تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أبو الطيب والتألق]

ـ[ناصر البيان]ــــــــ[08 - 02 - 2009, 12:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه القصيدة لمن يهوى النظم البليغ وتستوقفه قوة السبك

واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ=وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ عَدَمُ

مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي=وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ

إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ=فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ

قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ=وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ

فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ=وَكانَ أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ

فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ=في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ

قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت =لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ

أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها =أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ

أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً =تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ

عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ =وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا

أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ =تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ

يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي =فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ

أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً =أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ

وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ =إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ

أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي =وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ

أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها =ويسهرالخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ

وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي =حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ

إِذا رأيت نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً =فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ

وَمُهجَةٍ مُهجَتي مِن هَمِّ صاحِبِها =أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ

رِجلاهُ في الرَكضِ رِجلٌ وَاليَدانِ يَدٌ =وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ

وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ =حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ

فَالخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني =وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ

صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِداً =حَتّى تَعَجَّبَ مِنّي القورُ وَالأَكَمُ

يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُم =وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ

ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ =لَو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ

إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا =فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ

وَبَينَنا لَو رَعَيتُم ذاكَ مَعرِفَةٌ =إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ

كَم تَطلُبونَ لَنا عَيباً فَيُعجِزُكُم =وَيَكرَهُ اللَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ

ما أَبعَدَ العَيبَ وَالنُقصانَ عَن شَرَفي =أَنا الثُرَيّا وَذانِ الشَيبُ وَالهَرَمُ

لَيتَ الغَمامَ الَّذي عِندي صَواعِقُهُ =يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عِندَهُ الدِيَمُ

أَرى النَوى تَقتَضيني كُلَّ مَرحَلَةٍ =لا تَستَقِلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُسُمُ

لَئِن تَرَكنَ ضُمَيراً عَن مَيامِنِنا =لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمُ

إِذا تَرَحَّلتَ عَن قَومٍ وَقَد قَدَروا =أَن لا تُفارِقَهُم فَالراحِلونَ هُمُ

شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ =وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ

وَشَرُّ ما قَنَصَتهُ راحَتي قَنَصٌ =شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَخَمُ

بِأَيِّ لَفظٍ تَقولُ الشِعرَ زِعنِفَةٌ =تَجوزُ عِندَكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ

هَذا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ =قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ

ـ[المستبدة]ــــــــ[08 - 02 - 2009, 10:00 م]ـ

أخي ناصر البيان:

لا شك في رصانتها وبلاغتها.

مثل هذا الجمال يعرف موطنه.

شكرا للذائقة الجميلة، التي قادت بهذه القصيدة البديعة هنا.

وفقك الله

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 02 - 2009, 10:54 م]ـ

كيف لا وهو الذي:

ينام ملء جفونه عن شواردها

هذا أحمد.

ـ[أبو عبد الرحمن2]ــــــــ[09 - 02 - 2009, 12:04 ص]ـ

أي نعم أخي ذاك أبو الطيب

فارس البلاغة و عنوان البليغ

ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 02 - 2009, 01:42 ص]ـ

أخي ناصر البيان

شكرًا على هذا الاختيار الطيب

وهو من النصوص الرائعة لشاعر العربية

لو شفع النص بتحليل بيت أو فكرة

لزادت الجمالية، حتى لا يبقى النص جافًا

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[09 - 02 - 2009, 02:16 ص]ـ

اخنيار موفق لشاعر بليغ رائع القصيد حلو المعاني

نعم أخي بحر الرمل

أنام ملء جفوني عن شواردها **** ويسهر الخلق جراها ويختصم

بارك الله فيك أخي ناصر البيان

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير