آدم؛ فوجه الخطاب إليهما بصيغة الجمع باعتبارهما مع الذرية؛ هذا هو الظاهر؛ وأما حمله على أن أقل الجمع اثنين، وأن ضمير الجمع هنا بمعنى ضمير التثنية فبعيد؛ لأن كون أقل الجمع اثنين شاذ في اللغة العربية.
وجاء في: شرح العقيدة الواسطية: وقوله: {ولتصنع على عيني}، بالإفراد، هل ينافي ما سبق من ذكرها بالجمع؟! الجواب: لا تنافي، وذلك لأن المفرد المضاف يعم فيشمل كل ما ثبت لله من عين، وحينئذ لا منافاة بين المفرد وبين الجمع أو التثنية. إذاً، يبقى النظر بين التثنية والجمع، فكيف نجمع بينهما؟! الجواب أن نقول: إن كان أقل الجمع اثنين، فلا منافاة، لأننا نقول: هذا الجمع دال على اثنتين، فلا ينافيه. وإن كان أقل الجمع ثلاثة، فإن هذا الجمع لا يراد به الثلاثة، وإنما يراد به التعظيم والتناسب بين ضمير الجمع وبين المضاف إليه.
وقد فسر بعض المفسرين العين بالرؤية بدون عين، وقالوا: {بأعيننا}: برؤية منا، يعني: كأنما نراك ولنا عين.
الشاعر العباسي الوأواء الدمشقي
لاَ غَرْوَ إِنْ قَتَلَتْ عُيُونُكِ مُغْرَماً - فَلَكَمْ صَرَعْتِ بِها مِنَ الآسَادِ
رِفْقاً بِمَنْ أَسَرَتْ عُيُونُكِ قَلْبَهُ - وَدَعِي السُّيُوفَ تَقِرُّ في الأَغْمادِ
الشاعر الفاطمي ابن قلاقس
أعن وسَنٍ ترنو عيونُك أم سُكْرِ - أم اسْترَقَتْ من بابلٍ صنعةَ السِّحْرِ
الشاعر الفاطمي ناصح الدين الأرجاني
فَدُونَك من نَفْسي عُيونَك فاستَمعْ - لِمخْتَصرٍ ما عنده غيرِ شارح
أحمد بن علوان
أَسُمٌّ في عيونك أَم رحيق - هداك اللَه أَم نفَس وَريق
شهاب الدين الخلوف
لَوْلاَ غَمَامُ نَدَى أيْدِيكَ يُمْطِرُنَا - لأصْبَحَ الجُود فِينَا كَاسِفَ البَالِ
أبو دهبل الجمحي
وَكَيفَ أَنساكَ لا أَيديكَ واحِدَةٌ - عِندي وَلا بِالَّذي أَسدَيتَ مِن قِدَمِ
البلاغة في جمع الاثنين وتناوب جمع القلة وجمع الكثرة
البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وجمع القلة وجمع الكثرة قد يتناوبان بحسب الضرورة البلاغية التي يتطلبها السياق.
إذا رأيت نيوب الليث بارزة ** فلا تظنن أن الليث يبتسم
فاستخدم الجمع وجمع الكثرة (نيوب) على وجه الخصوص مع أنهما نابان اثنان، وليسا كثرة وليسا جمعا، والسبب هو أن الفصاحة والبلاغة في هذا السياق تقتضي المبالغة من أجل الدلالة على ضخامة تلك النيوب وتصوير مدى الرعب الذي تثيره.
ومن جهة أخرى لا مجال للطعن أو للتشكيك في فصاحة وبلاغة أبو الطيب المتنبي وهو المعروف بمناظراته مع مشاهير النحاة وتمكنه من ناصية الشعر واللغة.
وأما في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
فقد أُتي بجمع الكثرة للدلالة على طول المدة على نفس المطلقة كما تفضل الزملاء، والقرآن الكريم بليغ كله.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 08:55 ص]ـ
قد يرد لفظ التثنية مجموعا للتوسع في الكلام استنادا إلى القاعدة اللغوية:
"أقل الجمع اثنين"
لأن العرب كانت تتوسّع في كلامها وشعرها فتجعل الاثنين جمعاً
البلاغة في جمع الاثنين وتناوب جمع القلة وجمع الكثرة
البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وجمع القلة وجمع الكثرة قد يتناوبان بحسب الضرورة البلاغية التي يتطلبها السياق.
إذا رأيت نيوب الليث بارزة ** فلا تظنن أن الليث يبتسم
فاستخدم الجمع وجمع الكثرة (نيوب) على وجه الخصوص مع أنهما نابان اثنان، وليسا كثرة وليسا جمعا، والسبب هو أن الفصاحة والبلاغة في هذا السياق تقتضي المبالغة من أجل الدلالة على ضخامة تلك النيوب وتصوير مدى الرعب الذي تثيره.
ومن جهة أخرى لا مجال للطعن أو للتشكيك في فصاحة وبلاغة أبو الطيب المتنبي وهو المعروف بمناظراته مع مشاهير النحاة وتمكنه من ناصية الشعر واللغة.
وأما في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)
فقد أُتي بجمع الكثرة للدلالة على طول المدة على نفس المطلقة كما تفضل الزملاء، والقرآن الكريم بليغ كله.
بارك الله فيك أخي الباحث
العالم الفاضل (منذر أبو هواش)
وأحسن إليك
وغفر لك ولوالديك
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 12:13 م]ـ
أخي الفاضل .. منذر أبو هواش.
أشكر لك مداخلتك القيمة، ولكن ثمة تنبيه يجب أن يقال؛ لأني أحس أن هناك لبسًا في فهم الهدف من طرح الموضوع.
فلم يُطرح هذا الموضوع للطعن أو التشكيك بفصاحة وبلاغة أبي الطيب المتنبي، إنما الهدف من طرح الموضوع الاستفادة من آراء الأساتذة في الفصيح في تخريج هذا البيت، وأزعم أن الموضوع حقق هدفه المنشود إذ لم تخلُ مداخلة من مداخلات الإخوة من فائدة ظفرنا بها.
حتى عنوان الموضوع ينبئ بذلك: ((هل أخطأ أبو الطيب المتنبي)) فلم نقرر خطأ شاعرنا الكبير، إنما طرحناه سؤالاً أمامكم.
وللجميع صادق المحبة والمودة،،