إلى أن فنوا ثلة ثلة = فناءَ السراب على السّبْسَب
ـ[شجون العساف]ــــــــ[19 - 02 - 2009, 10:51 م]ـ
كفى أنها من أمير الشعراء الكلام يقف ....
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[19 - 02 - 2009, 11:01 م]ـ
من التقصير أن نمر على هذه القصيدة مرور الكرام ما لم نعطها حقها.
هذه القصيدة التي تفتقت عن قريحة أحمد شوقي جديرة بالاهتمام فهي قصيدة بحجم حياة بشر سار فيها الشاعر مع الحياة منذ أن يرتجى الطفل إلى أن يغيب في رمسه فهي جديرة بالتأمل.
ألا حبذا صحبة المكتب=وأحبب بأيامه أحبب
ويا حبذا صبية يمرحو=ن عنان الحياة عليهم صبي
كأنهمو بسمات الحيا=ة وأنفاس ريحانها الطيب
يراح ويغدى بهم كالقطيـ=ـع على مشرق الشمس والمغرب
إلى مرتع ألفوا غيره=وراع غريب العصا أجنبي
ومستقبل من قيود الحيا=ة شديد على النفس مستصعب
بدأ الشاعر بذكر شوقه إلى صحبه وإلى أيام الطفولة البريئة في المكتب أو الكتاتيب أو الفصول الدراسية المحببة إلى نفس الشاعر
"ألا" ابتدأ بها "حبّذا" ما أجملها مشددة وقد تهون قليلا على نفس شوقي وقد بدأ الشاعر بصحبه وهذا منه وفاء فللّه أيام الطفولة.
"وأحبب" مدح ثم تأكيد"أحبب" أحبب بأيامه ومن يتمنى تلك الأيام فلا شك أنها كانت مسعدته.
"ويا حبّذا" يعيدها الشاعر مرة ثانية ويخص فيها الصبية أيضا أولئك الصحب الذين لم يبق إلا طيفهم أو أسماؤهم وقد تقطعت بهم السبل فمقدم ومؤخر.
انظروا إلى المنظر الجميل"صبية يمرحون" هؤلاء الصبية هم من زينة الحياة الدنيا وأحب شيء إلى نفوسهم اللعب والمرح وهل يعرفون غيرهما شيئا ما دامت الحياة مرخية لهم اللجام ولم تنازعهم العنان "عنان الحياة عليهم صبي" ما أجمل كلمة "صبي" هنا فكل البراءة والطهر والضعف في هذه الكلمة التي ألبسها الشاعر عنان الحياة وما وضع العنان إلا للّجم لكن العنان ما زال صبيا يشفق على الصبية من سنه.
ولذلك صار هؤلاء الأطفال كأنهم بسمات الحياة!
وهل هناك أجمل مبسما منها حين تبتسم ولا تكشر؟
أليست هي مغرية الكبار بالابتسام؟!
تشبيه عجيب بغير المحسوس وقد اختار الشاعر هنا الصبية والحياة للتشبيه بينهما في كلا الحالتين من نعمى وبؤس.
"وأنفاس ريحانها الطيب" هذا الوجه الجميل والنفس الطيب
من رائحة طيبة.
"يراح ويغدى" الفعل المبني للمجهول مخيف هنا وفي محله أتلك البراءة يراح بها ويغدى؟ والرائحون والغادون كثر والاتجاهات مختلفة وهؤلاء الصبية كالقطيع يسرحه الراعى أنّى شاء ولو إلى غير مشتهاه ولو حاول الامتناع لكنه يسير بسلطة الراعي وربما إلى الصالح وربما إلى غير ذلك.
وحين حدد الشاعر هنا مكانا للرواح اختار المكتب ولنقل "الفصل" ولم يزل في تشبيه تسيير الصبية بسراح الغنم وحسن هنا استخدام "إلى مرتع" ولكن ما كل مرتع مريء ولربما كان وخيما مهما أنبت من شجر وزهر فلا تشتهيه الرعية!
وزيادة على هذا فقد ألفوا غير هذا المرتع لقد ألفوا البراءة وعدم تحمل المسؤولية ألفوا المنزل وألفوا اللعب وفجأة يتحولون من المرعى الأنيق إلى مرعى لم تألفه قلوبهم ولم تعرفه عيونهم التي أبدت نكرانا كما تلفتت قلوبهم إلى أيام الطفولة التي ودعوها في هذا المرعى الجديد.
فارع يا طفل ولو كان وخيما.
وزيادة على هذا فقد تغير الراعي بعد أن كان من أهل البيت وقد يشفق على ما لأهله ما لا يشفق هذا الغريب الأجنبي!
"وراع غريب العصا أجنبي" كيف يألفون هذا الراعي الذي هو "المعلم" وإلى متى؟ وإلى كم؟ ما أجمل استعمال العصا هنا وهي عصا الراعي لكن هل هي عصا المعلم؟
كيف يودع الصبية الصغار في أيدي هذا الغريب الأجنبي؟
لكنهم سينفرون ثم يألفون وربما أحبوه وربما وجدوه خيرا من رعاتهم!
لن يبقى هذا الغريب غريبا إلى زمن طويل كما لن يبقى هذا الصغير صغيرا ولا الكبير كبيرا فدائرة الحياة دائرة وليس من أحد خارجها فهؤلاء الصبية سيراح بهم إن مكنهم الله تعالى في الحياة "إلى مستقبل" وهم الآن في بداية الطريق لكن ما أشد هذا على الطفل! أيتحمل هذه المسؤولية من الآن؟
"ومستقبل من قيود الحياة" هذا بيت القصيد هذه الغاية المأمولة ولهذا يفعل ويفعل!
ما أشد أن تحمل النفس مستقبلها منذ سنّ الطفولة أنه "شديد على النفس مستصعب"
ولن تترك ترسم مستقبلك بل ستفرض عليك القيود وتقف في طريقك العوائق والله وحده مقدر الأقدار ومسبب الأسباب وفي يده الأمور ولاختيار الله للمرء خير من اختياره لنفسه.
ـ[شجون العساف]ــــــــ[19 - 02 - 2009, 11:03 م]ـ
احتفظت بها في مدونتي الخاصة ..
بارك الله فيك تابع ..
ـ[طارق يسن الطاهر]ــــــــ[20 - 02 - 2009, 10:47 ص]ـ
أحسنت -أخي عامرا- الانتقاء وبرعت في التعليق، وهكذا عهدنا بك دائما