تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أبوتمام يُرشد البحتري

ـ[ناصر البيان]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 06:19 م]ـ

يقول أبو تمام لتلميذه البحتري: (يا أبا عبادة تخير الأوقات وأنت قليل الهموم صفر من الغموم واعلم أن العادة في الأوقات أن يقصد الإنسان لتأليف شيء أوحفظه في وقت السحر وذلك أن النفس قد أخذت حظها من الراحة وقسطها من النوم فإذا أردت النسيب فاجعل اللفظ رقيقا والمعنى رشيقا وأكثر فيه من بيان الصبابة وتوجع الكآبة وقلق الأشواق ولوعة الفراق وإذا أخذت في مدح سيد أياد فأشهر مناقبه وأظهر مناسبه وأبن معالمه وشرّف مقامه ونضِّد المعاني واحذر المجهول منها وإياك أن تشين شعرك بالألفاظ الرزية وكن كأنك خياط يقطع

الثياب على مقادير الأجسام وإذا عارضك الضجر فأرح نفسك ولا تعمل إلا وأنت

فارغ القلب واجعل شهوتك إلى قول الشعر الذريعة إلى حسن نظمه فإن الشهوة نعم المعين وجملة الحال أن تعتبر شعرك بما سلف من شعر الماضين فما استحسنه العلماء فاقصده وماتركوه فاجتنبه ترشد إن شاء الله تعالى).

منقول من زهر الآداب للحصري

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 07:41 م]ـ

وجاء في العمدة:

وليأخذ الشاعرُ نفسَه بحفظ الشعر والخبر، ومعرفة النسب، وأيام العرب؛ ليستعملَ بعض ذلك فيما يريده من ذكر الآثار، وضرب الأمثال، وليعلق بنفسه بعض أنفاسهم ويقوى بقوة طباعهم ...

وقد سئل رؤبة بن العجاج عن الفحل من الشعراء، فقال: هو الراوية ...

وقال الأصمعي: لا يصير الشاعر في قريض الشعر فحلاً حتى يروي أشعار العرب، ويسمع الأخبار، ويعرف المعاني، وتدور في مسامعه الألفاظ. وأول ذلك أنه يعلم العروض؛ ليكون ميزاناً له على قوله؛ والنحو؛ ليصلح به لسانه وليقيم به إعرابه؛ والنسب وأيام الناس؛ ليستعين بذلك على معرفة المناقب والمثالب وذكرها بمدح أو ذم.

وقد كان الفرزدق على فضله في هذه الصناعة يروي للحطيئة كثيراً،

وكان الحطيئة راوية زهير،

وكان زهير راوية أوس بن حجر وطفيل الغنوي جميعاً،

وكان امرؤ القيس راوية أبي دؤاد الإيادي: مع فضل تميزه، وقوة غريزته،

وكان كثيّر راوية جميل ومفضِّلاً له: إذا استنشد لنفسه بدأ بجميل، ثم أنشد ما يراد منه

يتبع ..

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 07:46 م]ـ

ولا يستغني المولد عن تصفح أشعار المولدين؛ لما فيها من حلاوة اللفظ، وقرب المأخذ، وإشارات الملح، ووجوه البديع الذي مثله في شعر المتقدمين قليل، وإن كانوا هم فتحوا بابه، وفتقوا جلبابه، وللمتعقب زياداتٌ وافتنان، لا على أن تكون عمدة الشاعر مطالعة ما ذكرته آخر كلامي هذا دون ما قدمته؛ فإنه متى فعل ذلك لم يكن فيه من المتانة وفضل القوة ما يبلغ به طاقة من تبع جادته، وإذا أعانته فصاحة المتقدم وحلاوة المتأخر اشتد ساعده، وبَعُد مرماه، فلم يقع دون الغرض؛ وعسى أن يكون أرشق سهاماً، وأحسن موقعاً، ممن لو عول عليه من المحدثين لقصر عنه، ووقع دونه، وليجعل طلبه أولاً للسلامة، فإذا صحت له طلب التجويد حينئذ، وليرغب في الحلاوة والطلاوة رغبته في الجزالة والفخامة، وليجتنب السوقي القريب، والحوشي الغريب، حتى يكون شعره حالاً بين حالين كما قال بعض الشعراء:

عليك بأوساط الأمور؛ فإنها=نجاة، ولا تركب ذلولا ولا صعبا

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[28 - 02 - 2009, 07:49 م]ـ

ولا يكون الشاعر حاذقاً مجوِّداً حتى يتفقد شعره، ويعيد فيه نظره، فيسقط رديّه، ويثبت جيده، ويكون سمحاً بالركيك منه، مطرحاً له، راغباً عنه؛ فإن بيتاً جيداً يقاوم ألفي رديء. قال امرؤ القيس:

أذود القوافي عني ذياداً=ذياد غلام جريء جرادا

فلما كثرن وعنينه=تخير منهن شتى جيادا

فأعزل مرجانها جانباً=وآخذ من درها المستجادا

فإذا كان أشعر الشعراء يصنع هذا ويحكيه عن نفسه، فكيف ينبغي لغيره أن يصنع?

ويقال: إن أبا نواس كان يفعل هذا الفعل؛ فينفي الدنيّ ويبقي الجيد.

وليلتمس له من الكلام ما سهل، ومن القصد ما عدل، ومن المعنى ما كان واضحاً جلياً يعرف بدياً، فقد قال بعض المتقدمين: شر الشعر ما سُئل عن معناه.

وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحوليّ المحكّك، أخذ في ذلك بمذهب زهير، وأوس، وطفيل.

ـ[الباز]ــــــــ[01 - 03 - 2009, 02:24 ص]ـ

وجاء في نضرة الإغريض في نصرة القريض:

وينبغي للشّاعرِ أن يُقرِّبَ مأخذَهُ ولا يُبعّد مُلتَمَسَه ولا يقصِدَ الإغرابَ فإنه إذا دقّ أغلقَ وإذا استعملَ وحشيَّ اللغةِ نفرَتْ عنهُ مسامعُ الرّواةِ، وأن يوردَ المعنى باللفظِ المعتادِ في مِثلِه وأن تكون استعاراتُه وتشبيهاتُه لائقةً بما استُعيرَتْ له وشُبِّهَتْ به غيْرَ نافرةٍ عن معانيها. فإنّ الشِّعرَ لا تروقُ نضارتُهُ وتشرقُ بهجتُهُ وترقُّ حواشيه وتورقُ أغصانُه ويعجبُ أقاحيه إلا إذا كان بهذه الصِّفَة. وإذا اتفق مع ذلك معنىً لطيفٌ أو حكمةٌ غريبةٌ أو أدبٌ حسَنٌ فهو زيادةٌ في بهاءِ الشعرِ وإنْ لمْ يتفقْ فقد قامَ الشعرُ بنفسِه واستغنى عمّا سواه. وإذا سلكَ الشاعرُ غيرَ هذا المذهبِ المُذْهَب وكان لسانُه ولفظُه مُقصّرَيْن عن إدراكِ هذا المطلبِ حتى يعتمدَ على دقيقِ المعاني بألفاظٍ متعسّفةٍ ونسجٍ مُضطَربٍ، وإن اتّفقَ في ضمنِ ذلك شيءٌ من سليمِ الرّصْفِ وقويمِ النّظْمِ قُلنا له: قد جِئْتَ بحكمةٍ فإن شئتَ دعَوْناكَ حكيماً ولا ندعوكَ شاعراً ولا بليغاً لأنك ذهبتَ غيرَ مذْهَبِ الشُعراءِ البُلغاءِ.

وهذه طريقةٌ لم يذهبْ إليها من شكرَهُ العلماءُ من أهلِ هذه الصناعة.

وينبغي للشاعرِ ألا يُعاديَ أهلَ العلم ولا يتخذَهم خصوماً فإنهم قادرونَ على أن يجعلوا إحسانَهُ إساءةً، وبلاغتَهُ عِيّاً، وفصاحتَهُ حصْراً، ويُحيلوا معناهُ، وينتقضوا ما بَناه. فكم من أديبٍ أسقطَ أهلُ العلمِ حُكْمَ أدبِه وأخملُوا من ذكره ما تنبّلَ به .. ولو عدَدْناهُم لأفردْنا لهم كتاباً.

شكرا لك أخي ناصر البيان على الموضوع الرائع ..

و لأخي الدكتور عمر بإثرائه الموضوع بلطيف ما اقتبسه من فوائد

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير