثنين منهما رِضائي وسُخطي في المُثَلَّث منهما

والذي يبدو أن منع (أشياء) الصرف في الشعر أكثر من صرفها.

خاتمة:

وردت (أشياء) ممنوعة من الصرف في موضع واحد في القرآن (101 - المائدة)؛ فلربما انطلق النحويون من هذا الاستخدام المفرد - لا من واقع استعمال اللفظ عند العرب- فراحوا يفسرون علة المنع من الصرف، وهم يعلمون شذوذ المنع هنا؛ إذ لو لم يكن كذلك لما وجدوا حاجة إلى إفراد القول فيه، ولما وقع الخلف بينهم في علة المنع من الصرف. والخطأ الذي وقع فيه القدماء أنهم لم يستقروا استخدامها عند العرب، ولم يتنبهوا إلى موقعها من السياق؛ فانطلقوا يفسرون جازمين بمنعها من الصرف، وشغلهم الاختلاف في سبب منعها الصرف عن التفكير في القضية الأساسية وهي كونها من الألفاظ التي حقها الصرف. ورأينا كيف سار بحثهم في اتجاهين مختلفين أحدهما ذهبوا فيه إلى أن منعها الصرف كان لأنها مؤنثة حقيقة بانتهائها بألف التأنيث الممدودة، والاتجاه الثاني أنها منعت الصرف لأنها مؤنثة توهما حين حملت -لمشابهتها الشكلية لما ينتهي بألف تأنيث- على مثل: صحراء. ورأينا كيف ذهب الخليل في المسار الأول إلى أن بناء (أَشْياء) هو: (فَعْلاء) وهو بناء تمنع الألفاظ التي جاءت عليه من الصرف وزعم الخليل أن اللام منه قد تقدمت منعًا لتجاور المتماثلات فصار الوزن (لَفْعاء)، وقد لقي جمهور النحويين قوله بالقبول على الرغم من المشكلات التي يثيرها هذا القول. أولها أنه زعم لا دليل عليه، والثاني الاضطرار إلى القول بنقل اللام، والثالث أنّ الواحد على (فَعْل) لا يجمع على (فَعْلاء)، وأما الزعم بأنه اسم جمع فضعيف لأن اسم الجمع لا واحد له من لفظه، والرابع أنه لو كان مؤنثًا لكان العدد معه غير مختوم بتاء التأنيث (ثلاثة أشياء).وقد أعدنا الإشارة إلى قول الخليل لأهميته عند جمهور النحويين أما بقية الأقوال في هذا الاتجاه فنكتفي بما عرض من نقدها سابقًا، أما قول الكسائي فقد حال دون الأخذ به التعصب لرأي الخليل وتقديمه. وهو أجود الأقوال القديمة غير أنه مثلها قد انطلق من جزم مطلق بمنع اللفظ من الصرف. وأما المحدثون فمنهم من قال بأنّ منعها من الصرف أمر خاص بالآية الكريمة، وكأنه ينادي بصرفها في غير هذا الموضع لأنه لا علة لمنعها الصرف. ومنهم من قال بأنها منعت الصرف -في الآية-لعلة صوتية مرهونة بالسياق، وعليه فإنها تصرف متى فارقت ملابسات منعها. ولكن النحويين القدماء والمستخدمين من بعدهم جروا على منع (أشياء) من الصرف في لغتهم وتآليفهم، من ذلك ما نجده في الحديث النبوي الشريف؛ إذ وردت (أشياء) 114مرة (111)، منها (102) ضبطت الكلمة بالفتحة (أشياءَ) وكانت منصوبة في مواضع ومجرورة في مواضع أخرى، ومنها (12) ضبطت بالضمة (أشياءُ) لأنها مرفوعة. ومن ورودها ممنوعة من الصرف في التأليف هذا النص:"أين كنت؟ قلت: خرجت إلى البادية في أشياءَ استفدتها من العرب" (112). ومن ذلك أنا نجد ابن مالك في ذكره لأبنية اسم الجمع يقول:"ومنها (فَعلاء) لنحو قصبة، وحَلِفة، وطَرْفاء، وشيء" (113). ومعنى ذلك أنها عنده منتهية بألف تأنيث ممدودة؛ لذلك صنفها هذا التصنيف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير