تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: قول الأستاذ الحامدي: «إن تخفيف الصاد أقرب إلى الخطأ واللحن منه إلى الضرورة الشعرية» خلافُ ما نصَّ عليه أهل العلم، كقول ابن عصفور في ضرائر الشعر: ومنه تخفيف المشدَّد ... وقد يخففون المشدد في غير القوافي إلا أن ذلك قليل، ومنه قول ابن رواحة الأنصاري:

فسرنا إليهم كافَةً في رحالهم = جميعاً علينا البيض لا يتخشع

يريد كافَّةً. وقول الآخر:

جزى الله الدوابَ جزاء سوء = وألبسهن من جرب قميصا

انتهى.

وللألوسي -على ما أذكر- مثل هذا الكلام في كتابه: الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر.

ثالثاً: ليس في بيت حافظ إبراهيم الذي أنشده الأخ سليمان التقاء ساكنين، فهو خارجٌ عما نحن بصدده.

رابعاً: لي على كلام د. خلوف حفظه الله مأخذان:

أحدهما: أن أكثر ما أنشده من أبيات هو لجماعة من المتأخرين، وأبياتهم هذه إنما هي أمثلة لتوضيح المسألة، لا شواهد لإثباتها؛ لعدم صحة الاحتجاج بكلامهم.

والثاني: أن خمسة من أبياته تلك ساقطةٌ أصلاً، لأنها مبنية على لفظة «حافة»، وهي بتخفيف الفاء، وتشديدُها لحن.

ثم إن التخفيف سائغ في جميع ما أنشده مثقَّلاً، وإجازة التخفيف في بعض تلك الكلمات دون الجميع تحكم، والاعتمادُ في مثل ذلك على الذوق مُلغًى؛ لأنه أمر نسبيٌّ ولا ينضبط، ومَن نظر في أشعار الفطاحل رأى ضرائرَ شعرية تمجُّها الأسماع، وربما أنِف من ارتكابها الشويعر المبتدئ، غير أنه لا يسَع ردُّها، وأقصى ما يُمكن في ذلك إدراجُها في زمرة الضرورات القبيحة.

خامساً: ضبط الموسوعة الشعرية وغيرها من البرامج الحاسوبية لا جدوى منه ولا عبرةَ به، والسبب في ذلك ظاهر لمن استخدمها ولا يفتقر إلى التنصيص عليه، وليس ضبط أكثر الكتب المطبوعة في هذا الزمان بأحسن حالاً من تلك البرامج، فقول د. خلوف: «رأيتها مضبوطة بالتشديد في الشعر والشعراء لابن قتيبة» لا حاجة إليه؛ لأن الضبط بالتشديد ليس من فعل المصنف، بل هو اختيار مدقق الكتاب، وهو مجهول، وأحسن أحواله أن يكون طالبَ علم على ما هو معروف لدى من مارس صنعة الكتب.

ولعلي أعود لاحقاً إلى هذا الموضوع، والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير