تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حسّنتم الفرار-على قبحه- حتى حَسُن

ـ[الباز]ــــــــ[20 - 02 - 2009, 06:35 م]ـ

:::

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صدق الخليل بن أحمد إذ قال:

الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاؤوا،

ويجوز لهم مالا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده،

ومد المقصور وقصر الممدود ..

والتفريق بين صفات الكلام، واستخراج ما كلّت الألسن عن وصفه ونعته،

والأذهان عن فهمه وإيضاحه، فيقرّبون البعيد ويبعّدون القريب ويُحتج بهم ولا يُحتج عليهم

ويصورون الباطل في صورة الحق، والحقّ في صورة الباطل

(انتهى كلامه رحمه الله)

الفرار شر أخلاق الرجال -كما يقال- لكن الشعراء برغم ذلك

قد حسّنوه وزينوه لما لديهم من سحر البيان و لطيف الإعتذار ..

و مما يدل على صدق كلام الخليل و خصوصا العبارة الأخيرة الملونة بالأحمر

ما جاء في العقد الفريد لابن عبد ربه:

من أشعار الفرارين الذين حسنوا فيها الفرار على قبحه حتى حسن، قول الفرّار السلمي:

وكتيبة لبستها بكتيبة=حتى إذا التبست نفضتُ لها يدي

وتركتُهم تقص الرماح ظهورهم=من بين مقتولٍ وآخرَ مُسْنَدِ

ما كان ينفعني أن تقولَ نساؤهم=وقُتِلْتُ دون رجالها: لا تبعد

:)

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: ما اعتذر أحد من الفرارين بأحسن

مما اعتذر به الحارث بن هشام حيث يقول:

الله يعلم ما تركت قتالهم=حتى رموا مهري بأشقر مزبد

وعلمت أني إن أقاتلْ واحداً=أُقتلْ ولا يضرر عدوي مشهدي

فصدفت عنهم والأحبة فيهم=طمعاً لهم بعقاب يوم مرصد

وهذا الذي سمعه رتبيل فقال: يا معشر العرب، حسّنتم كل شيء فحسُن حتى الفرار.

و الأبيات السابقة قد اعتذر بها الحارث بن هشام ردا على ما سيأتي

من أبيات حسان بن ثابت ..

فقد عيّر حسان بن ثابت الحارث بن هشام (*) بفراره يوم بدر بطريقة لاذعة

و ببراعة بيانٍ يسمى في علم البديع الإستطراد (وهو أن يبدأ الشاعر أو المتكلم

في معنى ثم يخلصُ منه بلطف إلى معنى آخر من مدح

أو ذم أو غيرهما ويكون المقصود من البداية المعنى الأخير

وإنما يسوق الشاعر المعنى الأول ليجعله سببا للمرور إلى المعنى الثاني).

يقول حسان:

إن كنتِ كاذبةَ الذي حدَّثْتِني=فنجوتِ مَنْجَى الحارثِ بن هشام

تَرَكَ الأحبَّةَ لمْ يقاتلْ دونهم=و نَجَا برأس طِمِرَّةٍ و لِجَام

(العقد الفريد بتصرف)


الحارث بن هشام أسلم و حسن إسلامه

ـ[محمد سعد]ــــــــ[20 - 02 - 2009, 07:32 م]ـ
وأحسن ما قيل في الفرار كله ما قال قيس بن الخطيم:
إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا =صدود الخدود وازورار المناكب

أجالدهم يوم الحديقة حاسراً =كأن يدي بالسيف مخراق لاعب

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[21 - 02 - 2009, 02:20 ص]ـ
وقال شاعر:

يقول لي الأمير بغير جرم=تقدم حين حل بنا المراس
فما لي إن أطعتك في حياة=ولا لي غير هذا الرأس راس

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[21 - 02 - 2009, 02:25 ص]ـ
لكن بالله ما هؤلاء مع الذين

أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم=ولم يرتقوا من خشية الموت سلما
ولو أنهم فروا لكانوا أعزة=ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما

ـ[المستبدة]ــــــــ[21 - 02 - 2009, 02:29 ص]ـ
شكرا أستاذ.

أمتعتنا بذائقة صيّادة.

للأدب العربيّ دوما ما يميّزة تفرّدا في الصدارة.

ـ[الباز]ــــــــ[23 - 02 - 2009, 05:46 م]ـ
الإخوة و الأخوات:

محمد سعد

عامر مشيش

المستبدة

ألف شكر لمروركم و إثرائكم

-

ـ[الباز]ــــــــ[23 - 02 - 2009, 05:53 م]ـ
و ألف شكر لكل من مر من هنا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير