لا أشك في ذلك!!
ما زلت أستشرفك ...
ـ[حازم]ــــــــ[01 - 06 - 2005, 08:54 م]ـ
يَقُلْنَ: لقدْ بَكيتَ، فقلتُ كلاَّ * وهلْ يَبكي مِنَ الطَّربِ الجَليدُ؟
ولكنِّي أصابَ سَوادَ عَيني * عويدُ قذًى لهُ طَرفٌ حَديدُ
فقُلْنَ: فَما لِدَمعِهما سَواء * أكِلْتا مُقْلَتيْكَ أصابَ عُودُ؟
أستاذي العزيز / " الطائي "
ما زلتُ سعيدًا بآرائك، وبعلوِّ ذَوقك النحويّ، وأرجو أن يطول لقائي معك على صفحات هذه المشاركة، فما زال بيانُك يتلألأ على قامة الغصن، ويتوشَّح بمطارف الحسن، نَثر ترقُّ نواحيه وحواشيه، وحرف تسحر ألفاظه ومعانيه، في مفرداتٍ تضحك عن زهر وغُرر، وكلمات تنطوي على أروع الدُّرر، تأتلف القلوب على جمالها ائتلافا، وتصير الآذان لها أصدافا.
جلَّ الذي قد أبدعك، لله درُّك، ما أعذب ما تخطُّه أناملك، وما أروعك.
أستاذي المُبارك: لا أستحقُّ ما يجود به كَرمُ قَلمك، وما تفيضُ به رقَّة مشاعرك، وكأنِّي بك قد أخطأت الهدف، فما زلتُ بعيدًا عن دائرة وَصفك، وما زلتُ أقيم الحرفَ بعد الحرف، ولا يستقيم لي معه وزن ولا صَرف، والله المستعان.
وما زلتُ أميل إلى رفع " ضدُّ "، في مثالك: " أنا ضدُّ الظُّلمِ "، على أنها خبر المبتدأ، ولا أرَى حاجة إلى التقدير، وبالإمكان تأويل الكلمة ليستقيم معنى الجملة.
فقد لَمحتُ أنك لا ترَى مذاقًا صحيحًا للجملة على وجه الرفع، فهي ليست نحو: " الخيرُ ضدُّ الشرِّ ".
فالجملة الأخيرة مقبولة المعنَى.
أقول: أحسنتَ – يا ذا الحسِّ المرهَف –
الفرق بينهما: أنَّ الجملة الثانية لا إشكال فيها.
أما الأولَى: فالمبتدأ " " ذات "، ولا يصلح أن يكون نقيضًا لمعنى.
ويصحُّ أن يقال: " أنا ضدُّ الظالمِ ".
غير أنني قد أشرتُ في ردِّي السابق، إلى اختلاف معاني كلمة " ضدّ " بين العلماء، ويمكن التصرُّف في معناها حسب السِّياق.
أما من جهة جواز مجيئها مصدرًا، فقد جاء في " التحرير والتنوير "، عند قوله تعالى: {ويَكونُونَ عَلَيهِمْ ضِدًّا}:
(والضدّ: اسم مصدر، وهو خلاف الشيء في الماهية أو المعاملة.
ومن الثاني تسمية العدو ضدًّا. ولكونه في معنى المصدر، لزم في حال الوصف به حالة واحدة، بحيث لا يطابق موصوفه) انتهى
وقال أبو حيَّان، في " بحره ":
(فـ" الضدّ " هنا مصدر وُصف به الجمع، كما يوصف به الواحد) انتهى
أستاذي الفاضل: ذكرتَ: أنك تميل إلى رواية النصب.
فهل صحَّت هذه الرواية؟
إن صحَّت هذه الرواية، فلا بدَّ من التقدير، لا مفرَّ من ذلك، لأنَّ العرب هم الذين يَحكمون على قواعد النُّحاة.
وإلى حين سماع إجابتك، أودُّ أن تنظر إعراب قَوله تعالى: {ولكنَّ البرَّ مَنْ ءَامَنَ باللهِ واليَومِ الآخِرِ} الآية.
أستاذي الكريم: ليَ الشَّرف أن أرافق حرفك، في هذه الرحلة الممتعة، فلا تحرمني ذلك، وسيكون لنا لقاء مع ما تبقَّى من أسئلتك، ولكن ليس قبل أن يستقرَّ بنا المُقام في ظلِّ دوحة " الضدّ "
دمتَ محفوفًا برعاية الله
مع أعذب وأرقِّ التحايا
ـ[الطائي]ــــــــ[02 - 06 - 2005, 07:58 م]ـ
"وكأنِّي بك قد أخطأت الهدف، فما زلتُ بعيدًا عن دائرة وَصفك، وما زلتُ أقيم الحرفَ بعد الحرف، ولا يستقيم لي معه وزن ولا صَرف، والله المستعان"
والله - يا شيخي - ما أخطأتُ الهدف، وما دائرةُ وَصفي إلا حلقةٌ ملقاةٌ في فلواتِ بيانك، فكفاك تواضعاً!!
تُصَدِّرُ رودودَك بأبيات شعرٍ تنتقيها انتقاءً، ثم تهلهل البيان عذباً سلسبيلاً، ثمّ تُسرِج خيول الفكر فلا تنزلُ عنها إلا وهي ضوابح علماً غزيراً، وفكراً ثاقباً، وتوجيها نيِّراً.
قد رَجَعنا البصر كرتين في ما أمطره قلمك من شآبيب العلم، وأدلينا دِلاءنا في بئر فكرك التي لا تنضب؛ فارتأينا أن ننزل عند قولك إيثاراً للسلامة، ولْتذهب الذائقة إلى حيث شاءتْ، ولن تراني بعد اليوم ناصباً الضدّ، فالرَّفع هو الأفصح والأسلم، ولِمَ نلوي الأعناق ونلتمسُ المخارج، ونكثر التأويل، هل كان هذا في التنزيل؟!!
تفكَّرْتُ في إعراب قول الحقّ - تبارك وتعالى -:"ولكنَّ البرَّ مَنْ ءَامَنَ باللهِ واليَومِ الآخِرِ" ففهِمْتُ ما رميتَ إليه؛ فاسم "لكنّ" هو "البرّ" وخبرها اسم الموصول "مَن"، وليس اسمُ "لكنَّ" هو خبرها في المعنى، فالبرُّ ليس هو الذي آمن بالله، إنما البرّ هو الإيمان بالله، ومع ذلك فاسم الموصول هو الخبر إعراباً.
وكذلك في قولنا (أنا ضدُّ الظلم) فأنا لستُ نقيضاً للظلم وإنما أقف ضدَّه، ومع ذلك فالضدّ هنا هو الخبر.
أقِلْني من عثرتي، ومثلك يقيل العثرات، واركب حصانك وودِّع دوحة الضدّ، ثمّ اركضِ الهيذبى إلى أسئلةٍ لا تنفكّ تطرق رأسي طالبةً الإجابة، ولا ينبئك مثل خبير.
سأبقى سائر اليوم مُمَنِّياً النفس برؤية خيلك عادياتٍ في ميدان النحو ضبحاً، مثيراتٍ من العلم نقعاً ...
ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[02 - 06 - 2005, 09:35 م]ـ
ماذا أقرأ، بل ماذا أتحلى، حلاوة التأنق الحازمي، طلاوة التنوق الطائي، أمد المآقي فلا أرى غير التساقي لؤلؤا يساقط ندى حازميا، فيخضر المدى طائيا، خلتني سائلا عن الفوائد، فأغنتني روعة الفرائد.
إذا ما انقضت مشاركة حازمية طائية؛ فإنني أكابد انتظار مشاركة جديدة طائية حازمية، لتطرب أذن قلما استمعت إلى أجراس علياء اللغة، وتقر عين لا تحب حصباء الحوار.
تجرأت قليلا، و شاركت ثقيلا، فعسى أن أغيب طويلا.
للطائي فراسة الهدى، ولحازم مشيخة المنتدى.
ضدان لما استجمعا حَسُنا ........... والضدُّ يظهر حسنه الضدُّ
جهالين
¥