تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مقاربة نفسية لرؤية أعرابية!]

ـ[معالي]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 07:34 ص]ـ

قال أعرابيّ *:

شكوتُ فقالت: كلَُّ هذا تبرّمًا = بحبي؟! أراح الله قلبك من حبي!

فلمّا كتمتُ الحب قالت: لشدّما = صبرتَ، وما هذا بفعل الشجي القلبِ!

وأدنو فتقصيني فأبعد طالبًا = رضاها فتعتدّ التباعد من ذنبي!

فشكواي تؤذيها، وصبري يسوؤها = وتجزع من بعدي، وتنفر من قربي!

فيا قوم هل من حيلة تعرفونها؟ = أشيروا بها واستوجبوا الشكر من ربي!

توقفتُ طويلا عند هذه الأبيات أتأمل سلوكًا نفسيًا لبعض النساء يشكوه أزواجهن، ولا يعني هذا –حتما- انتفاء هذا السلوك لدى الرجال.

إن ما يحكيه الشاعر من تقلب مزاج محبوبته، وربما كانت زوجا له، يدعو إلى تقديم عدة تفسيرات نفسية موضوعية لسلوكها، فهو يقول مُجمِلا معاناته معها:

فشكوايَ تؤذيها، وصبري يسوؤها = وتجزع من بعدي، وتنفر من قربي!

فما العلة الداعية إلى مثل هذا السلوك من المحبوبة؟

مما يحتمله الموقف، ولا أقطع بشيء منه، لعدم توفر مناسبة النص بين يديّ:

1 - أن المحبوبة تدلّ على شاعرنا بمكانها من نفسه، فهي تستغل هذه الحظوة للعبث بشعوره الصادق ورغبته في إرضائها لتشبع رغبتها في ملاحظته وهو يسعى لما يرضيها.

2 - ربما لم يكن منها عبثا ولكنه نوع من الممارسة العاطفية التي تعلم يقينا أنها لا تسخط صاحبها، بل تدخل السرور عليه بما هو معروف من حال أهل العشق من استحسان كل ما يصدر عن المحبوب.

3 - أنها تعاني حقيقة من علة نفسية تحملها على هذا التناقض، وربما كان ما يُسمونه في زماننا (فصام الشخصية).

4 - أن الشاعر لم يزد على تصوير مواقف أملاها خياله الشاعريّ، ولم يكن للواقع منها نصيب، وإنما قال ما قال رغبة في قول شيء من الشعر.

مثل هذه التفسيرات التي طرأت على الذهن حال نظري في الأبيات تحملني على القول بأهمية المقاربات النفسية ومتعتها لدارس الأدب، فهل أجد لمثل هذا نظائر من فصحائنا الأكارم؟!

* قيل إنها لمحمد بن عليّ الضبي، شاعر ذي اليمينين طاهر بن الحسين، والأبيات استللتها من (الكامل في اللغة والأدب، للمبرد) بتحقيق د. محمد الدالي 1/ 372، وقد جاء في هامش الصفحة:

"والأبيات بلا نسبة في الشعر والشعراء 841، والحماسة البصرية 2/ 172 " ا. هـ

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 07:41 ص]ـ

أبيات جميله وتحليل أجمل

بوركت أيها الأخت الكريم ...

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 10:38 ص]ـ

صيد ثمين أتيت به أخت معالي فجزاك ربي خيراً ..

ومن نظرة سريعة للأبيات رأيت أن الشكوى في البيت الأول من صاحبته

إنما هي شكوى دلّ لاتذمر.

فالبيت الثاني يدل على ذلك،لأنه في هذه المرة كتم الحب ..

وأرى أن الأبيات عبارة عن مداعبة بالكلام من هذا المحب، وربما تدخل تحت باب أعذب الشعر أكذبه.

ـ[أحاول أن]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 03:22 م]ـ

من يعلِّمنا درسا نفسيا أدبيا؟!

أستاذتنا معالي!

لو تعلمين كم نفتقد طرحك وأدبك ونقدك وتحليلك! نفتقد كل ما يمتُّ لمعرفك بكلمة نجدها دوما نافعة ..

ربما ناسبت هذه الشكوى الزوجة من حيث قرب زوجها وبقائه في البيت:)

وفيما سواها أظن النص بعيدا نوعا ما عن الزوجة ..

راقت لي تعليلاتك - وكلها محتملة وإن كان الأول هو الغالب عندي؛ فعلا ربما كان عبثا بشعوره الصادق وتمننا ودلالا .. ولكن - والحديث للمقاربة النفسية - لماذا لا ننظر لم فعلت ذلك؟ لعلها الخبرة المتراكمة والمخاوف من تكرار التجارب التي في محيطها، ربما شاهدت ماذا يحدث للمحبوبة لو ظفر بها المحب، أظنه الجاحظ الذي قال:إذا ظفر المحب بالمحبوب ذهبت تسعة أعشار العشق!

ولهذا يقولون ليت والد ليلى زوج قيس بن الملوح لنرى هل كانت ستستمر "المؤنسة ":)

لأنه بعد الظفر تتكشف الأنفس على حقائقها فإما أن ينمو الحب أعمق باتجاه الداخل وأوثق وأروع، وإلا ذهب مع القشور بمظاهره الخارجية وآهاته السطحية ..

التعليل الثاني: ويمكن أيضا أنه يستعذب هذا الجفاء، ويبالغ في الصورة لتظهر تجربته معها في أقوى معاناتها، وأشجى شكاواها ..

التعليل الثالث: أنها تعاني علة نفسية، ربما هي للغرور والأنانية أقرب، وإن زادت فهي "سادية: التلذذ بتعذيب الآخرين "

هنا هو المسؤول: ففي الناس إن رثت حبالك واصل **وفي الأرض عن دار القِلى متحوَّلُ

التعليل الرابع: ليس مستبعدا؛ لأن هذا ديدن الشعراء منذ الوقفات الطللية وهجر مي وسعاد وسلمى وعبلة وسواهنّ ممن بدأ الشاعر بأنينه على ابتعادهن وعدم رضاهن عن كل ما يُقدَّم من أجلهن ّ، فلعله من هذا العزف الخيالي ّ ..

وفي كل أحواله،له الشكر أن أمتعنا بلقاء أدب معك أستاذتنا ..

ـ[المستبدة]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 08:01 م]ـ

وفي هذه المشاركة يصدق قولي دائما:

أنّ الأديب اللبيب لا تدخل بيته الحروف وتخرج هكذا ..

بل إما تزيد أو تنقص، فتزيد بجميل حروفه،وبديع وصفه،و ماتع تصريفه.

أو أنّه ينقصها من ضخامةٍ توشّحتها بهتانا!

الأستاذة معالي:

أدبك جميل .. وتأمّلاتك بديعه،قد تمرّ بي هذه المقطوعة،وقد لا أعير لها

وجها من حرف!

لكن في مقاربتك الأدبيّة،نتعلّم أنّ كل قطعة أدبيّة لها شأنها،إن كان عظيما أو يسيرا.

ومن نظرة سريعة للأبيات رأيت أن الشكوى في البيت الأول من صاحبته

إنما هي شكوى دلّ لاتذمر.

فالبيت الثاني يدل على ذلك،لأنه في هذه المرة كتم الحب ..

هذا وهي نظرة سريعة،كيف وإن كانت متأمّلة.

أتفق مع الأستاذ أحمد فيما ذهب إليه.

إذا ظفر المحب بالمحبوب ذهبت تسعة أعشار العشق!

وعلى هذا فالزوجة الذكيّة، من تجعله (أي الحب) طائرا دوما،ليظل يبحث عنه!

هذه حقيقة الحب،يحتاج دوما أزاهير جديدة يحلّق حولها.

صيّادة أيتها المعالي.

بورك في حرفك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير