تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بعض مقالات أنيس منصور عن العقاد]

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[14 - 12 - 2009, 07:44 م]ـ

المقالات من جريدة الشرق الأوسط وقد نشر المقال الأول في يوم الاثنين 22 ذو القعدة 1430 هـ 9 نوفمبر 2009 العدد 11304

لأول مرة: العقاد!

أعرفه من مقالاته في مجلة «الرسالة» وأعرف أنني أظل منتظرا هذا المقال لكي أقرأ المقال على مهل. أحيانا لا أفهم ما يقول. ولا بد أنه كلام فلسفي صعب. ولكن لا بد أنه مقال رائع للذين يفهمون. ولكن المقالات التي أفهمها تعجبني. كيف يرتب أفكاره، ثم كيف يهتدي إلى نتيجة لا أعرف كيف اهتدى إليها. إنه ساحر يضع البيضة في جيبه وتخرج كتكوتا. كيف؟ وإنه وحده الذي يفعل ذلك. ومن الغريب أنني لا أقرأ إلا هذا المقال. ولم أحاول أن أقرأ لأحد غيره. ولم أحاول. ولا أعرف كيف نسمي هذا الذي يكتبه العقاد. ليس الذي يكتبه ولكن الذي يرتبه ثم ينتهي إلى نتيجة. وغلبني حب الاستطلاع فقرأت مقالا لغيره. إنه مختلف تماما. ولكن ما هذا الاختلاف وما اسمه. لا أظن أنني في هذه السن الصغيرة أستطيع أن أجد له اسما.

وكنت أقرأ مقالات العقاد سرا. بمعنى أنني لا أقول لأحد ذلك. إنما حرصت على أن أنفرد وحدي بما يكتبه العقاد. إما خوفا من أن يقال لي إن هناك من هو أحسن. ولم أسأل أحدا إن كان قد قرأ العقاد. وعندي إحساس أنه اكتشاف. كنز اكتشفته. ولا أريد أن يعرفه أحد غيري ولاحظت أن أحدا من زملائي لا يقرأ مجلة «الرسالة». إنهم يقرأون الكتب. وأغلبهم يقرأون بلغاتهم المختلفة. وأنا صاحب فكرة أن كل واحد منا يلخص الكتاب الذي قرأه هذا الأسبوع. وكان الخواجات يقرأون أحسن وأسرع. وفي موضوعات مختلفة. زميلنا الألماني كان فارقا في الأدب الألماني والموسيقى. وعندما يلخص الكتب فإنها موضوعات أدبية. لم أجد فيها متعة. ولا أذكر اسما واحدا للمؤلفين. ولكن لا بد أن لهم قيمة لا أعرفها. وربما كان التلخيص ليس كافيا.

فقط زميلنا اليوناني هو الذي يستعين بأبيه. وكان كثير الحديث عن سقراط وأفلاطون .. وما قاله أحسن كثيرا من الذي تعلمناه بعد ذلك في المدرسة. لقد عرفت اسم سقراط وأفلاطون وأرسطو قبل أن أدرس الفلسفة. وقرأتها في مقالات العقاد. أحيانا يذكرها ويستخدمها حجة مقنعة.

وفي جلسة في بيت أحد أصدقاء والدي جاء اسم أفلاطون وكان المتحدث يطرب كثيرا ويقول إن الأستاذ العقاد متأثر بسقراط وأفلاطون. ولم أعرف كيف. خفت أن أسال. وكان أبي كثير الحديث عن المذاهب الصوفية. ولأول مرة أسمع اسم محيي الدين بن عربي والغزالي والشاذلي. والعقاد. وأمير الشعراء شوقي. كل هذه الأسماء في ليلة واحدة. ولم أنم حتى الصباح. إن هناك علوما كثيرة لا أعرفها. ولا أعرف ما الذي يقرأونه لكي يحصلوا على هذه المعلومات. هناك كثير جدا لا أعرفه. وليس في (المكتبة الفاروقية) كتب بهذه الأسماء. أنا قرأت كل ما في المكتبة إلا هذه الموضوعات .. وإلا كتابا واحدا للعقاد ..

لثاني مرة: العقاد!

لا أذكر الآن من الذي قال لي أن نزور معا العقاد. كانت الدعوة مفاجأة. العقاد وفى بيته. العقاد نراه ونحدثه ونسمعه. ووصف لي مجالس العقاد التي حضرها. أي واحد يستطيع أن يذهب للأستاذ العقاد. ويسعده ذلك. وقال لا تكاد تدخل حتى يجيء عصير الليمون وبعده القهوة. لأي واحد. والعقاد يتكلم ويضحك بصوت عال ويحتفي بضيوفه ويحدثهم ويسألهم ويسألونه أيضا ويجيب. ياه أرى الأستاذ العقاد العظيم. أراه وهو يفكر أراه وهو يرتب أفكاره. هو شخصيا ..

وارتديت ملابس جديدة. وذهبت مبكرا. قال لي أنا ذاهب إليه في الساعة العاشرة. فذهبت في الثامنة صباحا. ورأيت البيت. البيت رقم 13 والشقة رقم 13 كما كتب العقاد. وأنه لا ينزعج من هذا الرقم. وأنه يضع على مكتبه تمثالا للبومة التي يتشاءم منها الناس. إنها البومة رقم 13 ..

وصف السلالم التي يصعدها العقاد كل يوم والتي كتب عنها يقول: صعدتها ثلاثا ثلاثا وصعدتها اثنين اثنين. واليوم أصعدها واحدة. كنت أصعدها وبياض شعري يتوارى في سواده واليوم أصعدها وسواد شعري يتواري في بياضه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير