تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سالم"لا تصالح"]

ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[30 - 01 - 2009, 05:18 م]ـ

على لسان كليب حين كان يسبح بدمه بعدما قُتل غدراً، فأرسلها إلى أخيه الزير سالم قائلاً:

لا تصالح! ..

ولو منحوك الذهبْ ...

أتُرى حين أفقأ عينيكَ، ثم أثبّت جوهرتين مكانهما .... .. هل ترى بهما .. ؟!! ...

هيَ أشياءُ لا تشترى ..

ذكريات الطفولة بين أخيكَ وبينكَ ..

( ....................... )

تلك الطمأنية الأبدية بينكما:

إن سيفانِ سيفكَ

صوتانِ صوتكَ

إنك إن متَ:

للبيت ربَ

وللطفل أب

هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟

أتنسى ردائي الملطخ ..

تلبس فوق دمائي ثياباً مطرزةً بالقصب؟!!

إنها الحرب .. !! ..

قد تثقل القلب ......... لكن خلفك عار العرب ....

لا تصالح ... ولا تتوخَ الهرب! ..

لا تصالح على الدم ... حتى بدمْ!

لا تصالح! ولو قيل رأسٌ برأس! .......... أكلُّ الرؤوس سواء؟! ..

أقلْبُ الغريب كقلب أخيكَ؟! ..

وهل تتساوى يدٌ ... سيفها كان لكْ ...... بيدٍ سيفُها أثكلك؟

سيقولون: جئناكَ كي تحقن الدم ..... جئناك كُن أمير الحكم

سيقولون: ها نحن أبناء عم .......

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك ....

واغرس السيف في جبهة الصحراء

إلى أن يجيب العدم.

... أنني كنت لك ... فارساً .. وأخاً ... وأباً ......... .... وملِكْ

لا تصالح ولو حَرَمْتك الرقاد ..... صرخاتُ الندامة ...

وتذكّر .. (إذا لان قلبك النسوة اللابسات السواد وأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)

إن بنتَ أخيك " اليمامـ ــة"

زهرةٌ تتسربل ... في سنوات الصبا ... بثياب الحداد

.. كنت إن عدتُ ......... تعدو على درج القصر، .. تمسك ساقي عند النزول ...

فأرفعها وهي ضاحكة .. فوق ظهر الجواد .........

هاهي الآن صامتة ..... !! ... حرمتها يد الغدر ... من كلمات أبيها

ارتداء الثياب الجديدة ....

من أن يكون لها ذات يوم .. أخٌ ....

من أبٍ يبتسم في عرسها ....... !! ..

وتعود إليه إذا الزوج أغضبها ..

وإذا زارها ... يتسابق أحفاده نحو أحضانه ... لينالوا الهدايا ...

ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)

ويشدّوا العمامة ....

لا تصالح .... ّ

فما ذنب تلك " اليمامة"

لترى العشّ محترقاً .. فجأة ... وهي تجلس فوق الرماد؟ .. ! ..

لا تصالح ... ولو توجوّك بتاج الإمارة ....

كيف تخطو على جثة ابنِ ابيكَ .. ؟ ....

وكيف تصير المليك .... على أوجهِ البهجة المستعارة .. ؟ ..

كيف تنظر في يد من صافحوك ..... فلا تبصر الدم .. في كل كفّ؟

إن سهماً أتاني من الخلفْ ... سوف يجيئك من ألفِ خلفْ.

فالدم الآن صار وساماً وشارة ...

لا تصالح ... ولو توجوّك بتاج الإمارة .... إن عرشك سيفٌ ... وسيفَك: زيفٌ ...

إذا لم تَزِنْ بذؤابته لحظات الشرف ... واستطبت الترف ....

لا تصالح ولو قال من مال عن الصدام:

"ما بنا طاقةٌ لامتشاق الحسام .. "

عندما يملأ الحق قلبك .... تندلع النار إن تتنفس ...

لا تصالح ...

ولو قيل ما قيل من كلمات ... السلام ...

كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس؟ ..

كيف تنظر في عيني امرأةٍ ... أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟ ..

كيف تصبح فارسها في الغرام؟ ...

كيف ترجو غداً .. لوليدٍ ينام ...

كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام ...... وهو يكبر بين يديك ... بقلب منكّسْ؟ .. ! .. ؟ ..

لا تصالح ... ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام ....

واروِ قلبك بالدمْ ... واروِ التراب المقدس ....

واروِ أسلافك الراقدين ..... إلى أن تردّ عليك العظام؟

لا تصالح ... لو ناشدتك القبيلة ...

باسم حزن "الجليلة" .. !!

أن تسوق الدهاء ... وتُبدي لمن قصدوك القبول ....

سيقولون .... ها أنت تطلب ثأراً يطول ....... فخذ الآن ما تستطيع .....

قليلاً من الحق ... في هذه السنوات القليلة ...

إنه ليس ثأرك وحدك .... لكنه ثار جيلٍ فجيل

وغداً .... سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً ... يوقد النار شاملةً .. يطلب الثار .. يستولد الحق ...

.. من أضلع المستحيل .....

لا تصالح ولو قيل إن التصالح حيلة .... إنه الثأر ....

تبهت شعلته في الضلوع ... إذا ما توالت عليها الفصول .... ثم تبقى .. ! .. يد العار مرسومة بأصابعها الخمس فوق الجباه الذليلة

لا تصالح ولو حذّرتك النجوم ....

ورمى لك كهّانها بالنبأ ... كنت أغفر لو أنني متُّ .. ما بين خطأ الصواب وخطأ الخطأ ....

لم أكن غازياً ... لم أكن أتسلل قرب مضاربهم ...

أو أحوم وراء التخوم .... لم أمدّ يدٍ لثمار الكروم ...

أرضَ بستانهم لم أطأ ... !! ..

كان يمشي معي ثم صافحني .. ! ..

ثم سار قليلاً ... ولكنه في الغصون اختبأ؟ ........ فجأةً ... ثقبتني قشعريرة .. بين ضلعين .. ! ...

واهتَّز قلبي ... كفقاعة وانفثأ ....... وتحاملت حتى احتملت على ساعدي ...

فرأيت ابن عمي الزنيم ... واقفاً يتفشى ... بوجه لئيم ... لم يكن في يدي حربةً .... أو سلاح قديم .....

لم يكن غير غيظي ... ! .. الذي يتشكى الظمأ

لا تصالح ..

إلى أن يعود الوجود لدورته الدائره ..... النجوم لميقاتها ... والطيور لأصواتها .... والرمال

لذراتها ... والقتيل لطفلته الناظرة .....

كل شيء تحطم في لحظة عابرة ..... الصبا ....

بهجة الأمل ... صوت الحصان ... التعرف بالضيف ......

.... همهمة القلب حين يرى برعما في الحديقة يذوي .. ! ......

الصلاة لكي ينزل المطر الموسميّ ...

مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ .. وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة ...

كل شيء تحطم في نزوةٍ فاجرة ....

والذي اغتالني ليس رباً .... ليقتلني بمشيئته ...

ليس أنبل مني ليقتلني بسكينته ...

ليس أمهر مني .. ليقتلني باستدارته الماكرة .......... !!

لا تصالح ..

فما الصلح .. إلا معاهدةٌ بين ندين ... في شرف القلب ....

لا تُنتقص ..... والذي اغتالني .. محضُ لص ... سرق الأرض .. من بين عينيّ ... والصمت يطلق ضحكته الساخرة

لا تصالح ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ ...

والرجال التي ملأتها الشروخ .. ! ..

هؤلاء يحبون طعم الثريد ...

وامتطاء العبيد ....

هؤلاء تدلت عمائمهم فوق أعينهم ....

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ .. ! ..

لا تصالح ...

فليس سوى أن تريد .... أنت فارس هذا الزمان الوحيد ...

وسواك المسوخ! ..

لا تصالح ... !!

لا تصالح ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير