ويؤكِّد المبرِّد في " مقتضبه " ما ذهبتُ إليه، ويقول في باب " ما يجوز لك فيه النعت والحال، ولا يكون مجازهما واحدا، ولما تحمل كل واحد منهما عليه ":
(وذلك قولك " مررت بامرأةٍ معها رجلٌ قائمةٍ يا فتى " إذا حملت ذلك على " مررتُ بامرأةٍ ".
وإن حملته على الهاء في " معها " قلت: " رجلٌ قائمةً "
والمعنى - إذا نصبت- أنك مررتَ به معها في حال قيامها، فكانت المقارنة في هذه الحال)
يا حازم المبرد يؤكد ما ذهبتُ إليه أنا لا ما ذهبتَ إليه، فقد أورد (قائمة) بالجر على أنها صفة لامرأة، ثم قال: وإن حملته على الهاء في معها قلت: قائمةً، يعني بالنصب على الحال من الهاء في (معها)، فهو يؤكد ما ذهبتُ إليه من أن (قائمة) بالجر صفة للاسم الواقع قبل (مع) وبالنصب حال من الضمير في (معها) وليس كما تقول أنت:
قلتُ: فقد أوضح أنَّ الكلمة الأولى قبل " مع " نكرة موصوفة.
وأنَّ الكلمة التي تعرب صفة أو حالاً، إنما هي للكلمة الموصوفة بشبه الجملة.
لا يا حازم فما يريده سيبويه والمبرد وكل النحويين أن الكلمة التي يجوز فيها أن تكون صفة أو حالا إن جرت فهي صفة للاسم قبل (مع) وإن نصبت فهي حال من الضمير الذي أضيف إليه (مع)
ولم تشأ يا حازم أن تقر بهذا الخطأ الفادح بعد أن عرفته فواريت خطأك هذا بأسلوب خبيث في تعليقك الثاني، حتى إن القارئ ليحسب أنني كنت أنا المخطئ وأقررتُ بالخطأ فقلت والله يحاسبك على نيتك:
فأنتَ قد أقررتَ على نفسِك أنَّ الصفتين " قابضٍ "، و" لابسٍ " هما للاسم النكرة الواقع قبل " مع "، حيث قلتَ:
(يعني الجر في " قابض " و" لابسٍ " على أنهما صفتان للرجل قبلهما، ويجوز النصب على أن " قابضا " أو " لابسا " حال من الضمير في " معه ")
وهذا ما أريده.
لا يا حازم لم يكن هذا ما تريده بل كنت تقول الحال أيضا من النكرة التي قبل (مع) كما تشهد أقوالك.
أكتفي اليوم بهذا ولي عودة بإذن الله يا حازم لأكشف لك المزيد من جهلك بما تنقله، ولكن لا يخلو نقلك من الفائدة، فإنك_ وإن كنت لا تفهم ما تنقل _ تستطيع أن تجمع الأقوال في المسألة الواحدة، أما الفهم والتحليل والاستنباط فذلك ما لا يؤتيه الله إلا من خلا صدره من الحقد والحسد والبغضاء، ونأى بنفسه عن الهمز واللمز والسخرية.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[07 - 05 - 2005, 03:18 ص]ـ
إخواني الأعزاء
أعتذر إن كنت سببا في انحراف الحوار عن مساره الطبعي قليلا من ناحيتي، وأنتم تعلمون من يحاول أن يُخرِج الحوار عن مساره نهائيا ويرمي آدابه وراءه، وليس لي إلا أن أقول: حسبي الله ونعم الوكيل.
(ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)
مع التحية الطيبة
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 02:58 ص]ـ
عود إلى أخطاء حازم
كنت ذكرت أن سيبويه أجاز نصب (صائدا) على الحال من الضمير في معه من قوله: مررت برجل معه صقر صائدا به، وشبه سيبويه حالة النصب بقولهم: معه باز صائدا به، فقلت:
موضع القياس يا حازم جواز أن يأتي الحال مما أضيف إليه (مع) أي: الوجه الثاني الجائز في (صائد) وكأن الموصوف غير موجود، فسيبويه يجيز الإخبار عن رجل معه باز ابتداء أن يقال: معه باز صائدا به، دون ذكر الموصوف أي (معه باز) مبتدأ وخبر، و (صائدا) حال من الضمير في معه، وعليه يجوز أن نقول: مع زيد صقر صائدا به، ويكون (صائدا) حالا من زيد، كما كان حالا من الضمير.
فماذا قال حازم؟ انظروا إلى عبارته التي تدل على أنه لم يفهم كلامي ولا كلام السيرافي عندما قال:
قلتُ: لا يصحُّ هذا القياس أيضًا – يا أغرّ -.
فليس المقصود، أن تبحث عن كلمة " مع "، وتحاول تطبيقها على جملتنا.
مثالك الأخير من " الكتاب "، " معه باز صائدًا به "، جزء من كامل الجملة.
إذ أنَّ أصل الجملة: " مررتُ برجلٍ معه ... " انتهى كلام حازم.
لا يا حازم .. قول سيبويه (معه باز صائدا به) جملة مستقلة شبه بها سيبويه جملة الصفة الواردة في مثاله: مررت برجل معه صقر صائدا به، يعني أن الحال ينصب في جملة الصفة كما ينصب في هذه الجملة المستقلة فيما لو قلت ابتداء: معه باز صائدا به، ولذلك يا حازم استخدم سيبويه في المثال المستقل كلمة (باز) بدلا من صقر لئلا يتوهم مثلك أنه لا يزال يتحدث عن جملة الصفة التي هي جزء من مثاله، وسأثبت لك ذلك بكلام السيرافي.
ثم قال حازم:
¥