فقد سبق أن وضَّحتُ لك، أنَّ الأسماء لا تُشبَّه بالحروف، بل الحروف هي التي تُشبَّه بالأسماء.
لأنَّ الأسماء تدلُّ على معانٍ في نفسها، والحرف يدلُّ على معنى في غيره.
فكيف تزعم أنَّ الظروف الملازمة للإضافة تشبه حروف الجر؟
وقولك: (فهذه الظروف لا تنقطع عن الإضافة، كما أن حروف الجر كذلك لا تنقطع عن الأسماء المجرورة)
قلتُ: قول فيه نظر أيضًا.
بل الظروف تنقطع عن الإضافة، ويظلُّ المعنى قائمًا، نحو قول ابن مالكٍ - رحمه الله -:
وصُغْ مِنِ اثْنَيْنِ فَما فَوْقُ إلى * عَشَرةٍ كَفاعِلٍ مِنْ فَعَلا
وجاء في " شرح شذور الذهب ":
(ما قطع لفظا لا معنى عن الإضافة من الظروف المبهمة، كـ:" قَبل، وبَعد، وأول، وأسماء الجهات) انتهى
وفي " سر صناعة الإعراب ":
(أن الأسماء قد تعلق عن الإضافة في ظاهر اللفظ، وأن الحروف لا يمكن أن تعلق عن الجر في اللفظ) انتهى
وأخيرًا، قولك: (فقد أجزتُ أن يأتي الحال مما أضيف إليه الظرف الملازم للإضافة، تشبيها للظرف بحرف الجر، وتشبيها للمضاف إليه الظرفُ بالاسم المجرور)
أقول: أعندك دليل يؤيِّد ما ذهبتَ إليه؟
لأنه لو كان هذا القول صحيحًا، لم يَعد لدينا إشكال في مجيء الحال من الاسم المضاف إلى الظرف.
بل هذا القول يخالف ما ذهب إليه الجمهور، من شرط اتِّحاد عامل الحال وصاحبه.
فالعامل في الظرف يختلف عن العامل في الاسم المضاف إلى الظرف.
أما الاسم المجرور، فالفعل يصل إليه بحرف الجر، وهذا أمر معلوم، ويمكن حذف حرف الجر، فيصل الفعل بنفسه إلى الاسم.
جاء في " المقتضب ":
(وكذلك كل خافض في موضع نصب، إذا حذفته وصل الفعل فعمل فيما بعده، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {واخْتارَ موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}، أي: من قومه.
وقال الشاعر، " من البسيط ":
أسْتَغْفِرُ اللهَ ذَنبًا لستُ مُحْصِيَهُ * رَبَّ العِبادِ إليهِ الوجْهُ والعَمَلُ
أي من ذنب
قلتُ: وقد أجاز العلماء: " مررتُ بهندٍ قائمةً "
جاء في " كشف المشكل ":
(لأنَّ العامل فيه الفعل، دون الجارّ، وهو منصوب، فيجوز: " مررتُ بزيدٍ واقفًا ") انتهى
قلتُ: فكان العامل في الحال، هو العامل في ذي الحال.
والله أعلم
وقد تبيَّن مما سبق، أنَّه لم يصح أيُّ تعليل مستقيم لهذه المسألة.
وما زال السؤال قائمًا، وما زالت " دامية " بحاجة إلى إعراب صحيح وتعليل.
ختامًا، أقول: صبرًا – أيتها الحسناء " دامية "، فقد تعلَّقت بك القلوب، واشتاق إليك الحبيب، ولعلَّ زوال إشكالك قريب، وما توفيقي إلاَّ بالله، عليه توكَّلتُ وإليه أنيب.
ـ[ابن أبي الربيع]ــــــــ[18 - 05 - 2005, 01:45 م]ـ
واصلوا نقاشاتكم فالانسحاب حيلة العاجز
وليس من العيب الخطأ
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[19 - 05 - 2005, 02:29 ص]ـ
ابن أبي الربيع ...
قال عنه السيوطي: (إمام أهل النحو في زمانه ... ولم يكن في طلبة الشلوبين أنجب منه)
أخي الكريم إن كان عندك إشكال في أي جزء مما كتبتُه في هذا الموضوع فإني أرحب أن أناقشه معك، أما أن أواصل النقاش مع ****** فذلك محال، وأظنك توافق الأخ الأستاذ القاسم فيما دعا إليه، فالانسحاب ترفعا في مثل هذا هو الصواب، *******
مع التحية الطيبة والتقدير.
ـ[ابن أبي الربيع]ــــــــ[19 - 05 - 2005, 08:57 ص]ـ
الأمر إليك وأنا أعتذر إن كان في كلامي ما يسيء بارك الله فيك ...
أبو الحسين
ـ[حازم]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 07:46 ص]ـ
وما انتِفاعُ أخي الدنيا بِناظِرِهِ * إذا اسْتَوَتْ عِندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ
وما زلنا مع الأصيلة " دامية "، وما زالت بكبريائها ثابتة راسية، وبحُسنها زاهية، فقد انكشفت عندها الدعاوَى الخاوية، والأفهام الواهية.
وما زالت القلوب متعلِّقة بها، عَطشى لبيان إعرابها.
أيتها الحسناء: ما زلتِ زهرة الفصيح، وبحول الله، لن يصحَّ إلاَّ الصحيح، قال الله تعالى: {فأمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وأمَّا ما يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمكُثُ في الأرضِ}
بدايةً، أحْمَدُ الله – سبحانه وتعالى -، فقد بدا واضحًا أنَّ " الأغر " قد أدرك أنَّ كلَّ محاولاته، للوصول إلى " دامية "، قد باءت بالفشَل، , وأنَّ جميع قياساته قد أصابها الوَهم والخطَل، وما زالت تعليلاته تعاني من الوهن والشَّلل.
¥