[ديوان العرب وديوان الغرب]
ـ[اليافع]ــــــــ[26 - 03 - 2009, 03:04 م]ـ
كثر الحديث في الآونة الأخيرة وقبل الأخيرة عن الرواية وأثرها في النشاط الأدبي والثقافي بشكل عام، وأقيم لأجل ذلك مؤتمرات وندوات أمسيات وقراءات وملتقيات، إلى غير ذلك من الوسائل المشعرة بأهمية هذا اللون من ألوان الأدب، وشدة تأثيره على المجتمع، سواء ظهر في صورة مرئية – بذهاب رونق الرواية – أو بدا بصورة مقروءة.
ولا شك أن الرواية فن أدبي راق، حديث، تتجه إليه أعناق المثقفين والقراءة على جميع المستويات والطبقات، لما له من لذة في سرد الأحداث، وإثارة العقل، وكشف جوانب مخفية في المجتمع أو ظاهرة لكنها تقرأ بصورة خاطئة إلى غير ذلك من المتع التي يجدها القارئ.
ثم إن هذا الاهتمام بدأ يتطور وأريد به أن يزاحم (ديوان العرب) الشعر، مزاحمة خفيفة في البداية حيث أعلن النقاد أن الرواية فن أدبي كما أن الشعر فن أدبي، مع فارق التأثير بين اللونين.
فالشعر فيه الخيال الكثيف، والحكم، والإيقاع المطرب، وتاريخ الأمم والشعوب، والإيجاز، وتأثيره في النفوس كبير جداً فكم من فرد أو قبيلة تغيرت أنشطة حياتهم بيت شعر قالوه أو قيل لهم، ولا نريد الاستطراد، لأننا لو جئنا على شيء من هذا لجئنا على شيء كثير، ويكفينا من القلادة قول ابن الخطاب رضي الله عنه: كان الشعر علم القوم، ولم يكن لهم علم أصح منه، أو قول ابن عباس رضي الله عنه: الشعر ديوان العرب، والديوان هو الجامع، أو قول أبي تمام:
ولولا خلال سنها الشعر مادرى ... بغاة العلى من أين تؤتى المكارم
وكان الشعر القالب الثقافي السائد عند نزول القرآن، وكانت اللغة في أتم شبابها، ووردة عمرها، ونصاعة ألفاظها، فلبست ثوب القصيد، وتلحفت برداء الأوزان والقوافي، فدرج على العناية بهذا اللون العرب قديما، فكانوا يعلمون أبنائهم الشعر، ليضارعوا أرواح أجدادهم في الأدب والقيم والأخلاق السامية، والمعاني الإنسانية الرفيعة، وأما ما كان سيئا فقد أبعدوه عن أنفسهم وأبنائهم.
والرواية الأدبية تتمتع بحضور فاعل وقوي في الساحة الثقافية العربية، لأسباب كثيرة، منها مايرجع للناشر وتسويقه ومنها مايرجع للكاتب وقضاياه، ولست بصدد الكلام عن إخفاق كثير من الروايات عن بناء ثقافة الانتاج، وروح الدين، والانطلاق من القيم، لأنها بعضا منها يدور حول قضاء الشهوات، ونشر المشتبهات، وأخذ لقطة من المجتمع على قالب من الورق.
لتبقى الرواية فنا وليبقى الشعر فنا، ولا داعي لخلق جو من الإنفصالية، والإنعزالية بين الفنين، والإكثار من الدعوات بانحسار موجة الشعر، واعتلاء الرواية عرش الثقافة الأدبية، لأن الوسيلة لاينغي أن تشغلنا عن الرؤية، خاصة إذا كان أصحاب هؤلاء الدعوات يرون ما للشعر من حضور فاعل وقوي على المستوى الشعبي أو المستوى الفصيح.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[26 - 03 - 2009, 04:16 م]ـ
أشكرك أخي الكريم
واسمح لي ببضع كلمات
لم يتراجع الشعر بسبب مزاحمة الرواية بل تقدمت الرواية بسبب تراجع الشعر
كيف؟
لقد هبطنا وبقي الشعر في القمة هذا هو السر
بسبب تخلف المجتمع وابتعاده عن أسباب الثقافة أصبح الشعر كما المسرح فنا نخبويا
سيما وأن لغته لغة غير محكية (قد تقول لي أن العرب كانوا بداة مع ذلك كان الشعر)
أما الرواية التي هي أقرب إلى ذهنية المواطن العادي من الشعر كما أوضحت فقد سدت بعضا من الفراغ الذي تركه الشعر (رغم أن قراء الرواية ليسوا بالعدد الذي يشكل ظاهرة) أما الرابح الأكبر من غياب الشعر الفصيح هو الشعر الشعبي
ـ[اليافع]ــــــــ[26 - 03 - 2009, 07:32 م]ـ
أشكر بحر الرمل مع المرور
وإني والله أشهد معك هذا الإنحسار لبرنامج الشعر
يعتقد البعض أن الشعر أكبر منا
ويرى آخرون أن الشعر جيئ من غير بابه
وأيضا لقد قال فيه من يحسن ومن لايحسن
ـ[السراج]ــــــــ[27 - 03 - 2009, 10:42 ص]ـ
هي أزمنة، وفترات يمر بها الأدب العربي دوما؛ فيرتفع الشعر وتخبو القصة، ثم يخبو الشعر فتعلو القصة، وقد يهبطان معا .. وهذا كله مربوط بميلاد شعراء يحدثون إبداعا في أفكارهم وابتكار ذوي القصة خيوط حبكتهم بعناية وتفرد.
هذا الارتباط الوثيق ولّد لدينا عصورا خملت في الأدب العربي وولدت عصورا أنارت الشرق والغرب ..
وإن ما نشهده الآن من (قلة) الشعر الممتع، و (تكدس) لآخر، هو من أثقل ميزان الرواية التي بدأ صناعها في تزيينها ..