تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وصية عند الموت]

ـ[وليد]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 02:22 م]ـ

من كتاب المصون في الأدب:

.

.

لمّا اشتدّ بحصن بن حذيفة بن بدر الفزاريّ وجعه من طعنةٍ أصابته دعا ولده فقال:

الموت أهون ما أجد، فأيّكم يطيعني فيما آمره به؟

فقالوا: كلّنا مطيع.

فبدأ بأكبرهم فقال:

قمْ فخذ سيفي فاطعن حيث آمرك به.

فقال: يا أبتاه، هل يقتل المرء أباه؟

فأتى على القوم فكلّهم يقول نحوه

حتى انتهى إلى عيينة بن حصن

فقال: يا أبتاه، أليس لك فيما تأمرني راحة، ولي بذلك طاعة، وهو هواك؟

قال: بلى، فقمْ فخذ سيفي فضعه حيث آمرك ولا تعجل. فقام فأخذ السيف فوضعه على قلبه، فقال:

مرني يا أبتاه كيف أصنع؟

فقال ألق السّيف، إنّما أردت أن أعلم أيكم أمضى لما آمره به، فأنت خليفتي ورئيس قومك من بعدي ثم قال:

ولًّوا عيينة من بعدي أمورَكم ... واستيقنوا أَنّه بعدي لكم حامي

إمّا هلكتُ فإنّي قد بنيتُ لكم ... عزَّ الحياة بما قدّمت قدّامي

حتّى اعتقدتُ لوا قومي فقمتُ به ... ثمَّ ارتحلتُ إلى الجفنّى بالشامِ

لمّاقضى ما قضَى من حقِّ زائرِه ... عجتُ المطيّ إلى النّعمان من عامي

فابنُوا ولا تهدموا فالناسُ كلُّهم ... من بين بانِ إلى العُليا وهدّامِ

والدَّهر آخِرُه شبهٌ لأوّله ... قومٌ كقومٍ وأيّامٌ كأيامِ

ثمّ أصبح فدعا بنى بدر فقال:

لوائي ورياستي لعيينة، واسمعوا منّي ما أوصيكم به

لا يتّكل آخركم على أوّلكم، فإنّما يدرك الآخر ما أدرك به الأوّل

وانكحوا الكفىّ الغريب فإنّه عزٌّ حادث، واصحبوا قومكم بأجمل أخلاقكم

ولا تخالفوا فيما اجتمعتم عليه، فإنّ الخلاف يزري بالرئيس المطاع.

وإذا حضركم أمران فخذوا بخيرهما صدراً وإن كان مورده معروفاً.

وإذا حاربتم فأوقعوا بحدٍّ وجدّ، ثم قولوا الحقَّ، فإنّه لا خير في الكذب.

واغزوا بالكثير الكثير، فإني بذلك كنتُ أغلبُ الناس.

وعجِّلوا بالقرى فإنّ خيره أعجله. ولا تجترئوا على الملوك فإنّهم أطول أيادي منكم.

ولا تغزوا إلاّ بالعيون، ولا تسرحوا حتى تأمنوا الصّباح.

وإياكم وفضحات البغي، وغلبات المزاح.

ـ[وليد]ــــــــ[13 - 12 - 2009, 08:00 م]ـ

لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة دعا ابنه محمد فقال له:

يابني إني أرى الموت لا يُقلِع وأرى من مضى لا يرجع ومن بقي فإليه يَنزَع

وإني موصيك بوصية فاحفظها

عليكَ تقوى الله العظيم وليكن أولى الأمور بك شكر الله وحسن النية في السر والعلانية؛ فان الشكور يزداد والتقوى خير زاد

وكن كما قال الحطيئة:

ولستُ أرى السعادة جمع مالٍ ... ولكنَّ التّقي هو السعيدُ

وتقوى الله خير الزاد ذُخراً ... وعند الله للأتقى مزيدُ

وما لا بُدَّ أن ياتي قريبٌ ... و لكن الذي يمضي بعيدُ

أي بُني لا تزهدنَّ في معروف فان الدهر ذو صروف والأيام ذات نوائب على الشاهد والغائب فكم من راغبٍ قد كان مرغوبا إليه وطالب أصبح مطلوبا ما لديه واعلم أن الزمان ذو ألوان ومن يصحب الزمان يَرَ الهوان وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي:

وعدَّ من الرحمن فضلا ونعمة ... عليك إذا ما جاء للعُرف طالبُ

وإن امرأ لا يُرتجى الخير عنده ... يكن هيّنا ثقيلا على من يصاحبُ

فلا تمنعن ذا حاجه جاء طالبا ... فإنك لا تدري متى أنت راغبُ

رأيت التِوا هذا الزمان بأهله ... وبينهم فيه تكون النوائبُ

اي بُنيَّ كن جوادا بالمال في موضع الحق بخيلا بالأسرار عن جميع الخلق وإن أحمد بخل الحر الضّن بمكتوم السر وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري:

أجودُ بمكنون التلاد و إنني ... بسّرك عمّن سالني لضنين

إذا جاوز الاثنين سر فإنه ... يبثُّ وتكثير الحديث قمين

وعندي له يوما اذا ما ائتمنتني ... مكان بسوداء الفؤاد مكين

أي بُنيّ وان غُلبت يوما على المال فلا تدع الحيلة على حال فان الكريم يحتال والدنيّّ عيال وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالا وأقلَّ ما تكون في الباطل مالا فان الكريم من كرمت طبيعته وظهرت عند الانفاذ نعمته

وكن كما قال ابن خذاق العبدي

وجدتُ أبي قد أورثه أبوه ... خلالا قد تُعد من المعالي

فأكرم ما تكون عليَّ نفسي ... إذا ما قلَّ في الأزمات مالي

فتحسن سيرتي وأصون عِرضي ... ويَجمل عند أهل الرأي حالي

وإن نلت الغنى لم أغلُ فيه ... ولم أخصص بجفوتي الموالي

أي بُنيَّ وإن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بالشاهد فإنك إن أمضيتها رجع العيب على من قالها

وكان يقال: الأريب العاقل هو الفطن المتغافل

وكن كما قال حاتم الطائي:

وما من شيمتي شتم ابن عمي ... وما انا مُخلف من يرتجيني

وكلمة حاسد في غير جُرم ... سمعت فقلت مُرِّي فانفذيني

فعابوها عليَّ و لم تسؤني ... ولم يَعرق لها يوما جبيني

وذو اللونين يلقاني طليقا ... وليس إذا تغيب يأتليني

سمعت بعيبه فصفحت عنه ... محافظة على حسبي وديني

اي بُنيّ لا تؤاخ امرأً حتى تعاشره وتتفقد موارده ومصادره فاذا استطعت العشرة ورضيت الخبرة فواجه على إقالة العثرة والمواساة في العُسرة

وكن كما قال المُقّنّع الكندي:

ابْلُ الرجال إذا أردت إخاءهم ... وتوسَّمن فعالهم و تفقَّد

فاذا ظفرت بذي اللبابة والتقى ... فبه اليدين قرين عين فاشدد

وإذا رأيت و لا محالة زلة ... فعلى أخيك بفضل حلمك فاردد

أي بُنيّ اذا احببت فلا تفرط وإذا أبغضت فلا تشطط فانه قد كان يقال: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض عدوك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما

وكن كما قال هدبه العذري:

وكن معقلا للحلم واصفح عن الخنا ... فانك راءٍ ما حييت وسامع

وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا ... فإنك لا تدري متى أنت نازع

وأبغض اذا أبغضت بغضا مقاربا ... فإنك لا تدري متى أنت راجعُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير