تفسير عبارة سيبويه هو الآتي: وإذا سميت رجلا بالفعل (اضرب) الذي همزته همزة وصل لم تصرفه وقطعت همزته عند إرادة الاسم،
حياكم الله شيخنا الجليل،
أعلمُ وكلٌّ يعلم أن سيبويه يريد التسمية بالفعل المبدوء بهمزة الوصل، وقوله (لم تصرفه وقطعت الألفات حتَّى يصير بمنزلة الأسماء) يعني به الفعل الأساس الذي همزته همزة وصل، وذلك إذا سمي به رجل حيث ينتقل من الفعلية مباشرة إلى العلمية، وإنما قطع سيبويه (أو عبد السلام) همزة الفعل في عبارته لأنه حكاه بلفظه، ولا يقتضي قطع الهمزة في العبارة أن نتجاهل السياق المراد مع وضوحه فنقول:
أيتصورعاقل أن يكون مراد سيبويه: (إذا سميت بالاسم (إضرب) الذي همزته همزة قطع منعته من الصرف وقطعت همزته؟)
فلو تعين هذا التفسير الظاهري لتعين أنك حينما تعرب (حضر زيدٌ) فتقول: (حضر فعلٌ ماض)، لتعين أن يكون (حضر) في إعرابك فعلا لأنك قلت إنه (فعلٌ)، وما هو بفعل، وإنما تريد الفعل الذي في الجملة الأساس، أما (حضر) الذي في عبارتك فهو اسم مبتدأ بدليل أنك أسندت إليه الخبر، والاسم (حضر) في كلام المعرب كالاسم إضرب في عبارة سيبويه والمراد إنما هو الفعل الباقي على فعليته وليس المنتقل إل الاسمية بالحكاية على اللفظ.
والضبط الذي نقله الأخ جلمود هو ضبط عبد السلام هارون رحمه الله وليس ضبط سيبويه،
أما ضبط عبد السلام هارون حيث قطع الهمزة في قوله (وإذا سميت رجلا بإضرب ... ) فهو الصحيح ولا يُحكم بمخالفته ضبطَ سيبويه إلا إن وجد نص سيبويه نفسه مختلفا.
فهل كان نقلكم في الرد السابق من مصدر كان الضبط فيه لسيبويه نفسه؟
فإن لم يوجد فالأخذ بضبط المحقق أوثق، ودليل ذلك أنه لو كانت الكلمة باقية على الفعلية لما جاز دخول الباء عليها! أوَتُجرّ الأفعال؟؟
ومثل ذلك قولكم:
تفسير عبارة سيبويه هو الآتي: (وإذا سميت رجلا بالفعل اضرب الذي همزته همزة وصل لم تصرفه وقطعت همزته عند إرادة الاسم)
فالقياس أن تقطع همزة (إضرب) في عبارتكم لأن وصل همزته يدل على أنه باق على الفعلية، والأمر خلاف ذلك لأنكم ـ وإن كنتم تريدون الفعل الأساس ـ قد حكيتموه ووضعتموه في موضع لا يكون إلا للاسم، ألا تراه في محل جر بدلا من الاسم الذي قبله وهو (الفعل)، والفعل لا يبدل من الاسم إلا أن يكون بمنزلته ومن ذلك المحكي على لفظه.
وأما كتابتك لال فضبطك خطأ، لأنه لا فائدة من أن تكون الهمزة مقطوعة ثم أقول: تقطع الهمزة في التسمية.
وهل همزة أل الباقية على حرفيتها مقطوعة؟
أستاذي: يجري على (أل) ما تقدم، وهو أني حينما أقول (تقطع همزتها في التسمية) فإنما أقصد إذا سميت بها فنقلتها من أصلها الحرفي (حيث همزتها همزة وصل) إلى العلمية، وينسحب هذا عليها أيضا في كل حال فارقت فيها الحرفية كأن تحكى منفصلة عما دخلت عليه.
يا للاحتجاج الرائع!!!!!!!!!
لقد سألت الله صادقا في ظهر الغيب أن يجعل لكم بكل حرف أو رقم كتبتموه حسنة بما في ذلك علامات التعجب، اللهم آمين.
تحياتي ومودتي
ـ[أبو عمار الكوفى]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 12:11 ص]ـ
أستاذيَّ الكريمين: الأغر، المعشى: نفعنا الله بعلمكما، وما أروع الحوار بينكما!! واسمحا لي بحشر رأسي الصغير بين صفحتي كتابيكما:
أفهم من الحوار الرائع وأضيف إليه ما يلي:
أولا: أن الاسم الذي همزته همزة وصل وكذلك الحروف – أقصد " ال " – وكذلك الأفعال، تبقى همزتها على أصلها - وصلا – عند استخدامها على حقيقتها، وأقصد بالتحديد عند تنزيلها منزلة الاسمية أو الفعلية أو الحرفية
ثانيًا: عند حكاية تلك الأسماء أو الأفعال أو الحروف، بنقلها من دلالتها لتصير في معنى المسند إليه (المحكوم عليه) فلا يخلو الكلام من أحد أمرين:
أ - أن تُستخدم كأعلام، كان نقول: جاء اضربُ (إضربُ) – بقطع الهمزة أو وصلها - أو: اضربُ (إضرب) مؤدبٌ. أو مات الُ " ألُ " إلى غير هذا
ب – أن تُحكى بلفظها – دونما علمية – ويسندُ إليها، كأن يُقال: ضرب فعلٌ ماض، ال حرفُ تعريف.
وفي الحالتين الأخيرتين يُطلق على هذا: إسنادًا مجازيًّا، وحينئذٍ، جاز حكاية اللفظ على حاله دون تغيير، فنقول: قالَ فعلٌ ماض، الْ حرف تعريف، وجاز أن نُغير مراعين الوضع الجديد فنقول: ألٌ حرف تعريف، وقالٌ فعلٌ ماضٍ، اضربٌ فعلُ أمر.
والذي فهمته من كلام سيبويه:
(وإذا سميت رجلا بالفعل اضرب الذي همزته همزة وصل لم تصرفه وقطعت همزته عند إرادة الاسم) أنك جعلت " اضرب " علمًا أي اسمًا، فصار له حكم الاسم، وبما أنّ " اضرب " – الاسم – ليس لهمزة الوصل فيه نصيب صارت همزته همزةَ قطع، فتقول: جاء إضربُ، وإضربُ فعلُ أمرٍ.
هذا ما فهمته – حسب قصور فهمي – من كلام سيبويه ومن نقاش البارعين غير أن الأهم من هذا أن تحجير الرأي فيه مشقة، ولكل رأي يخطئ ويصيب، والحوار الهادئ الخالي من النبرة العالية يوصل للفهم.
ولربما كان فهمي خطأ، وما المشكلة في هذا، لعلي أستفيد من خطئي أكثر من استفادتي من الصواب. غفر الله لكما وأثابكما بقدر ما أفدتما.
والله أعلم.:
¥