تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فرُحماكَ ربّي حين تبعثُني غداً - وآتيكَ فرداً خالعاً كلَّ زينتِي

وتنشرُنَا غُرْلاً عراةً وإنَّنا - حفاةٌ بأرضِ الحشرِ دونَ مَطيَّةِ

ويَشغَلُ كلاًّ شأنُهُ عن حميمهِ - وتُعرف نار صد ثَم َّبزفرة

إذا بُرّزتْ أبدتْ تغيُّظها لهمْ - وكُبكبَ فيها كلُّ غاوٍ برميةِ

وأُزلفت الجناتُ غيرَ بعيدةٍ - لأهل التُّقى ازدانوا بكلِّ مَزِيَّةِ

ومن ذَهَبٍ حُلُّوا أساورَ واكتسَوْا - حريراً وحُوراً ما طُمسْن بخَيْمَةِ

على رفرفٍ خُضْرِ وفي عبقريةٍ - حسانٍ لهم فيها مُنَعَّم تُكأَةِ

ومن خاف في الدنيا مقامَ إِلهِهِ - له جنّتان فيهما كلُّ نَعْمةِ

ونَخلٌ ورمَّانٌ وفاكهةٌ دَنتْ - ومعروشةُ الأعنابِ أو دونَ عرشَةِ

حَنَانَيكَ يا ربّي عليَّ فإنني - أنوءُ بأوزاري وأعنو بجبْهتي

تَخرُّ لك الأذقانُ كَرهاً وطاعةً - وذَلَّتْ لكَ الأعناقُ طُرّاً بسَجْدَةِ

وسبح ما في الجَوِّ والدَّوِّ للذي - هو الواحدُ المعبود عند البريةِ

له الخلق بدءاً ثم يوماً يعيدُهُ - وكلٌّ له في مُلكِه بمشيئةِ

أَتيتكُ ربِّي أطلبُ العفوَ مِنَّةً - وقد آدني حَمْلُ الخطايا بكَبْوَتي

وجُودُك هتّانٌ وستركَ سابلٌ - فَحَقِّقْ بفضلٍ منكَ أعظمَ رَجْوَتِي

إذا غَشِيتْنِي مُطبقات كبائرِي - ولَوَّثَ ذِكْرى أن خرقتُ سفينتِي

فأنتَ لرَأْبِ الصَّدْعِ عنديَ مُرتجىً - وأنت لتبديدِ الغَواشي مِجَنَّتي

ومنْ يكشفُ الضُّرَّ الذي قد ألمَّ بي - سِواكَ ومن أدعوهُ عندَ مُصيبتي؟

أمولايَ لا تَطْرُدْ من الرَّحمةِ الَّتي - لطفتَ بها ما في بطونِ الأَجنَّةِ

وأنتَ تُنيرُ القلبَ إذ هُو مُغطشٌ - يُغَرِّرُهُ لمعُ السَّرابِ بِقِيعَةِ

يميناً لقد نادى نبيُّك تالياً - كتابَ الهُدى قامَتْ به كلُّ حُجَّةِ

فَلَبَّى له الأَصْحابُ والناسُ بَعْدَهُمْ - فزالَ العَمَى مُذْ أُرشدوا لمحَجَّةِ

وقاموا بحقِّ اللهِ يرجُون رِفْدَهُ - بساطعِ نورٍ من كتابٍ وسُنَّةِ

ولو أنَّنَا كُنَّا استَقَمنا كمثلِهِم - لَسَحَّ علينا فيضُ كلِّ غديقَةِ

ولكنَّ قومي قد أضلَّهُمُ الهَوَى - وتابِعهُمْ منهم كمِثْلي بنَزْوَتِي

عَصَيْتُ إلهَ العالمينَ وها أنا - مُقِرٌّ بعصْياني وأَنْدُبُ َسيِّتِي

إذا أنا دُلِّيتُ الغَداةَ لحُفْرتِي - وحيداً بأكفاني فَأَكْلِحْ بِوَحْشَتِي

بماذا أُجيبُ المنكَرَيْنِ إذا هُما - أثارا بِرُعبٍ منهما كلَّ دهشتِي

ويومَ يكونُ الناسُ عَطْشَى بمحْشَرٍ - وليس سوى قَيْظٍ فواحَرَّ غُلَّتِي

وللقَبْرِ ضَمٌّ ما نجا منه طالحٌ - ولا صالحٌ فارفُق أَرَبِّ بضَغْطَتِي

وَمِنْ هَوْلِ أجداثٍ تذوبُ حُشاشَتي - فيا ربِّ فَارحَمْ أعظُمي بَعدَ نَخْرَتِي

وهل مُؤْنِسي في الرَّمْسِ غيرُ تِلاوتي - لِسورَةِ مُلكٍ وهي أعظمُ سُورتي

تجادلُ عنّي ثُمَّ كلُّ عبادةٍ - لها شأنُها في دَفْعِ شِدَّةِ مِحْنَتِي

فَنَوِّرْ ضَريحي حين أَثْوِي بمَلْحدَي - بِنُوركَ يا ربّي وبدِّد لِظلْمَتي

ذََمَمْتُ شبابي قد تَقَضَّى مُضَيَّعاً - فها أنَذَا أبكيهِ في حينِ شَيْبَتِي

رُزئِت بوهْنِ العظمِ والشيبُ مُنْذرٌ - ولم أَغتنمْ أوقاتَ شارخِ قُوَّتِي

وما أَبْقَتِ الأيامُ عنديْ سوى الضَّنى - فهل تَصْفُوَنْ لي عِيشَتي من كُدورتِي

أَلاَ لَيْتَ ِشعْري هل أُفيقُ من الكَرَى - فتباً لِعُمرِ قد تَوَلَّى بغَيْظَتِي

حبالُ ذنوبي استوْصَلَتْ وتَضَفَّرَتْ - فَمَنْ ذا لإِنْقَاذي وحلِّ ضفيرتِي

إلهي لقد أمسيتُ مُرْتَهَن َالأَسَى - ومزَّقَ أحشائي الجَوى وتَشَتُّتِي

ومالي مَلْجَا غيرُ غَوْثِك منقذاً - فإنَّ خطيئِاتي بنفسي استبدَّتِ

وما لَيَ مَأوىً غيرُ بابك فاتحاً - لطَبْعِي على أعتابه كُلَّ قُبْلَةِ

مُنَايَ بأنْ أَقضيْ حياتيْ مُجاوراً - بمكةَ أو عندَ الضريحِ بِطِيبَةِ

ومن مُبلغي إلاكَ يا عالِمَ الخَفَا - وأنت مجيبُ السائلينَ لدعوةِ

فأَدخِلْنِيَ اللهُمَّ في لُجَّة البَهَا - وذوّقْنِيَ اللهُمّ قَنْدَ رَجِيَّتِي

وفي وجهيَ الأنوارُ من برق زُلفةِ - تُتَوِّجُنِي تاجَ الوَقَارِ بِهَيْبَةِ

وتُلبِسُني لِبْسَ الكرامَةِ ساتراً - بِصَفْحِكَ ذَنْبِي فهو أسبغُ خِلْعَتِي

فيا جابراً لِلكَسْرِ جُودُكِ غامِرٌ - ويا كاشفاً للضُّرِّ حُلَّ أَخِيَّتِي

بَحِلمكَ ظَلِّلنْْيِ وسُقْنِي لتوبَةٍ - تُنيلُ مُسَيْكيناً منائحَ مِنَّةِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير