لا يمكن أن يكون المقصود من كلام سيبويه:
(كأنه قال: " معه باز صائدًا به "، حين لم يرد أن يحمله على الأول)
أن هذه الجملة مستقلة عن ما قبلها، ولكن هدفه الابتداء بها.
وقد عقَّب السيرافيُّ على كلام سيبويه، قائلاً:
(يعني كأنك بدأت فقلتَ: " معه ... "، لـ" رجل " جرى ذكره) انتهى كلام حازم
أخطأت يا حازم في فهم كلام سيبويه وفي فهم كلام السيرافي، فسيبويه يريد أن يشبه نصب الحال الواقع في جملة الصفة (معه صقر صائدا به) بنصب الحال الواقع في جملة مستقلة ليس فيها موصوف قبلها وهي جملة (معه باز صائدا به)
وأكد السيرافي ذلك بقوله:
(ومعنى قول سيبويه (كأنه قال: معه باز صائدا) يعني: لو ابتدأ فقال: مع زيد، أو معك، أو معه _لشيء قد جرى ذكره_ صقر صائدا به لم يكن بد من نصب (صائدا) لأنه لا يمكن صفة الأول المعرفة به.) (الجزء الثاني من المخطوط ورقة 178 ب)
انظر يا حازم كيف اتفق فهمي مع فهم السيرافي لكتاب سيبويه، ووالله لم أكن قد رجعت إليه عندما كتبت ما كتبت سابقا، ولم أرجع إليه إلا اليوم بعد منتصف الليل، وانظر يا حازم كيف اتفق مثال السيرافي الأول (مع زيد صقر) اتفق مع مثالي الذي ذكرته أنا، فالجملة المشبه بها يا حازم جملة مستقلة لا علاقة لها برجل في مثال سيبويه، ومن ثم فلا فائدة في قولك:
(فإن قيل: فما فائدة ذكر جزء من الجملة؟
قلتُ: الابتداء بهذا الجزء: " معه ... "، عيَّن إعرابًا واحدًا للنكرة، التي رجع إليها الضمير، فأعربت " صائدًا " حالاً من الضمير، وامتنع إعرابها صفة.)
لا فائدة في كلامك هذا بل هو خطأ لأن جملة (معه باز صائدا به) لو كانت جزءا من الجملة الكبرى (مررت برجل معه صقر صائدا به) لما امتنع أن يجعل (صائد) صفة لرجل، لكن إذا كانت جملة مستقلة لا موصوف قبلها تعين أن يكون (صائدا) حالا وامتنع أن يكون صفة. هل فهمت الآن يا حازم؟ لا إخال أنك ستفهم هذا المعنى الدقيق، لكن إن فهمت فستدرك أن حديثك بعد ذلك عن القطع والابتداء لا علاقة له بمثالنا.
ثم قلت يا حازم:
ومع ذلك، سأمضي مع مثال " الأغرّ "، كأنه جملة مستقلَّة، لننظر في صحة قياسها.
وقد قام بتعديل مثال سيبويه، وجعل كلمة " زيد " بدلاً من كلمة " رجل "، فقال:
" مع زيدٍ صقرٌ صائدًا به " انتهى كلام حازم.
يا حازم كلامك هذا أكبر دليل على أنك لا تفهم كلامي ولا تفهم تنظير مثالي بمثال سيبويه، فأنا يا حازم لم أجعل كلمة (زيد) بدلا من كلمة (رجل) وإنما وضعت (زيد) مكان الضمير في (معه) انظر وتأمل مثالي الذي كتبته أنت بيدك فمثالي: مع زيد صقرصائدا به، ومثال سيبويه: معه باز صائدا به، أليس (زيد) يقابل الضمير في (معه)؟
فهل أنت منته يا حازم عما تتشاغب به؟
أكتفي اليوم بهذا ولي عودة أخرى بإذن الله.
مع التحية الطيبة لمن وعى.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 03:04 ص]ـ
عود إلى أخطاء حازم
كنت ذكرت أن سيبويه أجاز نصب (صائدا) على الحال من الضمير في معه من قوله: مررت برجل معه صقر صائدا به، وشبه سيبويه حالة النصب بقولهم: معه باز صائدا به، فقلت:
موضع القياس يا حازم جواز أن يأتي الحال مما أضيف إليه (مع) أي: الوجه الثاني الجائز في (صائد) وكأن الموصوف غير موجود، فسيبويه يجيز الإخبار عن رجل معه باز ابتداء أن يقال: معه باز صائدا به، دون ذكر الموصوف أي (معه باز) مبتدأ وخبر، و (صائدا) حال من الضمير في معه، وعليه يجوز أن نقول: مع زيد صقر صائدا به، ويكون (صائدا) حالا من زيد، كما كان حالا من الضمير.
فماذا قال حازم؟ انظروا إلى عبارته التي تدل على أنه لم يفهم كلامي ولا كلام السيرافي عندما قال:
قلتُ: لا يصحُّ هذا القياس أيضًا – يا أغرّ -.
فليس المقصود، أن تبحث عن كلمة " مع "، وتحاول تطبيقها على جملتنا.
مثالك الأخير من " الكتاب "، " معه باز صائدًا به "، جزء من كامل الجملة.
إذ أنَّ أصل الجملة: " مررتُ برجلٍ معه ... " انتهى كلام حازم.
¥