تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لا تأسفن على الدنيا وما فيها]

ـ[أبو طارق]ــــــــ[22 - 10 - 2009, 05:46 م]ـ

من جميل ما قرأت:

إبراهيم بن العباس الصولي

لا تَأْسَفَنَّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا = فَالمَوْتُ لا شَكَّ يُفْنِيْنَا وَيُفْنِيْهَا

وَمَنْ يَكُنْ هَمُّهُ الدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا = فَسَوْفَ يَوْمًا عَلَى رَغْمٍ يُخَلِّيْهَا

لا تَشْبَعُ النَّفْسُ مِنْ دُنْيَا تُجَمِّعُهَا = وَبُلَغَةٌ مِنْ قِوَامِ العِيْشِ تَكْفِيْهَا

اعمل لِدَارِ البَقَا رِضْوَانُ خَازنُهَا = الجَارُ أحْمدُ والرَّحمنُ بَانِيْهَا

أَرْضٌ لَهَا ذَهَبٌ والمِسْكُ طِيْنَتُهَا = وَالزَّعْفَرانُ حَشِيْشٌ نَابِتٌ فِيْهَا

أَنْهَارُهَا لَبَنٌ محْضَّ وَمِنْ عَسَلٍ = والخَمْرُ يَجْرِي رَحَيْقًا في مَجَارِيْهَا

وَالطَّيْرُ تَجْرِي عَلَى الأَغْصَانِ عَاكِفَةً = تُسَبِّحُ اللهَ جَهْرًا في مَغَانِيْهَا

مَنْ يَشْتَرِي قُبَّةً في العَدْنِ عَالِيةً = في ظَلِّ طُوبى رَفِيْعَاتٍ مَبَانِيْهَا

دَلالُهَا المُصْطَفَى واللهُ بَائِعُهَا = وَجُبْرَئِيْل يُنَادِي في نَوَاحِيْهَا

مَنْ يَشْتَرِيْ الدَّارِ في الفِرْدَوْسِ يَعْمُرَهَا = بِرَكْعَةٍ في ظَلامِ اللَّيْلِ يُخْفِيْهَا

أَو سَدِّ جَوْعَةِ مِسْكِينٍ بِشِبْعَتِهِ = في يَوْم مَسْغَبَةٍ عَمَّ الغَلا فِيْهَا

النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدَّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ = أَنَّ السَّلامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيْهَا

وَاللهِ لَو قَنِعَتْ نَفْسِي بِمَا رُزِقَتْ = مِنَ المَعِيْشَةِ إِلا كَانَ يَكْفِيْهَا

وَاللهُ واللهِ أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ = ثَلاثَةٌ عَنْ يَمِيْنٍ بَعْدَ ثَانِيْهَا

لَوْ أَنْ في صَخْرَةٍ صَمَّا مُلَمْلَمَةٍ = في البَحْر رَاسِيَةٌ مِلْسٌ نَوَاحِيْهَا

رِزْقًًا لِعَبْدٍ بَرَاهَا اللهُ لانْفَلَقَتْ = حَتَّى تُؤدِيْ إِلَيْهِ كُلُّ مَا فِيْهَا

أَوْ كَانَ فَوْقَ طِباقِ السَّبْعِ مَسْلَكُهَا = لَسَهَّلَ اللهُ في المَرْقَى مَرَاقِيْهَا

حَتَّى يَنَال الذِي في اللَّوحِ خُطَّ لَهُ = فَإِنْ أَتَتْهُ وإِلا سَوْفَ يَأْتِيْهَا

أَمْوَالُنَا لِذَوِي المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا = وَدَارُنا لِخَرَاِب البُومِ نَبْنِيْهَا

لا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوتِ يَسْكُنُهَا = إِلا التي كانَ قَبْلَ المَوْتِ يَبْنِيْهَا

فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْر طَابَ مَسْكَنُهُ = وَمَنْ بَنَاهَا بِشرِّ خَابَ بِانِيْهَا

وَالنَّاسُ كَالحَبِّ والدُّنْيَا رَحَى نَصُبِتْ = لِلْعَالمِيْنَ وَكفُّ المَوْتِ يُلْهِيْهَا

فَلا الإِقَامَةُ تُنْجِي النَّفْسَ مِنْ تَلَفٍ = وَلا الفِرَارُ مِنَ الأَحْدَاثِ يُنجِيْهَا

ولِلنُّفُوسِ وَإَن كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ = مِن المنية آمَالٌ تُقَوِّيْهَا

فَالمَرْء يَبْسُطُهَا والدَّهْرُ يَقْبِضُهَا = وَالبِشْرُ يَنْشُرهَا وَالمَوْتُ يَطْوِيْهَا

وَكُلُّ نَفْسٍ لَهَا زَوْرٌ يُصَبِّحُهَّا = مِنَ المَنِيَّةِ يَوْمًا أَوْ يُمَسِّيْهَا

تِلْكَ المَنَازِلُ في الآفَاقِ خَاوِيَةٌ = أَضْحَتْ خَرَابًا وَذَاقَ المَوْتَ بَانِيْهَا

كَمْ مِن عَزيزٍ سَيَلْقَى بَعد عزته = ذُلاً وضَاحِكَةٍ يَوْمًا سَيُبْكِيْهَا

وَلِلْمَنَايَا تُرَبِّي كُلُّ مُرضِعَةٍ = وَلِلْحِسَاب بَرَى الأَرْواحَ بارِيْهَا

لا تَبْرَحَ النَّفْسُ تَنْعَى وهي سَالمةٌ = حَتَّى يَقُومَ بِنَادِ القَومِ نَاعِيْهَا

وَلَنْ تَزَالَ طِوَالَ الدَّهْرِ ظَاعِنَةً = حَتَّى تُقِيْمَ بِوَادٍ غَيْرِ وَادِيْهَا

أَيْنَ المُلوكُ الَّتِي عَنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ = حَتَّى سَقَاهَا بِكَأسِ المَوْتِ سَاقِيْهَا

أَفْنَى القُرونَ وَأَفْنَى كُلَّ ذِي عُمُرٍ = كَذَلِكَ المَوتُ يُفْنِي كُلَّ مَا فِيْهَا

فَالمَوتُ أَحْدَقَ بِالدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا = وَالنَّاسُ في غَفْلَةٍ عَنْ كُلَّ مَا فِيْهَا

لَوْ أَنَّهَا عَقَلَتَ مَاذَا يُرَادُ بِهَا = مَا طَابَ عَيْشٌ لَهَا يَوْمًا وَيُلْهِيْهَا

تَجْني الثَمَارَ غَدًا في دَارِ مَكْرُمَةٍ = لا مَنَّ فِيْهَا وَلا التَّكْدِيْرُ يَأْتِيْهَا

فِيْهَا نَعِيْمٌ مُقِيْمٌ دَائِمًا أَبَدًا = بِلا انْقِطَاعٍ وَلا مَن يُدَانِيْهَا

الأُذْنُ وَالعَيْنُ لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ تَرَهُ = وَلَمْ يَدْر في قُلُوبِ الخَلْقِ مَا فِيْهَا

فَيَا لَهَا مِنْ كَرَامَاتٍ إِذَا حَصَلَتْ = وَيَا لَهَا مِنْ نُفُوسِ سَوْفَ تَحْوِيْهَا

وَهَذِهِ الدَّارُ لا تَغْرُرْكَ زَهْرَتُهَا = فَعَنْ قَرِيْبٍ تَرَى مُعْجِبكَ ذَاوِيْهَا

فَارْبَأ بنَفْسُكَ لا يَخْدَعكَ لامِعُهَا = مِنَ الزَّخَارِفِ وَاحْذَرْ مِنْ دَوَاهِيْهَا

خَدَّاعَةٌ لَمْ تَدُمْ يَوْمًا عَلَى أَحَدٍ = وَلا اسْتَقَرَّتْ عَلَى حَالٍ لَيَالِيْهَا

فَانْظُرْ وَفَكَّرْ فَكَمْ غَرَّتْ ذَوي طَيْشِ = وَكَمْ أَصَابَتْ بِسَهْم المَوْتِ أَهْلِيْهَا

اعْتَزَّ قَارُون في دُنْيَاهُ مِنْ سَفَهٍ = وَكَانَ مِنْ خَمْرِهَا يَا قَوْمُ ذَاتِيْهَا

يَبِيْتُ لَيْلَتَهُ سَهْرَانَ مُنْشَغِلاً = في أَمْرِ أَمْوَالِهِ في الهَمِّ يَفْدِيْهَا

وَفي النَّهَارِ لَقَدْ كَانَتْ مُصِيْبَتُهُ = تَحُزُّ في قَلْبِه حَزًّا فَيُخْفِيْهَا

فَمَا اسْتَقَامَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَلا قَبِلتْ = مِنْهُ الودَادَ وَلَمْ تَرْحَمْ مُجِبِّيْهَا

ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى المَعْصُومِ سَيِّدِنَا = أَزْكَى البَرِّيةِ دَانِيْهَا وَقَاصِيْهَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير