واضح أنه اقتطع من القصيدة الجزء المهم المتعلق برثاء السنور، ولكنني وضعتها هنا لعل أحد الأفاضل يأتينا به، أو يدلنا على كتاب اليزيدي المذكور.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[15 - 03 - 2009, 02:24 م]ـ
جهود مشهودة أخي الحبيب د. عمر خلوف لاحرمنا من درركم السخية كعادتكم.
وهنا حكاية لطيفة أوردها الصفدي في كتابه الكنز "الوافي في الوفيات" عن رثاء هرة حيث قال:
وكان لأبي بكر هرٌ يأنس به وكان يدخل أبراج الحمام التي لجيرانه ويأكل فراخها وكثر ذلك منه فأمسكه أربابها فذبحوه فرثاه بقصيدة اشتهرت
وقد قيل: إنه رثى بها عبد الله بن المعتز وخشي من الإمام المقتدر أن يتظاهر بها؛ لأنه هو الذي قتله فنسبها إلى الهر وعرض به في أبيات منها لصحبةٍ كانت بينهما أكيدة
وقيل: إنما كنى بالهر عن المحسن بن الفرات أيام محنته؛ لأنه لم يجسر أن يذكره ويرثيه
وقيل: إن جاريةً لعلي بن عيسى هويت غلاماً لأبي بكر بن العلاف ففطن بهما فقتلا جميعاً وسلخا وحشي جلودها تبناً فقال مولاه أبو بكر هذه القصيدة يرثيه بها وأولها: من المنسرح
يا هر فارقتنا ولم تعد = وكنت عندي بمنزل الولد
فكيف ننفك عن هواك وقد= كنت لنا عدةً من العدد
وتخرج الفأر من مكامنها= ما بين مفتوحها إلى السدد
يلقاك في البيت منهم مددٌ= وأنت تلقاهم بلا مدد
لا عددٌ كان منك منفلتاً = منهم ولا واحد من العدد
لا ترهب الصيف عند هاجرةٍ = ولا تهاب الشتاء في الجمد
وكان يجري ولا سداد لهم= أمرك ما بيننا على السدد
حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا = ولم تكن للأذى بمعتقد
وحمت حول الردى بظلمهم = ومن يحم حول حوضه يرد
وكان قلبي عليك مرتعداً= وأنت تنساب غير مرتعد
تدخل برج الحمام متئداً = وتبلع الفرخ غير متئد
وتطرح الريش في الطريق لهم = وتبلع اللحم غير مزدرد
أطمعك الغي لحمها فرأى = قتلك أصحابها من الرشد
حتى إذا داوموك واجتهدوا = وساعد النصر كيد مجتهد
كادوك دهراً فما وقعت وكم = أفلت من كيدهم ولم تكد
فحين أخفرت وانهمكت وكا = شفت وأسرفت غير مقتصد
صادوك غيظاً عليك وانتقموا = منك وزادوا ومن يصد يصد
ثم شفوا بالحديد أنفسهم= منك ولم يرعووا على أحد
منها: من المنسرح
فلم تزل للحمام مرتصداً = حتى سقيت الحمام بالرصد
لم يرحموا صوتك الضعيف كما = لم ترث منها لصوتها الغرد
أذاقك الموت ربهن كما= أذقت أفراخه يداً بيد
كأن حبلاً حوى بجودته = جيدك للخنق كان من مسد
ومنها: من المنسرح
كأن عيني تراك مضطرباً =فيه وفي فيك رغوة الزبد
وقد طلبت الخلاص منه فلم = تقدر على حيله ولم تجد
فجدت بالنفس والبخيل بها = أنت ومن لم يجد بها يجد
فما سمعنا بمثل موتك إذ = مت ولا مثل عيشك النكد
عشت حريصاً يقوده طمعٌ = ومت ذا قاتلٍ بلا قود
يا من لذيذ الفراخ أوقعه = ويحك هلا قنعت بالغدد
ألم تخف وثبة الزمان وقد= وثبت في البرج وثبة الأسد
ومنها: من المنسرح
عاقبة الظلم لا تنام وإن = تأخرت مدةً من المدد
أردت أن تأكل الفراخ ولا= يأكلك الدهر أكل مضطهد
هذا بعيدٌ من القياس وما = أعز في الدنو والبعد
لا بارك الله في الطعام إذا = كان هلاك النفوس في المعد
كم دخلت لقمةٌ حشا شرهٍ = فأخرجت روحه من الجسد
ما كان أغناك عن تسلقك ال = برج ولو كان جنة الخلد
ومنها: من المنسرح
قد كنت في نعمة وفي دعةٍ = من العزيز المهيمن الصمد
تأكل من فأر بيتنا رغداً = وأين بالشاكرين للرغد
وكنت بددت شملهم زمناً = فاجتمعوا بعد ذلك البدد
فلم يبقوا لنا على سبدٍ = في جوف أبياتنا ولا لبد
وفرغوا قعرها وما تركوا = ما علقته يدٌ على وتد
وفتتوا الخبز في السلال فكم = تفتت للعيال من كبد
ومزقوا من ثيابنا جدداً = فكلنا في المصائب الجدد