تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لذلك رأيتُ أن أنظر في ردوده الأخيرة أولاً، وبعد ذلك، أستأنف طريقي للنظر في إعراب " دامية "، وتعليل إعرابها.

قرأتُ ردوده الأخيرة، التي حاول فيها أن يعثر على أخطاء، تُحسِّن وَضعه، وتُكسبه ثقة في نَفسِه، وتردُّ اعتباره.

فحمدتُ الله – سبحانه وتعالى – مُقسِّم الأرزاق والأفهام.

حمدتُ ربِّي، لأنَّ " الأغرّ " قد أدرك فساد قياسه، وتعاسة أوهامه وإحساسه، وأيقن أنه قد أصبح من المفلسين، الذين لا يعقلون شيئًا ولا يَهتدون.

فذهب يَبحث في الردود القديمة، لعلَّه يعثر على أخطاء، فيهاجمني بها انتقامًا لنفسه.

والحمد لله، فقد أكرمني ربِّي، فاختلط عليه الأمر، كما اختلط عليه سابقًا في فَهم كلام سيبويه – رحمه الله -.

وما زلنا في مثال " الكتاب ": " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائدًا به "

قال مَن يزعم الفَهم:

(ثم قلت يا حازم: وجاز إعرابها حالا على أنها قربت من المعرفة بالوصف.

انظر إلى مرجع الضميرين في كلامك وسترى العجب فأنت تريد: وجاز إعراب كلمة " صائد " حالا على أن كلمة " رجل "، نكرة قربت من المعرفة بالوصف.

وهذا الذي قلتَه يا حازم لم يقله سيبويه، ولا أشار إليه، لأنه جعل الحال من الضمير في "معه" لا من النكرة التي قربت بالوصف من المعرفة وهي "رجل")

أقول: اعلَم أنك لستَ أهلاً لأن تقرأ إجابَتي، لضَعف فَهمك، وضيق أفقك.

ولكن جوابي هو لمَن يتابع هذه المشاركات، ويرغب أن يتسلَّح بالمعرفة، ويتصدَّى للشبهات.

فأقول: أيها القارئ الكريم:

مثال سيبويه " مررتُ برجلٍ معه صقرٌ صائدًا به " يحتَمل وجهين:

الأول: يجوز أنَّ تكون كلمة " صائدٍ "، نعتًا ثانيًا لكلمة " رجلٍ "، وهذا لا خلاف فيه، وهو عنوان الباب عند سيبويه، حيث قال:

" باب إجراء الصفة فيه على الاسم في بعض المواضع أحسن، وقد يَستوي فيه إجراء الصفة على الاسم، وأن تجعله خبرا فتنصبه "

الثاني: يجوز أن تكون كلمة " صائدًا " حالاً:

إمَّا من الضمير المعرف في كلمة " معه "، كما نصَّ على ذلك سيبويه – رحمه الله -.

وإمَّا من كلمة " رجلٍ ".

وهذا الإعراب الأخير لا يمكن أن يدركه " الأغر "، لأنه محدود الفَهم، فما يجده مكتوبًا يردِّده، ثمَّ يتَّهم الآخَرين بعجزهم عن فَهم ما يقوله سيبويه، وكأنه قد أُرضِع " الكتاب " قبل الفِطام.

وقد قلتُ يجوز أن تكون كلمة " صائدًا " حالا من كلمة " رجل "، لأنَ كلمة " رجلٍ " نكرة قربت من المعرفة بالوصف.

والوصف هو جملة " معه صقرٌ "، فهذه الجملة في محل جر نعت، لكلمة " رجلٍ ".

فلا بدَّ من ذكر كلِّ الاحتمالات الصحيحة القائمة، وعدم إغفالها.

وقد أشار إلى ذلك، قبلي أستاذي الموفَّق / " بديع الزمان " أعزَّه الله في الدنيا والآخرة، حيث قال، وهو يريد تقرير هذا الأمر، وإيضاحه لـ" الأغرّ " الذي غفل عنه، لغياب فَهمه، ونقص علمه:

(في عبارة سيبويه " مررت برجل معه صقر صائدا به "، هل ترى مانعا من إعراب " صائدا " حالا من رجل المجرورة بالباء؟ "مجرد استفسار ") انتهى كلام أستاذي " بديع ".

فماذا أجابه مَن يدَّعي أنه " الأغرّ "؟، والحقيقة أنه في ظلمات الجهل اسْتقرّ

أجابه إجابة، فَضَحت جهلَه المركَّب، وأظهرت عوره، وكشفت زيفَه.

قال " الأغرّ ": (أقول: المانع من ذلك أن "صائدا" واقع في الجملة الواقعة صفة للرجل، لأن التقدير كما ذكرت: مررت برجل استقر معه صقر صائدا به، وما يقع في جملة الصفة لا يصح أن يكون حالا من الموصوف، ففي قولنا: مررت برجل يقف ضاحكا، لا يجوز أن يكون "ضاحكا" حالا من الرجل، وإنما هو حال من الضمير المستتر في الفعل "يقف" وكذلك الصلة لا يجوز لحال واقع في جملة الصلة أن يكون حالا للاسم الموصول، فمثلا لو قلنا: جاء الذي يبذل المال سخيا، لا يجوز أن يكون " سخيا " حالا من "الذي" وإنما هو حال من الضمير المستتر في " يبذل ") انتهى

أقول: يا " أغر ": كان الأولَى بك أن لا تجيب على سؤال أكبر منك، وتدع الفَتوَى لأهل الاختصاص.

وأقول: يا أستاذي / " بديع العلم والزمان ": ما ذهبتَ إليه هو الصواب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير