تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الظرف (مع) في المثال متعلق بفعل تقديره (استقر) أو باسم فاعل تقديره (مستقر) وعلى هذا فأصل الكلام بعد تقديم المبتدأ وإظهار الضمير المستتر يا حازم هو:

صقر استقر هو مع زيد صائدا.

وجملتنا بعد إظهار الفاعل الذي هو ضمير مستتر هي: نعود نحن مع الرايات دامية الحواشي.

انظر يا حازم: الفعل (نعود) يقابل الفعل (استقر).

وفاعل (استقر) الضمير (هو) يقابل فاعل (نعود) الضمير (نحن)

و (مع زيد) يقابل (مع الرايات) أي: (زيد) يقابل (الرايات)

و (صائدا) يقابل (دامية الحواشي)

فهل فهمت قياسي يا حازم؟

ثم قال حازم:

(الثاني: مَن يتأمَّل أمثلة " الكتاب " يجد علاقة لازمة بين الحال، والمبتدأ.

نحو: " صقرٌ صائدًا به ".

" جبُّةٌ لابسًا غيرها " مِن الجملة " معه جبُّةٌ لابسًا غيرها "

" الفرسُ راكبًا بِرْذَونًا " مِن الجملة " معه الفرسُ راكبًا بِرْذَونًا ") انتهى كلام حازم.

لا يا حازم فالضمير العائد للمبتدأ لا يلزم وجوده بدليل المثال الأخير: مررت برجل معه فرس راكبا برذونا، فلا علاقة بين (راكبا) و (فرس) وإنما العلاقة هي بين الحال (راكبا) وصاحبها الضمير في (معه) ففي (راكب) ضمير عائد للضمير في (معه) ولا علاقة للحال بالفرس.

وكذلك مثاله الآخر: مررت برجل عنده صقر صائدا بباز، فلا علاقة بالحال (صائدا) بالمبتدأ (صقر) مع التنبيه أن ما ذكره حازم أنه مبتدأ إنما هو فاعل عند سيبويه والأخفش معا، لكن أجاز بعض النحويين أن يكون مبتدأ وخبره الظرف قبله، لذلك سايرته في المصطلح.

وارجع قليلا للوراء فقد بينت لك بالتفصيل المقيس والمقيس عليه فتأمل.

ثم قال حازم ردا على قولي (الظرف المضاف مع المضاف إليه يشبهان الجار والمجرور:

(قلتُ: لا، يا أغرّ، هذا قَول قد زاد " دامية " وهْما، و" حواشيها " ظلما.

فالاشتراك في بعض جوانب العمل، مختَّص بـ" الجار مع مجروره " و" الظرف ".

ولا أثر للمضاف إلى الظرف في الاشتراك.

وهذا معلوم من النحو بالضرورة.) انتهى كلام حازم

تعبير ركيك لا قوام له سأعرض عن بيان خلله وأقول:

يا حازم

ألا تعلم أن سيبويه سمى المجرور بالحرف مضافا إليه في باب الجر الذي سيأتي الحديث عنه قريبا، فاعلم يا حازم أن الظروف الملازمة للإضافة ومنها (مع) تشبه حروف الجر، والأسماء المجرورة بإضافة هذه الظروف إليها تشبه الأسماء المجرورة بحروف الجر، فهذه الظروف لا تنقطع عن الإضافة كما أن حروف الجر كذلك لا تنقطع عن الأسماء المجرورة، ومعنى هذه الظروف لا يتحدد إلا بذكر المضاف إليه، كما أن معنى الحروف الجارة لا يتحدد إلا بذكر الأسماء المجرورة، والظروف الملازمة للإضافة مع أضيف إليه كالكلمة الواحدة كما أن الجار والمجرور كالكلمة الواحدة، ولنأخذ الظرف (فوق) وحرف الجر (على) ألا يتشابهان في قولنا: (الطائر فوق الغصن) وقولنا: (الطائر على الغصن)؟

فأي القولين أحق بأن يكون معلوما من النحو بالضرورة، قولي الواضح الجلي السديد أم قولك المتهافت؟

ثم قال حازم:

(وقولك:"مع" تشبه الباء الجارة في الدلالة على المصاحبة)

قلتُ: لا، يا أغرّ، هذا كلام لا يليق، ولا يدلُّ على دقَّة الفَهم.

فالأسماء لا تُشَبَّه بالحروف، لأنَّ الأسماء لها معانٍ في ذاتها.

والحروف هي التي تدلُّ على معنى في غيرها، ولا تدلُّ على معنى في نفسها) انتهى كلام حازم

يا حازم (مع) ليس اسما مثل غلام ورجل وجدار، وكذلك بقية الظروف الملازمة للإضافة فهذه الظروف لا يتحدد معناها إلى بذكر المضاف إليه مثل حروف الجر تماما فهل يمكنك أن تحدد لي معنى (مع) بدون تصور إضافتها إلى اسم آخر، قد تقول: معناها الصحبة أو المصاحبة، فأقول: نعم تدل على الصحبة ولكنها صحبة مقيدة لا تعرف إلا بذكر المضاف إليه كما أن الباء الجارة أيضا قد تأتي للصحبة والمصاحبة لكنها صحبة مقيدة بذكر الاسم المجرور كقوله تعالى: (اهبط بسلام) أي: مع سلام.

وقد فرق سيبويه بين هذه الظروف وبين الأسماء في باب الجر فجعلها قسما مستقلا، قال سيبويه:

والجر إنما يكون في كل اسم مضاف إليه، واعلم أن المضاف إليه ينجر بثلاثة أشياء: بشيء ليس باسم ولا ظرف، وبشيء يكون ظرفا، وباسم لا يكون ظرفأ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير