[نبش المدفون من الدرر - قصيدة الغروب]
ـ[السراج]ــــــــ[08 - 09 - 2009, 12:36 م]ـ
لطالما أُعجبتُ بهذه القصيدة، التحفة، الدرس لكل شاعر أراد أن يبوح بما يعتلج في صدره من حزن لفقد قريب، دونك هذه القصيدة التي يقول فيها الشاعر الكبير في تلخيص رائع: كن إنساناً تبكي من تحب بكل عفوية دون تصنع ...
أذهلني مطلع القصيدة، بدأها بمطلع غير مألوف بذكرعمره قبل كل حرف، ثم أطلق الحروف ثائرة حائرة تسوق الأسئلة، والأجوبة الأكثر انشطارا ..
ثم فاجأنا ..
أيا رفيقةَ دربي! .. لو لديّ سوى=عمري .. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
أحببتني .. وشبابي في فتوّتهِ=وما تغيّرتِ .. والأوجاعُ سُمّاري
منحتني من كنوز الحُبّ .. أَنفَسها=وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري
ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي=والغيم محبرتي .. والأفقَ أشعاري
نداء البعيد، رفيقة دربه التي فارقت الحياة وأضحى وحيدا، وكلّ هذا الزخم من المشاعر في قصيدة حزينة تلهب الكلماتِ حروفٌ مشتعلة ..
وكيف يسوق الأمنيات، أعماره وليس عمرا واحدا لرفيقة دربه،ثم تأمّل (أنفَسها) كيف زَهَت منفردة فأشرق البيت، وأتمّ وجود شعره وقصيده بوجودها فماذا بقى!
كلمات نادرة لا يقولها إلا شاعر .. للتأمل ..
ـ[السراج]ــــــــ[10 - 09 - 2009, 03:49 م]ـ
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان .. يعشقني=بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ .. وإصرار
وكان يأوي إلى قلبي .. ويسكنه=وكان يحمل في أضلاعهِ داري
وإنْ مضيتُ .. فقولي: لم يكن بَطَلا=لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ
في هذه الأبيات الثلاثة يلخص شاعرنا صفات شخصيته وحياته، وهو على يقين أنها - الأبيات - هي إجابة رفيقة دربه عنه ..
وانظر إلى التبادل الجميل في لعب الألفاظ في البيت الثاني، فكلٌ يسكن قلب الآخر - إنهما روحان في جسد ..
لم يكن بطلا ...
ويضع قوسين عليها وتعريفا مكملاً لها بأنه - لم يقبل الذل والعار ..
ثم يمضي عودة لرفيقة دربه ..
وأنتِ! .. يا بنت فجرٍ في تنفّسه=ما في الأنوثة .. من سحرٍ وأسرارِ
ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَح=يهيمُ ما بين أغلالٍ. وأسوارِ
وها هو يصبغ على أبياته من ثقافته الإسلامية - في تنفسه - ويضفي روائع الألطاف وعذوبة الكلمات فالسحر- كما أبدى - ظلٌ للفجر ومجمع للسر بهدوئه ورونق ألوانه، وهو يشبه رفيقة دربه بأنها بنت الفجر ..