ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[11 - 05 - 2005, 07:28 م]ـ
أخي الكريم معمر
لي ملحوظة يسيرة أرجو أن تتقبلها:
إذا جعلنا (حقا) ظرفا فهو ظرف زمان كما ذهب إليه الأعلم ونقله البغدادي في الخزانة وذكره عبد السلام هارون في تعليقه على بيت الكتاب، والتقدير عندهم: أفي وقت حقٍّ؟
وإذا جعلنا (حقا) ظرفا وقلنا إنه متعلق بالفعل استقر المحذوف، وجعلنا المصدر المؤول فاعلا لهذا الفعل، فلا حاجة أن يقال: سد مسد الخبر، لأن الجملة فعلية، بخلاف لو جعلناه متعلقا باسم فاعل تقديره (مستقر) فعنئذ يجوز أن نقول: المصدر المؤول فاعل لاسم الفاعل المقدر سد مسد الخبر والتقدير: أمستقر حقا هجاء أخطلكم؟ ويجوز ألا نجعله فاعلا لاسم الفاعل وإنما يكون مبتدأ مؤخرا على ما سيأتي.
قال معظم النحويين أن حقا منصوب على الظرف، وهو إما متعلق بفعل محذوف تقديره استقر أو ثبت، وإما متعلق بخبر مقدم محذوف تقديره: مستقر أو ثابت، فإن كان التعلق بالفعل فالمصدر المؤول (أن أخطلكم هجاني) فاعل لهذا الفعل، أو كما يقولون فاعل للظرف، والجملة فعلية. وإن كان الظرف متعلقا بخبر محذوف فالمصدر المؤول مبتدأ مؤخر أو فاعل لاسم الفاعل سد مسد الخبر.
ومعلوم أن الظرف إذا اعتمد على استفهام فسيبويه والأخفش معا يجعلان المرفوع بعده فاعلا، والغريب أن ابن الشجري ذكر ان مذهب الخليل هو أن الظرف وإن اعتمد على استفهام فالمرفوع بعده مبتدأ والظرف المتقدم خبره، بناء على تشبيه الخليل لقولهم: أفي حقًّ أنك ذاهب، بقولهم: غدا الرحيل، وكذلك شبه قول الشاعر:
أحقا بني أبناء سلمى بن جندل***** تهدّدُكم إياي وسظ المجالس
بقولهم: غدا الرحيل، فأخذ من هذا التشبيه أنه يجعل المرفوع بعد الظرف في الاستفهام كالمرفوع بعد الظرف في الخبر، وليس الأمر كما ظن، فمذهب سيبويه لا يختلف عن مذهب الخليل في المرفوع بعد الظرف، وإنما هما مذهبان: مذهب سيبويه أن المرفوع بعد الظرف إن كان معتمدا على استفهام أو موصوف أو ما شابههما فاعل، وإلا فالمرفوع مبتدأ مؤخر والظرف خبره.
ومذهب الأخفش أن المرفوع فاعل في كل الأحوال.
فأغلب النحويين يجعلون (حقا) ظرفا، لأنه في الأصل: أفي حقٍ، فمعنى الظرفية مأخوذ من (في) المحذوفة.
وإذا كان ظرفا فهو في رأيي ليس ظرفا للزمان ولا للمكان وإن كان للزمان أقرب لأنه يقع ظرفا للمعاني لا الجثث، ولذلك جعل الرضي (حقا) في معنى الظرف أي: أنه يشبه الظرف في كونه مشتملا على المعنى المحقَّق المستفاد من المصدر المؤول وليس ظرفا على الحقيقة.
وأجاز بعضهم أن يكون حقا مفعولا مطلقا لفعل محذوف، يكون المصدر المؤول فاعله أي: فاعل الفعل المحذوف أو فاعل المصدر (حقا)، والتقدير: أحقَّ هجاء أخطلكم حقا؟
هكذا قدروا، لكني أرى أن يكون (حقا) نائبا عن المصدر الأصلي للفعل (ثبت) المحذوف، ليكون التقدير: أثبت ثبوتا حقا هجاء أخطلكم، حذف المصدر وناب عنه وصفه، وبهذا يندفع اعتراض ابن جني على من ذهب إلى أن حقا مصدر لفعل تقديره أحق.
ذلك أننا لو قدرناه: أتحقون حقا أن أخطلكم هجاني، لربما فهم أن المراد أتجدون هجاءه حقا، فكأنه يسألهم عن الهجاء أحق هو أم باطل، لكن إذا قدرناه: أثبت ثبوتا حقا الهجاء، لما فهم منه هذا المعنى، ويلتقي في المعنى مع: أفي حق أن أخطلكم هجاني.
ولي عودة أخرى للحديث عن إعراب (رسول) إن شاء الله.
مع التحية الطيبة والتقدير.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[11 - 05 - 2005, 09:21 م]ـ
تصحيح
(قال معظم النحويين أن حقا) الصواب كسر همزة إن.
(وسظ المجالس) صوابه: وسط المجالس.
(لكن إذا قدرناه: أثبت ثبوتا حقا الهجاء، لما فهم ... ) الصواب: لو قدرنا ....
مع اعتذاري ...
وتقبلوا مني التحية الطيبة
ـ[أبومصعب]ــــــــ[12 - 05 - 2005, 06:18 م]ـ
هِيَ طَلعَةُ السَّعدِ الأَغَرِّ فَمَرحَبا ... وَسَنا "الفَصَاحَةِ" قَدْ أَضاءَ فَلا خَبا
أستاذي الكريم الأغر بارك الله فيك ونفعك
دعوة إلى أستاذي الحبيب حازم و إلى أساتذتي الكرام القاسم وأبي محمد و البديع و خالد والنحوي و الأخفش و البصري والنبراس و نبراس و أبي الحسين وكل الأعضاء للمشاركة في هذا الموضوع
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[13 - 05 - 2005, 11:49 م]ـ
أخي معمر حفظه الله
أشكرك على خلقك الكريم ونبلك الذي يتجلى واضحا من خلال حروفك المضيئة وأعود لإعراب كلمة (رسولا) في بيت الكتاب.
إعرابك أخي الكريم واضح جلي في صناعة الإعراب، وكذا أعربه ابن هشام، ولكن تعال معي نناقش الموقف من حيث المعنى.
هل يخاطب الشاعر نفسه أو يخاطب خليله أو يخاطب أي شخص تبلغه القصيدة؟
في كل الأحوال أرى أنه من البعد بمكان أن أخاطب شخصا حقيقيا كان أم متخيلا فأقول له: أبلغ رسولا بني فلان كذا وكذا، فآمره بالإبلاغ مقيدا بكونه رسولأ. ثم لنضع (مرسلا) بدلا من (رسولا) هل ترى بحسب اطلاعك على الأساليب الفصيحة أنه من المستساغ سليقة أن نقول: أبلغْ مرسلا بني فلان كذا وكذا؟ ألا ترى أنه أسلوب غير مألوف؟ نعم لو كان الكلام خبرا لا إنشاء وأخبرنا عن زيد، فقلنا: أبلغَ زيد مرسلا من فلان بني فلان كذا وكذا، لكان ذلك مألوفا، أما أن آمر مخاطبا وأقول له: أبلغ حالة كونك مرسلا بني فلان كذا وكذا، فإنه وإن كان جائزا لكني أراه ضعيفا لانني إذا أمرت مخاطبي بالإبلاغ فلا حاجة لأقيد حاله بكونه مرسلا.
لهذا أرى أن نأخذ الرسول بمعناه الآخر وهو الرسالة، فقد جاء الرسول بمعنى الرسالة نص على ذلك الجوهري وذكره صاحب اللسان وله شواهد منها:
ألا من مبلغ عني خفافا******** رسولا بيت أهلك منتهاها
قال صاحب اللسان: فأنث الرسول حيث كان بمعنى الرسالة.
فإن ثبت أن الرسول يأتي بمعنى الرسالة فإن الإعراب سيختلف عندئذ على النحو الآتي:
بني خلف: بني: مفعول به أول للفعل أبلغ منصوب .....
رسولا: مفعول به ثان منصوب ...
جملة (أحقا أن أخطلكم هجاني) بدل من رسول.
مع التحية والتقدير
¥