ومابِي حذاري الموتَ إني لميتٍ=ولكن حذاري جُحْمَ نارٍ مُلفَّعِ
فلستُ بِمُبْدٍ للعدو تَخَشُّعًا=ولا جَزَعًا إنِّي إلى اللهِ مَرْجِعي
ولستُ أُبالي حينَ أُقتلُ مُسلمًا=على أي جنبٍ كانَ في اللهِ مَصرعي
فقُتل رضي الله عنه وأرضاه.
•عبدة الطيب يرثي نفسه:
هو شاعر مخضرم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام وأسلم وجاهد مع النعمان بن مقرَّن –رضي الله عنه- الفرس والمدائن (4) , وقد بكى نفسه بأبيات بعدما طال مرضه وأيقن بالموت فقال: (5)
ولقد علمتُ بأنَّ قصري حٌفرةً=غبراءُ يحملُني إليها شَرْجَعُ (6)
فبكَّى بناتي شَجْوَهُنَّ وزوجتي=والأقربونَ إليَّ ثم تصدَّعُوا
وتُرِكْتُ في غبراءَ يُكْرَهُ وِرْدُهَا=تَسْفِي عليَّ الريحُ حِين أُودَّعُ
فإذا مضيتُ إلى سبيلي فابعثُوا=رجلًا له قلبٌ حديدٌ أصْمَعُ
إنَّ الحوادثَ يَخْتَرِمْنَ وإنما=عُمْرُ الفَتى في أهلهِ مُسْتَودَعُ
•رجل آخر يرثي نفسه:
ذكر الواقدي أن ضرار الأزور -رضي الله عنه- أُسر في معركة اليمامة أسرته الروم, وقال شعرًا يرثي به نفسه (7) , والأرجح أنه ليس ضرار الأزور فقد ذكر أهل العلم (8) أنه جُرح يوم اليمامة واستشهد وقيل أنه عوفي من جروحه, واشترك في معركة اليرموك وكان ممن بايع عكرمة بن أبي جهل-رضي الله عنه- على الموت, وكانوا أربعمائة فاستشهد وهو يفتك بالروم, ولم يذكروا أنه أُسر, وليس هذا محل بحث في هذا الموضوع, ولكن أردنا أن نبيِّن للقارىء أن قائل هذه الأبيات ليس ضرار بن الأزور وإنما قد يكون رجلًا من المسلمين اسمه ضرار أو ربما نُسبت له.
فقد قال وهو في الأسر يبكي نفسه, وقد انقطع أمله في الحياة وشارف على الموت, يبعث هذه الأبيات كرسالة إلى أهله وذويه: (9)
حَمائِمُ نَجْدٍ بلِّغي قولَ شَائِقٍ=إلى عسكرِ الإسلامِ والسادةِ الغُرِّ
وقولي ضرارٌ في القيودِ مُكبَّلٌ=بعيدٌ عنِ الأوطانِ في بَلدٍ وَعْرِ
حمائمُ نَجدٍ اسمعي قولَ مُفْرَدٍ=غَريبٍ كئيبٍ وهو في ذِلَّةِ الأَسْرِ
وإنْ سألتْ عنِّي الأحبةُ خبِّري=بأنَّ دُمُوعي كالسحابِ وكَالقَطْرِ
وقولي لهم إنِّي أسيرٌ مُقَيَّدٌ=لهُ عِلَّةٌ بينَ الجَوانحِ والصَدْرِ
وفي خدِّهِ خَالٌ مَحَتْهُ مَدَامعٌ=على فَقْدِ أوطانٍ وكَسرٍ بلا جَبْرِ
مضَى سَائرًا يبغي الجهادَ تَطَوُّعًا=فوافاهُ أبناءُ اللئامِ عَلى غَدْرِ
ألا فَادْفِنَاني باركَ اللهُ فِيكُمَا=ألا واكْتُبَا هذا الغريب على قَبري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأغاني للأصفهاني (16/ 44 - 50). وانظر السيرة النبوية لابن هشام (2/ 350 - 351) والبداية والنهاية لابن كثير (5/ 48 - 49).
(2) ديوان لبيد بن ربيعة 73 - 74
(3) أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (2/ 148 - 150) , والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (5/ 267 - 268) باختلاف,
والخبر رواه الإمام أحمد في المسند (15/ 230) وصحح إسناده أحمد شاكر رحمه الله.
(4) ذكر محققا المفضليات (أحمد شاكر وعبد السلام هارون) ترجمة عبدة الطيب في الحاشية نقلًا عن تاريخ الطبري (4/ 43, 115)
(5) المفضليات للمفضل الضبي 148.
(6) شرجع: خشب يشد بعضه إلى بعض كالسرير يحمل عليه الموتى.
(7) فتوح الشام للواقدي (2/ 232).
(8) ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 53) , وابن كثير في البداية والنهاية (7/ 7 - 8) , وابن حجر في الإصابة (3/ 391 - 392).
(9) فتوح الشام للواقدي (1/ 190).
ـ[أديب طيء]ــــــــ[29 - 11 - 2009, 03:03 ص]ـ
أخوكم لا يستغني عن ملاحظاتكم!!
ـ[صدى البيان]ــــــــ[29 - 11 - 2009, 04:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:_
من أهم الشعراء الذين رثوا أنفسهم. الشاعر أبو فراس الحمداني وذلك حين وافته المنية بعد عودته من الأسر وهو يخاطب ابنته:
أبنيتي لا تحزني كل الأنام الى ذهاب
أبنيتي صبرا جميلا للجليل من المصاب
نوحي علي بحسرة من خلف سترك والحجاب
قولي اذا ناديتني وعييت عن رد الجواب:
زين الشباب أبو فرا س لم يمتع بالشباب
ومن الشعراء أيضا. الشاعر مالك بن الريب التميمي وذلك عندما وافته المنيةوهو في مديتة مرو حيث يقول:
تذكرت من يبكي علي فلم أجد سوى السيف والرمح الرديني باكيا
صريع على أيدي الرجال بحفرة يسوون قبري حيث حم قضائيا
ولما تراءت عند مرو منيتي وخل بها جسمي وحانت وفاتيا
فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا برابية اني مقيم لياليا
وقوما اذا ما استل روحي فهيئا لي السدر والأكفان ثم ابكيا ليا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردا علي عيني فضل ردائيا
ولاتحسداني بارك الله فيكما من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
ومن أهم الشعراء أيضا. الشاعر أبو الطيب المتنبي وذلك عندما وصل الى درجة اليأس من الحياة حيث يقول:
كفى بك داءا أن الموت شافيا وحسب المنايا أن يكن أمانيا
تمنيتها لما تمنيت أن ترى صديقا فأعيا أو عدوا مداجيا
اذا كنت ترضى أن تعيش بذلة فلا تستعدنا الحسام اليمانيا
¥