ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[03 - 06 - 2005, 04:47 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ معمر حفظه الله ..
لنضيق مجال النقاش أكثر ..
ألم نتفق ألا تكون أحكامنا تعميمية قطعية، ألم يكن عندك بديل لقولك (هذه الأمثلة ليست في شيء مما نحن بصدده)؟ أما كان الأفضل أن تقول: لا أجد هذه الأمثلة مما نحن بصدده؟
أخي الكريم صحيح أن الحق مصدر، ولكنه مصدر يوصف به، فنقول: هذا أمر حق، وهذا ذهاب حق، وهذا يقين حق كما تقول: ناس كرام، وقطيفة جرد، فإذا أضفت الصفة للموصوف وعرفت المضاف إليه قلت: حق الأمر، وحق الذهاب، وحق اليقين، وكرام الناس، وجرد القطيفة.
هل لك اعتراض على هذا؟
ـ[أبومصعب]ــــــــ[03 - 06 - 2005, 06:10 م]ـ
أستاذي الموفق الأغر، بارك الله فيكم وأحسن ثوابكم،
يبدو أن مجال النقاش قد ضاق حتى لم يبق إلي مخرجا، فها هي أسئلتك تحيط بي من كل جانب، ولا اعتراض على ما ذكرتموه،
لكن ما حق الذهاب؟
أرجو بسط الجواب بارك الله فيكم
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[03 - 06 - 2005, 07:00 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ معمر وفقه الله وسدده ..
أشكرك على حسن استجابتك وسعة صدرك
اعلم أخي الكريم أنه لا فرق بين إضافة الحق إلى الأمر وبين إضافته إلي الذهاب، فأنت تقدر: لحق أمرك، وسيبويه يقدر: لحق ذهابك، والذهاب أمر من الأمور، فكما تجيز: لحقّ أمرك، أجز: لحق ذهابك، لأن الذهاب أمر أو شأن من الشؤون، ومعنى (حق الذهاب) هو الذهاب الحق، فكأنه يقول: الذهاب الحق أو الذهاب المتيقن منه أمرك.
أخي الكريم ليس ثمة فرق كبير في المعنى بين التقديرين، ولكن أيهما أكثر اطرادا في السماع والقياس بحسب أقوال النحاة: حذف الخبر أم حذف المضاف إليه وإبقاء المضاف على حاله وكأن المضاف إليه موجود؟
هذا ما ينبغي لك أن تبحث عنه، واعذرني عن الانقطاع عن الحوار لأنني غدا سأبدأ بتصحيح كراسات الاختبارات وهي كثيرة تقارب الألف، وبعدها تأتي الإجازة، فإلى اللقاء بعدها إن شاء الله، ونراكم على خير، ولا تنسونا من صالح دعائكم.
مع التحية الطيبة والتقدير.
ـ[أبومصعب]ــــــــ[07 - 06 - 2005, 11:23 ص]ـ
أستاذي الكريم الأغر تظافرت الأدلة على صحة ما قدرت ابتداء والحمد لله وهذا تفصيل لذلك
قلتم:
فأنت تقدر: لحق أمرك،
وأكرر للمرة الثالثة أنني لم أقدر هذا التقدير!!!
مذهب البصريين عدم جواز إضافة الوصوف إلى صفته، والمسموع من ذلك عندهم مؤول على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة، فقولهم (حبة الحمقاء) يقدرونه ب (حبة البقلة الحمقاء) و (صلاة الأولى) يقدرونه ب (صلاة الساعة الأولى)، فالحمقاء صفة للبقلة، لا للحبة، والأولى صفة للساعة لا للصلاة،
وكذلك يقولون في (حق اليقين) (حق الخبر اليقين)
فإذا كان (لحق أنه ذاهب) من باب إضافة الموصوف إلى صفته فما تقدير البصريين لذلك؟ وقد فكرت فيه كثيرا، ولم أجد لذلك مخرجا، ولذلك زعمت أن لا نظير له في كلام العرب، وأتبعته بدعواي أن لا تأويل!!
إن هذه الإضافة الوصفية لا تستقيم إلا بتأويل ومازلت أبحث عنه أو شاهد يؤيده
وقد قدرتم كلام سيبويه ب (لذهابك الحق أمرك) و لعنم التقدير تقديركم، ولنسلم به ابتداء، ثم نمضي إلى ما أشبه ذلك من إضافة الموصوف إلى صفته ك (حق اليقين) فهل نقدره ب (اليقين الحق)، وهل نقدر (عين اليقين) ب (اليقين العين)، (علم اليقين) ب (اليقين العلم) وقد أشرت إلى ذلك في رد سابق،
وهل نقول في مثل (لحقُّ الله) (الله الحق)، كل هذه التساؤلات جالت بخاطري عند تقديكركم (ذهابك الحق)
إن الحذف للخبر أكثر منه للمضاف إليه – وقد حذف – لكن إضافة الشيء إلى نفسه غير جائزة
فنحن بين محظورين، أحدهما يجوز قياسا وسماعا – كما سيتبين إن شاء الله - والآخر لا يجوز إطلاقا وما سمع منه مؤول
قال سيبويه رحمه الله: (فليس حذف المضاف إليه في كلامهم بأشدّ من حذف تمام الاسم.) ولعل كلامه رحمه الله يشير إلى جواز حذف المضاف إليه
فكيف إذا أضيف إلى القياس الصحيح السماع
جاء في الصحاح (وقولهم: لَحَقُّ لا آتيك، هو يمينٌ للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام، وإذا أزالوا عنها اللام قالوا: حقَّا لا آتيك.)
وفي أساس البلاغة (لحقُّ لأَفْعَل، وهو مشبه بالغايات، وأصله لحق الله، فحذف المضاف إليه وقدر، وجعل كالغاية)
وفي المحكم والمحيط الأعظم (ومن أيمانِهم: لحَقُّ لأفْعَلَنَّ مبنية على الضم)
كل ذلك يزيد قوة وإثباتا لما قدرته ابتداء – والفضل لله سبحانه -، فها هم أصحاب اللغة يقررون أن اللفظ (لحق) قطع عن الإضافة في اليمين وشبهه بالغايات
وبهذا فقد تقرر يقينا بأن (لحق) في كلام فصحاء العرب (لحق أنه ذاهب) مقطوع عن الإضافة مشبه بالغايات
وقد يقول قائل لما يكون (لحق أنه ذاهب) يمين كذلك كما قالت العرب (لحق لأفعلن) يريدون القسم أي (لحق الله لأفعلن)، فالجواب أن همزة (إن) تكون مكسورة بعد القسم
قال ابن مالك رحمه الله:
فاكسر في الابتدا وفي بدء صله ... وحيث إنّ ليمينٍ مكمله
وعليه يكون التقدير الأولى ل (لحق أنه ذاهب) هو (لحقه أنه ذاهب) وقد وضحت ذلك رد سابق
والحمد لله أولا وآخرا، فهو الدال على الخير الهادي إلى سواء السبيل
ولكم فائق الاحترام وأسمى التقدير
¥