والكلمة بمعنى الطويل المرتفع ثم أطلقت مجازاً على الرجل الذي يرفع رأسه زهواً. ومن هذا المعنى الأخير أخذ له هذا اللقب، لأنه كان مزهواً بنفسه، فيه كبر وفخر. ويأيد هذا الرأي ما رواه أبو الفرج الأصفهاني عن أبي تمام الطائي: "قال: مر الطرماح بن حكيم في مسجد البصرة، وهو يخطر في مشيته. فقال الرجل: من هذا الخطار؟ فسمعه، فقال: أنا الذي أقول:
لقد زادني حباً لنفسي أنني =بغيضٌ إلى كل امرىءِ غير طائلِ"
وقد سئل حفيد الطرماح أبو مالك: "لمَ قيل لجدك الطرماح؟ وما الطرماح في كلام العرب؟ فقال: أما في كلامنا، معشر طيىء، فإنه الحية الطويل".
وقال أحمد بن فارس في مقاييس اللغة: "طرمح البناء: أطاله. ومنه اسم الطرماح".
وبين صاحب اللسان هذا القول أفضل بيان، فقال: "ومنه سمي الطرماح بن حكيم الشاعر". ورأيهما صحيح بالمعنى المجازي الذي ذكرناه آنفاً، وإن أغفلا الاشارة إليه صراحة.
قلَّ في شطِّ نهروانَ اغتماضي
قلَّ في شطِّ نهروانَ اغتماضي =ودَعَاني هَوَى العُيُونِ المِراضِ
فَتَطَرَّبْتُ لِلْهَوَى، ثُمَّ أقْصَرْ= تُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ راضي
وأرَانِي المَليكُ رُشْدِي، وقَدْ =كُنْـ ـتُ أخَا عُنْجُهِيَّة ٍ واعْتِراضِ
غيرَ مَا ريبة ٍ سوَى ريِّقِ الغرَّ =ة، ثمَّ ارعويتُ عندَ البياضِ
لاَتَ هَنَّا ذِكْرَى بُلَهْنِيَة ِ الدَّهْـ =ـرِ، وأنَّى ذِكْرَى السِّنِينَ المَواضي
فاذهبوا ما إليكُمْ، خفضَ الحلـ =ـمُ عِناني، وعُرِّيَتْ أنْقاضي
وذَهَلْتُ الصِّبا، وأرْشَدَني اللَّـ =ـهُ بدهرٍ ذي مرَّة ٍ وانتقاضِ
وجرَى بالّذي أخافُ منَ البيـ =ـنِ لَعِينٌ يَنُوضُ كُلَّ مَنَاضِ
صَيْدَحِيُّ الضُّحَى، كَأنَّ نَسَاهُ =حينَ يجتثُّ رجلَهُ، في إباضِ
فسوفَ تدنيكَ منْ لميسَ سبنْتَا =ة ُ أمَارَتْ بالبَوْلِ ماءَ الكِرَاضِ
أضمرتْهُ عشرينَ يوماً، ونيلَتْ =حينَ نيلَتْ يعارة ً في عراضِ
فهْيَ قوداءُ، نفِّجتْ عضُداها =عنْ زحاليقِ صفصفٍ ذي دحاضٍ
عَوْسَرَانِيَّة ٌ إِذَا انْتَفَضَ الخِمْـ =ـسُ نطافَ الفظيظِ أيَّ انتفاضِ
وأوَتْ بِلَّة ُ الكَظُومِ إلى الفَـ =ـظِّ، وجالَتْ معاقدُ الأرباضِ
مِثْلُ عَيْرِ الفَلاة ِ، شَاخَسَ فَاهُ =طُولُ كَدِمْ القَطَا وطُولُ العِضَاضِ
صنتُعُ الحاجبينِ، خرَّطة ُ البقـ =ـلُ بديَّاً قبلَ استكاكِ الرِّياضِ
فهْوَ خلوُ الأعصالِ إلاَّ منَ الما =ءِ ومَلْهُودِ بَارِضٍ ذِي انْهيَاضِ
ويَظَلُّ المَليَّ يُوفي عَلَى القَرْ =نِ عَذُوباً كالحُرْضَة ِ المُسْتَفاضِ
يرعمُ الشَّمسَ أنْ تميلَ بمثلِ الـ =ـجبءِ، جأبٌ مقذَّفٌ بالنِّحاضِ
وخَوِيٍّ سَهْلٍ، يُثِيرُ بِهِ القَوْ= مُ رباضاً للعينِ بعدَ رباضِ
وقلاصاً لمْ يغذُهُنَّ غبوقٌ= دَائِماتِ النَّحِيمِ والإِنْقَاضِ
ومحاريجَ منْ سعارٍ وغينٍ= وغماليلِ مدجناتِ الغياضِ
ملبساتِ القتامِ، يمسي عليهَا= مِثْلُ سَاجِي دَوَاجِنِ الحَرَّاضِ
فَتَرَى الكُدْرَ في مَنَاكِبِها الغُبْـ= ـرِ رَذَايَا مِنْ طُولِ انْقِضَاضِ
كَبَقَايَا الثُّوَى نُبِذْنَ مِنَ الصَّيْـ= ـفِ جنوحاً بالجرِّ ذي الرِّضراضِ
أوْ كمحلوجِ جعثنِ بلَّهُ القطـ= ـر، فَأَضْحَى مُوَدِّسَ الأعْرَاضِ
قدْ تجاوزتُها بهضَّاءَ كالجنَّ= ـة ِ يُخْفُونَ بَعْضَ قَرْعِ الوِفَاضِ
إنَّنا معشرٌ، شمائلُنا الصَّبـ= ـرُ إذا الخوفُ مالَ بالأحفاضِّ
نُصُرٌ لِلذَّلِيلِ في نَدْوَة ِ الحَيْـ= ـيِ، مَرائِيبُ لِلثَّأَى الُمنْهاضِ
لمْ يفتْنا بالوترِ قومٌ، وللضَّيـ= ـمِ رجالٌ يرضونَ بالإغماضِ
فيهمُ سطوة ٌ إذا الحلمُ لمْ يقْـ= ـبلْ، وفيهمْ تجاوزٌ وتغاضي
منْ يرمْ جمعهمْ يجدهُمْ مراجيـ= ـحَ حُمَاة ً لِلْعُزَّلِ الأحْرَاضِ
طيِّبي أنفسٍ، إذا رهبُوا الغا= رة َ نمشي إلى الحتوفِ القواضي
فسلِ النَّاسَ إنْ جهلتَ، وإنْ= شئْ ـتَ قضَى بيننا وبينَكَ قاضي
هَلْ عَدَتْنا ظَعِينَة ٌ تَطْلُبُ العِزَّ= مِنَ النَّاسِ في الخُطوبِ المَوَاضي
كمْ عدوٍّ لنَا قراسية ِ العزِّ= تركنا لحماً على أوفاضِ
وجلبنْنا إليهمُ الخيلَ فاقتيـ= ـضَ حِمَاهُمْ، والحَرْبُ ذَاتُ اقْتِيَاضِ
بِجِلادٍ يَفْرِي الشُّؤُونَ وطَعْنٍ= مِثْلِ إِيزَاغِ شَامِذَاتِ المَخاضِ
ذِي فُرُوغٍ، يَظَلُّ مِنْ زَبَدِ الجَوْ= فِ عَلَيْهِ كَثامِرِ الحُمَّاضِ
نَقَبَتْ عَنْهُمُ الحُرُوبُ، فَذاقُوا= بَأْسَ مُسْتَأْصِلِ العِدَى مُبْتَاضِ
كلُّ مستأنسٍ إلى الموتِ، قدْ خا= ضَ إليهِ بالسَّيفِ كلَّ مخاضِ
لاَ يَني يخمضُ العدوًّ، وذو= الخلَّـ ـة ِ يُشْفَى صَداهُ بالإحْمَاضِ
حِينَ طَابَتْ شَرائِعُ المَوْتِ،= والمَوْ تُ مِرَاراً يَكُونُ عَذْبَ الحِيَاضِ
باللَّواتي لمْ يتَّركنَ عقاقاً،= والمذاكي ينهضنَ أيَّ انتهاضِ
تلكَ أحسابُنا إذا احتتنَ الخصـ= ـلُ، ومُدَّ المَدَى مَدَى الأَغْرَاضِ