تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سيكولوجية الصورة الشعرية في نقد العقاد]

ـ[جلمود]ــــــــ[22 - 09 - 2009, 09:39 م]ـ

مقتطفات من

"سيكولوجية الصورة الشعرية في نقد العقاد"

لـ (زين الدين المختاري)

سيكولوجية الصورة الشعرية بين اليقظة الحسية واليقظة الباطنية

صحيحٌ أن الإدراك الحسي للظواهر الخارجية عنصرٌ مطلوبٌ في تكوين الصّورة وتشكيلها، إذ لا غنى عن الحواس في إدراك المرئيات، والمسموعات، والمذوقات والمشمومات والملموسات ...

ولكنّ جودة العمل الفني، ودقة وصفه، مَنُوطتان بقوة هذا الإدراك ووضوح الصّور والجزئيات في الذهن.

إن الشعر كأي خَلْقٍ آخر نسج خيوطه الإحساس والعاطفة والفكرة .. وأن أيّ تحليلٍ للفنّ يجب أن يقوم في ضوء العلاقات والارتباطات المتداخلة الملتحمة بين الخيوط المشكّلة للنسيج، والتي لا يُمكن لها أن توجد منفصلةً بعضها عن بعضها الآخر.

ومن هذا المنطلق، دعا العقاد إلى تخليص الشعر العربي من وطأة الحسّية التي رانت عليه قروناً طويلة كما نَعَى، في الوقت نفسه، على الشعراء المقلّدين إفراطهم في الوصف الحسّي وتوهمّهم إنهم ببراعة التشبيه بالمحسوسات يصلون إلى قمة الشعر؛ فهم بهذا الوصف في غفلةٍ شديدةٍ في الحقيقة النفسية والشعورية للتصوير الذي "هو من عمل النّفس المركّبة، من خيالٍ وتصوّرٍ، وشعورٍ".

ومن هذا الفهم النفسي لطبيعة التصوير الشعري، يحدّد العقاد منبع الصورة الشعرية مركّزاً في الوقت نفسه، على الجانب الحسّي والشّعور فيها؛ إذ يرى أن الملكة الشاعرية بخاصّة والفنّية بعامّةٍ، هي آلة التصوير التي فيها تتجمّع الصور ومنها تتوزّع بعد إعادة تركيبها وتشكيلها من جديد، ولكن يجب أن تعطيها النفس من سعة الإحساس وقوّته مايمكّنها من التقاط كل صور العالم في صورةٍ كاملةٍ، وتقديمها إلى المتلّقي نابضةً بالحياة.

نفهم من هذا، أن الجانب الحسّي، ماهو إلا مرحلة تمرّ بها الصورة الشعرية لتمتزج بعد ذلك بالجانب النفسي المتمثّل في المشاعر التي تتلقّاها النفس، وهنا يتوجّب على الشاعر أن يقوم بمهمّتين، مهمّة حسيّة نفسية ومهمة، جمالية مؤثرة؛ أي "وصف مايقع تحت الحسّ فيبرز في حلّةٍ قشيبةٍ تحرّك فينا أوتار الطرب ... ".

فالصورة الشعرية عند العقّاد، يجب أن تنتهي إلى الداخل بعد إدراكها من الخارج، لإعادة صياغتها وإخراجها في إهاب حيٍّ، يمتزج فيه الجانب الحسّي التعبيري، بالجانب النفسي الباطني، وفي هذا السياق، يقول "عبد الحي دياب":

"إن الصورة، في تصوّر العقاد، تمرّ بمرحلتين، الأولى: إدراك من الخارج إلى الدّاخل، وهو الإدراك الحسّي، في صورةٍ كاملةٍ وتقديمها إلى المتلقّي نابضةً بالحياة.

بيد أن الإفراط في استخدام هذا الوعي يحوّله، في نظر العقاد، إلى بدعةٍ مرضيّةٍ، وعلّةٍ في بواطن المُولَعين به."

ولا نعدو الحقيقة إذ قلنا إن العقاد يقصد ههنا غلاة الرمزّيين بعامّةٍ، والسوريالييّن بخاصّةٍ، وعلى رأسهم "أندريه بروتون A. Breton" زعيم المدرسة السوريالية الذي أعلن في بيانه عام 1924م، القطيعة لكل رقابةٍ عقليّةٍ مفسحاً المجال لكل تداع تعبيري حرّ في تشكيل الصورة. أيّاً، كان نوع هذا التداعي؛ فالسّوريالية في ظّنه "آلية" نفسيةٌ ذاتيةٌ خالصةٌ، يستهدف بواساطتها التعبير إن قولاً وإن كتابةً، وإن بأيّ طريقةٍ أخرى عن السّير الحقيقي للفكر، هي إملاء من الذّهن في غياب كلّ رقابةٍ من العقل، وخارج كلّ اهتمامٍ جماليٍّ أو أخلاقيٍّ".

ـ[محمد الجهالين]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 06:03 م]ـ

أستاذنا وناقدنا المتالق جلمودا

يحدّد العقاد منبع الصورة الشعرية مركّزاً في الوقت نفسه، على الجانب الحسّي والشّعور فيها؛ إذ يرى أن الملكة الشاعرية بخاصّة والفنّية بعامّةٍ، هي آلة التصوير التي فيها تتجمّع الصور ومنها تتوزّع بعد إعادة تركيبها وتشكيلها من جديد، ولكن يجب أن تعطيها النفس من سعة الإحساس وقوّته مايمكّنها من التقاط كل صور العالم في صورةٍ كاملةٍ، وتقديمها إلى المتلّقي نابضةً بالحياة.

ولكن الصورة الشعرية عند العقاد متهمة بأن العقاد لم يعطها من سعة الإحساس وقوته فجاءت غير نابضة بالحياة، جاءة صورة عقلية جامدة العاطفة.

رغم ذلك أحب شعر العقاد وأرفض هذا الاتهام

ـ[جلمود]ــــــــ[23 - 09 - 2009, 07:56 م]ـ

مرحبا بالأستاذ الفاضل أبي الحسن،

نعم، اتُهم شعر العقاد بذلك، ولقد حاولت أن أمحو آثار هذا الظن من خلال قراءات قدمتها لشعر العقاد، حاولت فيها أن أبين أن العقاد اتكأ في تكوين الصورة الشعرية على الحس المرهف والعاطفة القوية، ولقد قدمت نموذجا لهذه القراءات هنا في الفصيح تحت عنوان:

إفضاء بقصيدة العقاب الهرم للعقاد (قراءة نقدية) ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=47431http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=47431)

تحياتي!

ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[24 - 09 - 2009, 01:41 ص]ـ

.. نعم! .. هذا هو الكلام الذي يجب أن يستمع إليه كل شاعر .. الإحساس .. الإحساس مع الوصف .. هنا تظهر قدرة الرسم لدى الشاعر .. انظروا مثلا:

ونسيت ُ حقدي كله في لحظة ٍ .. من قال أني قد حقدتُ عليه ِ؟

.. هذه القصيدة لنزار قباني .. لا تحتوي على الكثير من التصوير الحسي .. لكن تحتوي على المشاعر و الإحساس الجميل .. و لاحظوا قوة الشطر الثاني في البيت السابق .. أعتقد أن نزار قباني تميز بين الناس لا بالوصف بل بالإحساس و هذا مايجب على الشاعر أن يبحث عنه لدى كتابة قصيدة .. شكرا لكم:) ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير