قال الله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ)
والحق متاع ارتبط بزمن دل عليه قول الله تعالى (إِنْ طَلّقتمُ النساءَ) وهو وقت ما بعد طلاق المرأة التي لم يدخل بها
قال الله تعالى: (وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً)
والحق مال محدد وجب على المدين أداؤه للدائن في أجل اتفقا عليه، ومحال أن يدل الحق على أجل لأن الأجل فهم من قول الله تعالى: (إِلَى أَجَل مٌسَمًّى)
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) وقال: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)
قال الشاعر: وَإِنّي لَأُعطي الحَقَّ مَن لَو ظَلَمتُهُ ... أَقَرَّ وَأَعطاني الَّذي أَنا طالِبُ
قال الله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ)؛ وقال: (وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
فكان الرسول موضعَ حق متصفا به، و لو قلنا (إن الرسول حقا) على اعتبار (حقا) ظرف مكان لجاز كأننا قلنا (إن الرسول استقر موضعَ الحق)، في حين يمتنع اعتبارها ظرف زمان من جهة المعنى ومن جهة امتناع الإخبار باسم الزمان عن الذوات؛ قال ابن مالك رحمه الله: وَلَا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَا ... عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً)
وباطل أن يكون (حقا) ظرف زمان أو مضاف إلى ظرف زمان لأن وعد الله لا يكون إلا حقا؛ قال الله تعالى: (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)
قال الله تعالى (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ)
ولا يجوز أن نقول (الوزن يومئذ في وقت الحق) حين جاز أن نقول أن نقول (الوزن يومئذ حقا) على اعتبار (حقا) ظرف مكان متعلق بمحذوف (استقر) أي (الوزن يومئذ استقر في موضع الحق)
قال الله تعالى: (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ)
ولم يكن الزمان محل جدالهم، إنما كان موضعُ الجدال ما استقر من لقاء العدوّ
قال الله تعالى: (قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ)
فكانت البنات ذواتا وكان الحق شيئا استقر في تلك الذوات بشرطه؛ رغب عنه قوم لوط
فما رأيكم
ـ[أبومصعب]ــــــــ[14 - 05 - 2005, 09:11 م]ـ
لهذا أرى أن نأخذ الرسول بمعناه الآخر وهو الرسالة، فقد جاء الرسول بمعنى الرسالة نص على ذلك الجوهري وذكره صاحب اللسان وله شواهد منها:
ألا من مبلغ عني خفافا******** رسولا بيت أهلك منتهاها
قال صاحب اللسان: فأنث الرسول حيث كان بمعنى الرسالة.
فإن ثبت أن الرسول يأتي بمعنى الرسالة فإن الإعراب سيختلف عندئذ على النحو الآتي:
بني خلف: بني: مفعول به أول للفعل أبلغ منصوب .....
رسولا: مفعول به ثان منصوب ...
جملة (أحقا أن أخطلكم هجاني) بدل من رسول.
مع التحية والتقدير
هذا أجمل من إعرابها حالا
بارك الله فيكم
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[14 - 05 - 2005, 11:57 م]ـ
أخي معمر حفظه الله
أرجو أن تفرق بين مدلولات كلمة الحق التي ذكرتها، فـ (حقا) في قول الشاعر: (أحقا أن أخطلكم هجاني) معناه أصحيح هذا الخبر أم غير صحيح؟ وهو يعلم أنه صحيح ولكنه يستنكر عليهم هذا الأمر كيف يقع من أخطلهم فيحملهم مغبة ما صنع.
وهذا يختلف عن الحق الذي هو اسم من أسماء الله تعالى، وعن الحق الذي هو ضد الباطل، كأمر الرسالة والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه، فقولنا: إن الرسول حق، وإن البعث حق، وإن الجنة حق، وإن النار حق، يعني أن أمر الرسول وهو كونه مرسلا من الله عز وجل مبلغا لرسالته حق لا باطل، ومثل ذلك أمر البعث والجنة والنار فالبعث واقع ووقوعه وحدوثه حق لا شبهة فيه ووجود الجنة والنار حق لا مرية فيه، كل هذا يختلف عما نحن بصدده في البيت.
¥