تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المتنبي وتجارة المديح]

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[29 - 08 - 2009, 01:23 ص]ـ

المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس الفخور بنفسه المعتد بذاته الذي يقول:

إذا كانت النفوس كبارا=تعبت في مرادها الأجسام

والذي يقول:

أنا في أمة تداركها اللـ=ـه غريب كصالح في ثمود

إلى غير ذلك من أبيات الفخر بالنفس فهو فعلا رجل بعيد مرامي الطماح لكن كأن دور الشاعر في عصره يقتصر على مدح ذوي الجاه وكأنما رزقه عليهم وليس الضرر في المدح فإن مدح الجواد الكريم خصلة حميدة ومدح الجود ذم للبخل والمتنبي يقول في مدح أبي شجاع بعدما وصله:

وما شكرت لأن المال فرّحني=سيان عندي إكثار وإقلال

لكن رأيت قبيحا أن يجاد لنا=وأنّا بقضاء الحق بُخّال

فهذا مديح بعد الوصل وعذر المتنبي فيه مقبول حسن ولو مدح الشاعر إنسانا فسبق العطاء بالمدح لكان الشاعر حقيق بالعطاء وفي منعه عار واجتلاب للعار لأن الشاعر بادر بالمدح قبل أن يكافئه الممدوح بالعطاء وفي هذا حسن ظن بالممدوح فإن أخلف الممدوح ظن الشاعر فكما يقال: وعداوة الشعراء بئس المقتنى.

فهذا ديدن تلك العصور فلا عيب في التعرض لسيب الكرام بل كل الناس يرومون هذا التعرض وهكذا أصبح المديح بيع وشراء، وأخذ وعطاء، فلكل قيمته فبائع نفسه ومشتريها.

ومن هذا الباب ينسب الشعراء إلى الأمراء فالمتنبي شاعر سيف الدولة.

وهذا الواقع قيل إن المتنبي الشاعر الكبير لا يليق به هذا أسلوب التملق هذا إذا حاكمناه إلى شعره لكان العذر أن المتنبي سلك مسلك الشعراء وهو قد خلّد نفسه أكثر من ممدوحيه وإنما يذكرون بذكره. لكن المأخذ على المتنبي، هو إسفافه في السؤال بدافع الشره، والطمع، والحرص، وإلا فإن المدح وحده كاف للمنح وهذه نماذج من تكفف المتنبي وما أغناه عنها:

يقول مادحا رجلا:

إذكار مثلك ترك إذكاري له=إذ لا تريد لما أريد مترجما

ويقول في مدح سعيد بن عبد الله الكلابي:

أرجو نداك ولا أخشى المطال به=يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا

ويقول يمدح أبا المنتصر الأزدي:

أمطر علي سحاب جودك ثرة=وانظر إلي برحمة لا أغرق

ويقول في وداعه أحد الأمراء وكأنه لا يحفل:

أُنصر بجودك ألفاظا تركت بها=في الشرق والغرب من عاداك مكبوتا

فقد نظرتك حتى حان مرتحلي=وذا الوداع فكن أهلا لما شِيتاوأهدى إليه رجل هدية وكان قد بلغه أنه ثلبه عند أحد الولاة فكتب إليه من قصيدة:

غير اختيار قبلت بِرّك لي=والجوع يُرضي الأسود بالجيف

ويقول عاتبا:

إلى كم ذا التخلف والتواني=وكم هذا التمادي في التمادي

وشُغل النفس عن طلب المعالي=ببيع الشعر في سوق الكساد

وقال لكافور:

أبا المسك هل في الكأس فضل أناله=فإني أغني منذ حين وتشرب [/ size][/center]

ـ[براءة الحياة]ــــــــ[30 - 08 - 2009, 02:03 م]ـ

إذا كانت النفوس كباراتعبت في مرادها الأجسام

يعطيك العافية مشكور

ـ[علي جابر الفيفي]ــــــــ[31 - 08 - 2009, 09:58 م]ـ

ربما المتنبي من أعاد اكتشاف الشعر العربي , ونقله إلى الحياة , ولا أبالغ حينما أقول إن المتنبي كان حلقة الوصل بين العصر الجاهلي وما بعد عصره , وربما لو لم يقيض الله المتنبي للشعر العربي لوصل إلينا مبتورًا على غير صورته التي هو عليها اليوم.

ـ[السراج]ــــــــ[31 - 08 - 2009, 10:03 م]ـ

ربما المتنبي من أعاد اكتشاف الشعر العربي , ونقله إلى الحياة , ولا أبالغ حينما أقول إن المتنبي كان حلقة الوصل بين العصر الجاهلي وما بعد عصره , وربما لو لم يقيض الله المتنبي للشعر العربي لوصل إلينا مبتورًا على غير صورته التي هو عليها اليوم.

ولا أزيد على ذلك ..

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 05:38 ص]ـ

أحسنت كل الإحسان أخي

وانظر الى الفرق بين قوله

إذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الأجسام

وقوله

أبا المسك هل في الكأس فضل أناله = فإني أغني منذ حين وتشرب

أزعجني البيت الأخير:)

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 06:43 م]ـ

ربما المتنبي من أعاد اكتشاف الشعر العربي , ونقله إلى الحياة , ولا أبالغ حينما أقول إن المتنبي كان حلقة الوصل بين العصر الجاهلي وما بعد عصره , وربما لو لم يقيض الله المتنبي للشعر العربي لوصل إلينا مبتورًا على غير صورته التي هو عليها اليوم.

أهلا أخي علي، لا أنكر شاعرية المتنبي العظيمة، فهو بحق قد بذ من بعده وكثيرا ممن سبقوه. لكن ألا يحق لنا أن ننظر فيما نظرنا إليه إذ هو ليس بكامل.

ولا أزيد على ذلك ..

أهلا أخي السراج بارك الله فيك، كما قلتُ لعلي لا أزيد على ذلك:)

إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام

يعطيك العافية مشكور

أهلا براءة الحياة، عافاك الله.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[03 - 09 - 2009, 06:45 م]ـ

أحسنت كل الإحسان أخي

وانظر الى الفرق بين قوله

إذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الأجسام

وقوله

أبا المسك هل في الكأس فضل أناله = فإني أغني منذ حين وتشرب

أزعجني البيت الأخير:)

أهلا بالأخ الحبيب رسالة الغفران، كيف حالك يا رجل؟

الحق أن هذا الاتجاه من المتنبي يزعجنا جميعا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير