ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخ العزيز الأستاذ الكبير بديع الزمان ... صانك الله ذخرا للمنتدى فقد عرفتك تُدني الجنى الجنيّ والثمر الشهي بتواضع وصمت ..
وقبل أن أشكرك على ثنائك الجميل وخلقك النبيل وأدبك الجم وسناءك السنيّ أعتذر عن تساهلي في التعبير عندما قلت: (وقال لا يجوز أن تكون (دامية) حالا من (الرايات))
وكان ينبغي أن أقول: واستشكل أن تكون ........
ثم أقول:
ها قد تهامس زهر الروض إسرارا ***** لكن صُدّاحه لم تُبق أسرارا
تشدو لمقدم من حاكت شمائلَه ****** نسائمُ الروض إجلالا وإكبارا
هذا بديع الزمان اليوم زائرنا ******* أكرم به زائرا يهديك أنوارا
قلت - أخي الكريم-:
في عبارة سيبويه (مررت برجل معه صقر صائدا به) هل ترى مانعا من إعراب (صائدا) حالا من رجل المجرورة بالباء؟ (مجرد استفسار).
أقول: المانع من ذلك أن (صائدا) واقع في الجملة الواقعة صفة للرجل، لأن التقدير كما ذكرت: مررت برجل استقر معه صقر صائدا به، وما يقع في جملة الصفة لا يصح أن يكون حالا من الموصوف، ففي قولنا: مررت برجل يقف ضاحكا، لا يجوز أن يكون (ضاحكا) حالا من الرجل، وإنما هو حال من الضمير المستتر في الفعل (يقف) وكذلك الصلة لا يجوز لحال واقع في جملة الصلة أن يكون حالا للاسم الموصول، فمثلا لو قلنا: جاء الذي يبذل المال سخيا، لا يجوز أن يكون (سخيا) حالا من (الذي) وإنما هو حال من الضمير المستتر في (يبذل).
ولو قيل: مررت برجل معه صقر صائدا، دون أن يذكر (به) لجاز أن تجعل (صائدا) حالا من (رجل)، لأنه عندئذ يمكن ألا يجعل من جملة الصفة، ويكون التقدير: مررت برجل صاحب صقر صائدا، لكن وجود الضمير العائد للصقر في (به) الجار والمجرور المتعلقين بـ (صائدا) جعله جزءا من جملة الصفة، فلم يصح أن يكون حالا للموصوف.
أخي العزيز
(دام) يمكن أن يكون اسم فاعل إذا دل على الحدوث والتجدد كما لو رأيت رجلا مشجوج الرأس فقلت: هذا رجل دامٍ رأسه، أي: يدمى رأسه الآن، ففي مثل هذه الحال لا أرى مانعا في القياس أن يضاف إلى فاعله، فيقال: هذا رجل دامي الرأس، وفي الحال من المعرفة نقول: مررت بزيد دامي الرأس، بمعنى مررت به ورأسه يدمى. وليس كل فعل يجوز فيه مثل هذا، لأن الوصف المشتق إذا أضيف استكن فيه ضمير عائد للموصوف فيجب أن يكون المضاف إليه جزءا من هذا الضمير، ففي (دامي) ضمير زيد، والرأس جزء من هذا الضمير، ولو قلت: مررت برجل جالس الأخ، لم يجز لأن الأخ ليس جزءا من الضمير المستتر في جالس. والله أعلم.
وأوافقك الرأي أن (دامية) صفة مشبهة باسم الفاعل، ولا إشكال عندي في وقوعها حالا وإن دلت على صفة ثابتة أو ما هو منزل منزلتها، وهذه الشروط التي تفضلتم بإيرادها ذكرها المتأخرون بناء على الشواهد التي ذكرها ابن مالك، وابن مالك نفسه لم يشترط في شرح التسهيل وهو آخر كتبه هذه الشروط والضوابط، فقال رحمه الله:
(ومن ورودها (أي الحال) دالة على معنى منتقل قوله تعالى: (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا) و (خلق الإنسان ضعيفا) و (يوم أبعث حيا) و (طبتم فادخلوها خالدين) ومن كلام العرب: خلق الله تعالى الزرافة يديها أطول من رجليها.
وقد اجتمع الجمود والانتقال في قولهم: هذا خاتمك حديدا، وهذه جبتك خزا، وهما من أمثلة سيبويه.
وإنما كان الحال جديرا بوروده مشتقا وغير مشتق، منتقلا وغير منتقل، لأنه خبر في المعنى، والخبر لا حجر فيه، بل يرد مشتقا وجامدا ومنتقلا ولازما، فكان الحال كذلك، وكثيرا ما يسميه سيبويه خبرا .... ) انتهى كلامه رحمه الله
فلم يذكر ابن مالك شيئا من تلك الضوابط، إذ لا داعي لها، وفي الأمر متسع، ولا أرى هؤلاء إلا أنهم ضيقوا واسعا. والله أعلم.
ويبقى اجتهادك أخي العزيز محل التقدير، مع كل الود يا بديع دهره، ودمت بخير لأخيك المحب.
ـ[أبومصعب]ــــــــ[28 - 04 - 2005, 03:01 م]ـ
الأحبة الكرام السلام عليكم
الأستاذ الكريم الأغر
قلتم: [مررت برجل معه صقر صائدا به
والعامل في الحال في هذا المثال معنى الاستقرار الذي تعلق به الظرف (معه) لأن التقدير: مررت برجل استقر معه صقر صائدا به
وقياسا على هذا المثال يجوز أن نقول: جاء مع زيد رجل ضاحكا]
هل العامل في الحال في المثال " جاء مع زيد رجل ضاحكا " معنى الاستقرار؟
وقلتم: [جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي]
قدرتم هنا موصوفا اعتمد عليه الظرف، فهل يعمل الظرف في الحال دون اعتماد؟
وهل من شاهد في عمل الظرف في الحال دون أن يعتمد على شيء؟
مع تحياتي وتقديري
ـ[العاطفي]ــــــــ[28 - 04 - 2005, 04:30 م]ـ
أي موقع هذا ;) ;)
أي كنز هذا ;) ;)
لله دركم يا أهل الفصيح، أشهد أنه كنز من كنوز الانترنت وأنكم درره!!
كلما وجدت مشاركة قلت هذه فريدة الدهر ولن أجد مثلها في هذا الموقع الرائع .. ولكن الفرائد تتوالى أسأل الله أن يجزي القائمين على هذا الموقع والمشاركين فيه خير الجزاء ..
وحق لي أن أتمثل فيكم بيت الشاعر يا أهل الفصيح:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ** مثل النجوم التي يسري بها الساري
شاركت في الحديث عن إعراب هذا البيت وكنتُ زعمتُ أن إعراب (دامية) حال .. وقد عزمت على استقصاء المسألة في مظانها لولا انشغالي بالبحث في تخصصي (الأدب) وضيق وقتي عن النظر في غيره في هذه المرحلة ... ولكنك أيها الأغر شفيت الصدور شفى الله صدرك وبيض وجهك ...
وفقكم الله ... العاطفي
¥