ـ[المهندس]ــــــــ[30 - 04 - 2005, 06:34 م]ـ
أستاذنا الفاضل بديع الزمان حين ووجه بالاعتراض على إعرابها صفة طرح سؤالا فقال:
أخي الكريم العاطفي الحال صفة في المعنى.
لكن إن أعربناها حالا فهل ستكون منتقلة أو لازمة؟
والرايات أليست مضافا إليها؟ فما الذي جوّز مجيء الحال من المضاف إليه هنا؟
ما يزال باب السؤال مشرعا.
لك عاطر التحايا.
سأترك حاليا البحث فيما إذا كانت منتقلة أو لازمة
وأبحث في السؤال الثاني الذي طرحه أستاذنا الكريم:
(والرايات أليست مضافا إليها؟ فما الذي جوّز مجيء الحال من المضاف إليه هنا؟)
أظن أستاذنا كان يقصد:
(والرايات أليست مضافة؟ فما الذي جوّز مجيء الحال مضافة هنا؟)
كان ينبغي أن تكون الإجابة أن الحال تأتي اسما مفردا أو شبه جملة أو جملة
وقد أجاب الأخ النبراس فقال:
تأتي الحال من المضاف إليه , ولا خلاف في ذلك. ففي قوله تعالى (إليه مرجعكم جميعا)
جميعا: حال من الكاف (المضاف إليه) منصوب بالفتحة.
القاعدة: تأتي الحال من المضاف إليه بشرط أن يكون في المعنى , أو التقدير, فاعلا أو مفعولا وذلك في صورتين:
1 - أن يكون المضاف مصدرا أو وصفا مضافين إلى فاعلهما أو نائب فاعلهما أو مفعولهما
فالمصدر المضاف إلى فاعله, نحو (سرني قدومك سالما) ومنه قوله تعالى (إليه مرجعكم جميعا)
2 - أن يصح إقامة المضاف إليه مقام المضاف, بحيث لو حذف المضاف لاستقام المعنى. وذلك بأن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه حقيقة, كقوله تعالى (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)
وفي الحقيقة هذه الإجابة خارج الموضوع
لأنها تتكلم عن صاحب الحال وليس عن الحال
ولأن صاحب الحال فيها مضاف إليه وليس مضافا
وكذلك بيتا الألفية خارج الموضوع لنفس السبب
لم يفطن الأستاذ الأغر لما فطن له العبد الفقير كاتب هذه السطور
وافتتح موضوعا جديدا، زاد فيه الأمر تعقيدا،
وأشعرنا بأن النحو علم عسير، ما لدينا منه فتيل ولا قطمير،
ولن نبلغ فهمه إلا بعد سقوط الأسنان، وربما ليس في الإمكان،
وعنده كتاب سيبويه، وقد عهد بأسراره إليه.
ووقع الأستاذ الأغر في فخ و ورطة لأنه لم يعرف الغلطة
فشرق وغرب، وفتش ونقب، وقال:
ولكن كيف تكون حالا وهي ليست من الحالات الثلاث التي ذكر ابن مالك أنه يجوز فيها أن تأتي الحال من المضاف إليه، فليس المضاف شبيها بالفعل قابل للعمل في المضاف إليه ولا هو جزء من المضاف إليه ولا كالجزء؟؟؟
والجواب أن سيبويه أن أجاز أن يأني الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف مع في مثاله: (مررت برجل معه صقر صائدا به) ...
واقتنعنا بأن (صائد) لو حملناها على (رجل) وهو نكرة فستكون نعتا
ولو حملناها على الضمير المضاف إلى (مع) وهو معرفة فستكون حالا
ثم لما أراد أن يطبق ذلك على مسألتنا أغرب وقال:
والعلة في جواز هذا عندي أن (مع) تدل على المصاحبة فهي تشرك المضاف إليه الذي ياتي بعدها مع الفاعل أو المفعول من حيث المعنى، ففي المثال الذي أجزته قياسا على مثال سيبويه: (جاء مع زيد رجل ضاحكا) دخل زيد مع الرجل في المجيء فصار في المعنى مشتركا معه في الفعل جاء.
أو يمكن أن يؤول الظرف (مع) بمعنى اسم الفاعل (مصاحب) فيدخل عندئذ في أنه صالح للعمل في المضاف إليه فيجوز مجيء الحال منه، فمثلا إذا قلنا: جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي، يكون التأويل: جاء رجل مصاحب الرايات دامية الحواشي، وعندئذ يصح أن تكون (دامية) حالا من الرايات ...
لو فحصنا عبارة الأستاذ الأغر:
{فمثلا إذا قلنا: جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي،
يكون التأويل: جاء رجل مصاحب الرايات دامية الحواشي،
وعندئذ يصح أن تكون (دامية) حالا من الرايات}
فسأتتبع قوله وأغض الطرف عن الاختلاف بين الجملتين:
سنجد أن (الرجل) عند سيبويه يقابل (الرجل) هنا
وأن (الصقر) عند سيبويه يقابل (الرايات) هنا
وأن (صائدا) عند سيبويه يقابل (دامية) هنا
فلماذا جعل (دامية) حالا من الرايات ولم يجعلها حالا من (الرجل)
كمثال سيبويه حيث جعل (صائدا) حالا من (الرجل) وليس من (الصقر)؟
وحسب أنه أجاب فقال:
أرجو أن يكون فيما قدمت حل للإشكال الذي وجده الإخوان في البيت والحمد لله أولا وآخرا.
أخوكم الأغر
وأخيرا فما الحل الصحيح؟
قبل أن أتكلم عن رأيي، أود أن أوضح مسألة تعلمتها من أستاذي حازم وفقه الله وبارك فيه.
حين يتكلم أستاذنا حازم أشعر أن النحو علم سهل ليس فيه غموض، نعم فيه تشعب وتفريع وتدقيق ولكن كل هذه التشعبات لن تكون عسيرة إذا فهمنا أمرا واحدا، أشعر كأن كل سطر يسطره أستاذنا ينادي به وينبه عليه، وهو أن الإعراب هو الإظهار والتبيين، أن افهم المعنى تعرف الإعراب، فقد تأتي جملتان متشابهتان في البناء، ولكن إعرابهما يختلف لاختلاف المعنى، مثل:
قابلت رجلا أفطس الأنف
وقابلت رجلا فاغر الفم
وقابلت زيدا فاغر الفم
نفس البناء ولكن الأولى صفة ثابتة والثانية حالا عارضة (وصاحبهما نكرة) والثالثة حالا عارضة وصاحبها معرفة.
لن أستبق أستاذي ولن أذكر رأيي النهائي ليكون كلامه مسك الختام لهذا الموضوع.
أخوكم المهندس
¥