تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[حازم]ــــــــ[04 - 05 - 2005, 11:28 ص]ـ

بِأنَّا نُورِدُ الرَّاياتِ بِيضًا * ونُصدرُهُنَّ حُمرًا قدْ رَوينا

ونَشْربُ إنْ وَرَدنا الماءَ صَفوًا * ويَشْرَبُ غَيرُنا كَدرًا وطِينا

روى أهل الفصيح: أنَّ " دامية "، ما تزال على " الأغرِّ " صلبة مستعصية.

لا يعرف لها وطنا، ولا يجيد معها قياسًا حسنا، لم يسكن له بال، ولم يهدأ له حال، واختلط عليه الأمر، ومضى به قطار العمر، حيث قال " الأغر "، وهو يجيب الأستاذ الفاضل النَّضِر، الفتَى " معمر ":

(والظرف المضاف مع المضاف إليه، يشبهان الجار والمجرور)

قلتُ: لا، يا أغرّ، هذا قَول قد زاد " دامية " وهْما، و" حواشيها " ظلما.

فالاشتراك في بعض جوانب العمل، مختَّص بـ" الجار مع مجروره " و" الظرف ".

ولا أثر للمضاف إلى الظرف في الاشتراك.

وهذا معلوم من النحو بالضرورة.

فإن قلتَ: ألَمْ يقلِ ابنُ مالكٍ:

" وأخبَروا بِظَرفٍ أو بِحَرفِ جَرّ "

ولمْ يقل: " بِحَرفِ جرٍّ مع مجروره "

قلتُ: بلَى، يا أستاذ.

قَولُه فيه تجوُّز ومسامَحة، من أجل الشِّعر.

وقولك: لا مسامحة فيه, من أجل السَّعة.

قال المراديُّ، في " توضيح مقاصده ":

(واقتصرَ على ذكر " الحرف "، لاستلزامه المجرور) انتهى

وقولك:"مع" تشبه الباء الجارة في الدلالة على المصاحبة)

قلتُ: لا، يا أغرّ، هذا كلام لا يليق، ولا يدلُّ على دقَّة الفَهم.

فالأسماء لا تُشَبَّه بالحروف، لأنَّ الأسماء لها معانٍ في ذاتها.

والحروف هي التي تدلُّ على معنى في غيرها، ولا تدلُّ على معنى في نفسها.

ثمَّ استطرد قائلاً:

(فلا مانع من مجيء الحال من المجرور بها بالإضافة)

قلتُ: هذا قَول بعيد عن أقوال النُّحاة، فأنتَ تريد أن تجعل التشابه في المعنى بين الاسم، وبين ما يدلُّ عليه الحرف، هو المجيز لمجيء الحال، ولو كان هذا الفهم صحيحًا لأشار إليه النُّحاة.

ومع ذلك، فلتثبتْ لنا، هذه القاعدة التي تشير إلى نَحو جديد، فلعلَّنا نتَّبع أهل " النحو الجديد {إنْ كانوا هُمُ الغالبينَ}.

ثم قال " الأغرّ "، وهو ما زال يخاطب " معمر ":

(ومثل "مع" بقية الظروف التي تقبل الإضافة، كالمثال الذي ذكره سيبويه: " مررت برجل عنده صقر صائدا بباز فكأنك قلت: " مررت برجل له صقر صائدا بباز "، فيكون "صائدا" حال من الضمير المجرور في " له").

قلتُ: أخطأ مبضعك الجرح – أيها الطَّبيب -، ولعلَّ اللوم على النَّظر.

لأنَّ مجيء الحال، إنما هو من الضمير المعرف، وهو " الهاء "، في الكلمتين.

فلا دليل في ذكر هذا المثال.

وأخيرًا، قال " الأغرّ " في ردٍّ آخر:

(فقولنا: " جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي يشبه: " جاء رجل بالرايات دامية الحواشي ")

قلتُ: لو كان هذا التشابه سديدًا، لَما قضيتَ العمر تَبحث عن تعليل، فتارةً تزعم أنها مثل: " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائدا به "

وتارة تقول: " معه صقرٌ صائدا به "

وأخرَى تعلِّل بالتشابه بين " مع " و" الباء " في المعنى.

ثمَّ ذهبتَ تبحث في " الكتاب " عن مثال فيه كلمة " مع "، وعلَّلتَ في ردِّك الأخير بقول سيبويه " هذا رجلٌ معه رجلٌ قائمين "، وسأنظر فيه في ردِّي القادم إن شاء الله.

أعود إلى: " جاء رجل مع الرايات دامية الحواشي "، " جاء رجل بالرايات دامية الحواشي ".

أقول: لا يصحُّ هذا القياس، من ثلاثة أوجه:

الأول: الفرق واضح بينهما من جهة المعنى، فقولك: " جئتُ بالحقِّ " يختلف عن " جئتُ مع الحقِّ ".

الثاني: أن كلمة " بالراياتِ " متعلِّقة بالفعل " جاء "، وكلمة " الرايات " في المثال الأول، تابعة للظرف " مع "، والظرف هو المتعلِّق بالفعل " جاء ".

الثالث: أنَّ العامل في وقوع الحال، في مثال: " بالراياتِ " هو الفعل " جاء "، فلا خلاف فيه.

أما " الراياتِ " المسبوقة بالظرف " مع "، فالعامل فيها هو المضاف، على أحد الأقوال، ولم يقل أحد أنّ العامل فيها هو الفعل.

ولذلك كان الخلاف على مجيء الحال من المضاف إليه، وهو ما منعه جمهور النُّحاة، إلاَّ بشروطه المعتبرة.

وهو ما نبحث عنه في هذه المشاركة

أخيرًا، أقول: لك الله يا " دامية "، فقد تأخَّر النظر في إعرابك، وتعليله.

لأنه لا بدَّ من تخليصك من الوهَم الذي لحق بك أولاً، وتنقيتك من الشبهات التي أحاطتك.

لأنهم يقولون: التنقية قبل التزيين.

والقاعدة عند فقهائنا – رحمهم الله -: " التخلية قبل التحلية "

فلا بدَّ من تنظيف المحلِّ قبل إتمام طهارته.

مع عاطر التحايا

ـ[نبراس]ــــــــ[04 - 05 - 2005, 12:38 م]ـ

أستاذ حازم

هل أنت مع من قال إن (دامية) ليس لها إلا النصب؟

ـ[نبراس]ــــــــ[04 - 05 - 2005, 12:43 م]ـ

مادمتم في جدال استمر طويلا فقد فتحتم لنا الباب لنعبر عما في أنفسنا

لِمَ لا تكون (دامية) مفعولا به لفعل محذوف تقديره أعني أو أخص؟

ـ[حازم]ــــــــ[04 - 05 - 2005, 02:31 م]ـ

أحسنتَ – أيها الفتى اللامع - / " نبراس "

تفكير صحيح، ونظر صائب

هو قَول وجيه في المسألة، ولكن يحتاج إلى تعديل بسيط

وأرجو أن تأذن لي بتأجيل التعليق عليه، حين إعداد الردِّ الخاص بالنظر في الإعراب.

ولكن ليس قبل أن أنتهي من الردود التي اعترضت طريقي

دمتَ بخير، مع عاطر التحايا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير