تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[حازم]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 07:40 ص]ـ

ما زالت " دامية " حائرة في مكانها، ولم يتقدَّم بها " الأغرّ " خطوة واحدة.

فقد خاض القوم في إعرابها، وقد جاءت في قَول الشاعر:

" معَ الراياتِ دامية الحواشي "

فقيل: إنها نعت لـ" الرايات "

وقيل: إنها حال من " الرايات "

ثمَّ تساءل القوم: إن كانت حالاً من " الرايات "، فما مسوِّغ وقوعها حالاً منه؟

فقال " الأغرّ " ابتداءً: تقاس على مثال " الكتاب "

" مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائدًا به "

حيث وجد كلمة " مع " في مثال " الكتاب "، ووجود " مع " في الجملة التي بين أيدينا " مع الراياتِ دامية "

وقال: تقاس " هذه على تلك "، وكما أُعربت هناك حالاً، على أحد قولي سيبويه، فتعرب هنا حالاً أيضًا، وهذا هو التعليل.

ولمَّا اعترضتُ عليه، بعدم صحَّة القياس، وأنه قياس فاسد، ولا يمكن أن تقاس جملتنا على جملة " الكتاب "، عَمدَ إلى جملة أخرى، من " الكتاب " أيضًا، ليجري القياس عليها، وهي الجملة التي اجتزأها سيبويه، من الجملة الأصلية، وهي قوله:

" معه باز صائدًا به "

وقال " الأغر ": (موضع القياس: جواز أن يأتي الحال مما أضيف إليه " مع "، أي: الوجه الثاني الجائز في " صائد "، وكأن الموصوف غير موجود)

قلتُ: لا يصحُّ هذا القياس أيضًا – يا أغرّ -.

فليس المقصود، أن تبحث عن كلمة " مع "، وتحاول تطبيقها على جملتنا.

مثالك الأخير من " الكتاب "، " معه باز صائدًا به "، جزء من كامل الجملة.

إذ أنَّ أصل الجملة: " مررتُ برجلٍ معه ... "

وكلمة " رجل " نكرة.

فاحتملت كلمة " صائد "، أن تكون نعتًا لـ" رجل "، وأن تكون حالاً من الضمير الراجع إليه.

وهذا هو عنوان الباب، في " الكتاب ":

(باب إجراء الصفة فيه على الاسم في بعض المواضع أحسن، وقد يَستوي فيه إجراء الصفة على الاسم، وأن تجعله خبرا فتنصبه)

ولا يمكن أن يكون المقصود من كلام سيبويه:

(كأنه قال: " معه باز صائدًا به "، حين لم يرد أن يحمله على الأول)

أن هذه الجملة مستقلة عن ما قبلها، ولكن هدفه الابتداء بها.

وقد عقَّب السيرافيُّ على كلام سيبويه، قائلاً:

(يعني كأنك بدأت فقلتَ: " معه ... "، لـ" رجل " جرى ذكره)

فإن قيل: فما فائدة ذكر جزء من الجملة؟

قلتُ: الابتداء بهذا الجزء: " معه ... "، عيَّن إعرابًا واحدًا للنكرة، التي رجع إليها الضمير، فأعربت " صائدًا " حالاً من الضمير، وامتنع إعرابها صفة.

ولهذا قال سيبويه:

(فهذا لا يكون فيه وصف، ولا يكون إلاَّ خبرًا) انتهى

أي: حالاً.

وهذا يُعرَف بـ" القطع والابتداء "، وهو أن تقف على كلمة، يحسن الوقف عليها، ثم تبتدئ بما بعدها، ولا بدَّ أن يحسن الابتداء بما بعدها كذلك، وينبني على القطع والوصل أحكام في المعنى والإعراب.

ومع ذلك، سأمضي مع مثال " الأغرّ "، كأنه جملة مستقلَّة، لننظر في صحة قياسها.

وقد قام بتعديل مثال سيبويه، وجعل كلمة " زيد " بدلاً من كلمة " رجل "، فقال:

" مع زيدٍ صقرٌ صائدًا به "

فهل يصحُّ قياس جملة " مع الراياتِ دامية الحواشي " عليها؟

قلتُ: لا يصحُّ، من وجهين:

الأول: أنَّ جملة " مع الراياتِ ... "، ليست جملة تامَّة المعنى، بل هي بعض جملة، وجملة " مع زيدٍ صقرٌ صائدًا به " تامة المعنى.

الثاني: مَن يتأمَّل أمثلة " الكتاب " يجد علاقة لازمة بين الحال، والمبتدأ.

نحو: " صقرٌ صائدًا به ".

" جبُّةٌ لابسًا غيرها " مِن الجملة " معه جبُّةٌ لابسًا غيرها "

" الفرسُ راكبًا بِرْذَونًا " مِن الجملة " معه الفرسُ راكبًا بِرْذَونًا "

وهذه العلاقة مفقودة في: " معَ الراياتِ دامية الحواشي ".

فإن قال " الأغر ": (ولكني لم أُجر القياس، بجملة " معَ الراياتِ دامية الحواشي ".

بل قلتُ الجملة الفعلية: " أتيت مع الرايات دامية الحواشي "، أو " جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي "، وجواز الحال فيها أولَى)

قلتُ: عدنا إلى الجملة مدار البحث، فهي مثل: " نعود مع الراياتِ دامية الحواشي "

وهي ما سأل عنها الإخوة ابتداء.

وقد سبق أن بيَّنتُ أنه لا يصحُّ قياسها على مثال " الكتاب "

فما زالت المسألة بحاجة إلى تعليل مستقيم.

وقد رجعنا إلى البداية ثانيةً، دون أي تعليل صحيح لمجيء الحال من المضاف إليه، عند مَن يرَى إعراب " دامية " حالا.

وهو ما يبحث عنه الإخوة الكرام.

أخيرًا، أقول: قد اجتهد " الأغر " وحاول أن يجد تعليلاً مناسبًا، لكنه لم يُوفَّق، فليس كل مَن اجتهد، وجبت له الإصابة.

وما زالت " دامية " بحاجة إلى إعراب وتعليل.

وما زال السؤال قائمًا.

مع عاطر التحايا

ـ[نبراس]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 02:47 م]ـ

أساتذتي الأعزاء

هاأنتم تجدّدون الخلاف الذي وقع بين علماء النحو.

فقد اختلف النحاة في مجئ الحال من المضاف إليه ,فذهب سيبويه إلى أنه يجوز أن يجئ الحال من المضاف إليه مطلقا: أي سواء أتوفر له واحد من الأمور الثلاثة التي ذكرناها أم لم يتوفر ,وذهب غيره من النحاة إلى أنه إذا توفر له واحد من الامور الثلاثة جاز, وإلا لم يجز.

والسر في هذا الخلاف أنهم اختلفوا في:

هل يجب أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحب الحال , أم لا يجب ذلك؟

فذهب سيبويه إلى أنه لايجب أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها , بل يجوز أن يكون العامل فيهما واحدا وأن يكون مختلفا, وعلى ذلك أجاز أن يجئ الحال من المضاف إليه مطلقا. وأيّده في ذلك الفارسي وبعض البصريين.

وذهب غيره إلى أنه لابد من أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحبها , وترتب على ذلك ألا يجوز مجئ الحال من المضاف إليه إلا إذا توفرله واحد من الأمور

الثلاثة التي ذكرناها.

وعلى ذلك:

من يعربها حالا فقد سار على رأي سيبويه. ومن خالف ذلك فعليه توضيح سبب مجيئها حالا على ضوء الشروط الثلاثة (إن كانت _دامية_ حالا)

من المعروف لديكم أن الحال نكرة فإن وقع بلفظ المعرفة فمؤول بنكرة نحو (جاء زيد وحده) أي منفردا , فوحد معرفة لإضافته إلى الضمير وهو حال من زيد مؤول بنكرة من معناه.

وعلى ذلك فالجملة (مع الرايات دامية الحواشي) كيف تكون (دامية) حالا وهي معرفة بالإضافة؟

وفقكم الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير