[من روائع البديع]
ـ[محمد جمعة]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 12:15 ص]ـ
[من روائع البديع]
....
الحمد لله رب العالمين تأسيا بفاتحة الكتاب العزيز واستغراقا لأجناس الحمد بهذا الكلام الوجيز.
أما قبل التقديم فهذا مثال لما أردت طرحه في هذا الصفحة،، اقتبست هذا المثال ليتضح به المقال من مقامات الحريري – وأنا مولع به في باب الأدب:
قال الحريري في المقامات: وأنشد البيتين المطرفين، المشتبهي الطرفين اللذين أسكتا كل نافث وأمنا أن يعززا بثالث:
سِمْ سِمَةً تَحْمَدُ آثارها فاشكُرْ لمن أعطى ولو سِمْسِمَهْ
والمكرْ مَهْما اسْطَعْتَ لا تَأْتِهِ لِتقتني السُّؤْدُدُ والمَكْرُمَهْ
وقد تصدى جماعة بعده لمعارضته في هذين البيتين وتعسفوا نظم الثالث والرابع، ولم يبلغوا درجته في صنعته وصحته.
ـ[محمد جمعة]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 12:16 ص]ـ
وبعد فإن فضل العربية وجمالها وقوتها وتميزها على جميع اللغات البشرية -دون استثناء- أعظم من أن نحيط به في هذه السطور، ويكفي لغة العرب شرفا أن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين واختارها لخاتم أنبيائه المخصوص بجوامع الكلم صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابن تيميّة رحمه الله:" معلومٌ أنّ تعلمَ العربية وتعليمَ العربية فرضٌ على الكفاية، وكان السلف يؤدّبون أولادهم على اللحن، فنحن مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظ القانون العربي، ونُصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنّة، والاقتداء بالعرب في خطابها، فلو تُرك الناس على لحنهم كان نقصاً وعيبا، فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة، والأوزان القويمة فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان، الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان الذي لا يَهْذِي به الأقوام من الأعاجم الطماطم العميان ً " الفتاوى 32/ 252.
قال ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله:" وإنّما يعرف فضل القرآن مَنْ عرف كلام العرب، فعرف علم اللغة وعلم العربية، وعلم البيان، ونظر في أشعار العرب وخطبها ومقاولاتها في مواطن افتخارها، ورسائلها ... "
قال أبو منصور الثعالبي في كتابه فقه اللغة وسر العربية قال: "ومَنْ هداه الله للإسلام، وشرح صدره للإيمان، وأتاه حسن سريرة فيه اعتقد أنّ محمداً خيرُ الرسل، والإسلام خير الملل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال عليها وعلى تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم"ً.
والشعر ديوان العرب وقد اشتهر العرب بالفصاحة واللباقة وسرعة البديهة، وكان العرب يتخذون من الشعر تدوينا لتاريخهم فكانوا يجتمعون بالأسواق لإلقاء الشعر والمفاخرة به، كما أنهم اهتموا بالشعر والشعراء حتى أنهم كانوا يعلقونه الشعر على أستار الكعبة.
ومن بديع ما قرأت أزجيه لكم راجيا من الله أن يكون فيه نفع لكم، كما أرجو أن تقفوا معي ننظر بعض جوانب العظمة في تراثنا.
والداعي لذلك "أنا إذا كنا نعلم أن الجهة التي منها قامت الحجة بالقرآن وظهرت، وبانت وبهرت، هي أن كان على حد من الفصاحة تقصر عنه قوى البشر، ومنتهياً إلى غاية لا يطمح إليها بالفكر. وكان محالاً أن يعرف كونه كذلك إلا من عرف الشعر الذي هو ديوان العرب، وعنوان الأدب، والذي لا يشك أنه كان ميدان القوم إذا تجاروا في الفصاحة والبيان،
وتنازعوا فيهما قصب الرهان. ثم بحث عن العلل التي بها كان التباين في الفضل، وزاد بعض الشعر على بعض، كان الصاد عن ذلك صاداً عن أن تعرف حجة الله تعالى. وكان مثله مثل من يتصدى للناس، فيمنعهم عن أن يحفظوا كتاب الله تعالى، ويقوموا به، ويتلوه ويقرؤوه. ويصنع في الجملة صنيعاً يؤدي إلى أن يقل حفاظه، والقائمون به والمقرئون له .... " دلائل الإعجاز لعبدالقاهر الجرجاني.
والذي أحب أن أقدمه الآن شيء من الأدب زائد على الفصاحة بأشياء فيها بعض من تكلف الصنعة لكن لا تخلو من طرافة وروعة.
نعم فاللغة العربية بحر, خاض فيه الأعاجم أيما خوض, و وقفنا نحن بساحله!
وسأبدأ بذكر أبواب مما أبدعه العرب:
¥