تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أهمية العروض للمحقق]

ـ[خشان خشان]ــــــــ[26 - 12 - 2008, 12:14 م]ـ

بين يدي ديوان البحتري الجزء الأول شرحه وعلق عليه د. محمد التونجي- الناشر دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الأولى 1994

جاء في أول قصيدة ومطلعها:

ظلم الدهر فيكم وأساء .... فعزاءً بني حُميدٍ عزاء

والبيت التاسع:

ولماذا تتَبع النفس شيئا .... جعل الله الفردوس منه بواء

بتشديد التاء الثانية

والوزن: 1 3 2 2 1 3 2 3 2 ...... 1 3 2 2 2 3 1 3 2

وهذا في الرقمي يحوي 4 1 3 غير الجائزة في الشعر العربي (تصح في الدوبيت)

وبدلالة التفاعيل:

و لما ذا - تتْ تَ بعنْ - نف سمن هو = ف علا تن - مس ت علن - فا علا تن

ولا تصح (مس ت علن) في الخفيف

رجعت لموسوعة الشعرية فوجدت البيت بنص:

وَلِماذا تَتَبَّعُ النَفسُ شَيئاً ..... جَعَلَ اللَهُ الفِردَوسَ مِنهُ بَواءَ

الصدر رقميا =1 3 2 3 3 2 3 2

الصدر تفعيليا = ف علا تن م تفع لن فا علا تن

(تتَبّع) بفتح التاءين وتشديد الباء.

ليت المشاركين الكرام يوردون هنا ما يمرون به من هذا القبيل.

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[26 - 12 - 2008, 09:10 م]ـ

قلتُ:

وتزداد أهمية العروض لدى الباحث والناقد والمحقق، وكل متأدّب بآداب العربية. فعلم العروض -بقدرته على وزن الشعر، ومعرفة صحيحه من مختلّه، وما يعتريه من عَوارضَ وتغيُّرات طارئة، وشرحِه أحوال القوافي وعيوبَها- يُعين جميعَ هؤلاء على تحقيق النصوص الشعرية، ونقدها، وتقويمها، وإصلاحِ فاسدِها، وما أكثر من يخطئون في ذلك.

ومع أن العروض لا يُغني عن كثرة سَماع الشعر وقراءته لنمو الذائقة الموسيقية، والإحساس بالأوزان، وتباين إيقاعاتها، إلاّ أنه يُعينُ على قراءة الشعر، وأدائه بالصورة الصحيحة، ويُعين بالتالي على فهمه، ومعرفة ما قد يتسرّب إليه من فساد أو تحريف أو تصحيف، وما قد يعتوره من أخطاء في النقل أو الطباعة. وتبرز قيمة العروض في قدرته على ضبط كلمات النصوص، خاصة إذا كانت قواعد اللغة تُجيزُ لها أكثر من صورة. فإذا علمنا أن نقصَ حرفٍ واحدٍ أو زيادته في الشعر قد يُخِلُّ بالوزن أو ربما يُغيّره، عرفنا كم لعلم العروض من أهمية وخطر. خذ مثلاً على ذلك قول حافظ إبراهيم:

(حطمتُ) اليَراعَ فلا تعجبي

وعفْتُ البيانَ فلا تتْعبي

إذ يجوزُ لغةً نطقُ الفعل (حطمتُ) بتشديد الطاء، ولكن وزن البحر المتقارب هنا يُحتّم علينا تركَ التشديد. بينما يُحتّم الوزن في البيت التالي تشديدَها:

لمْ يكنْ لي غدٌ، فأفرغْتُ كأسي

ثمَّ (حطّمْتُها) على شفتيّا

وفي بيت المتنبّي الشهير:

ليسَ مَنْ ماتَ فاستراحَ (بِمَيْتٍ)

إنّما (المَيْتُ) (مَيِّتُ) الأحياءِ

تكررت كلمة (ميت) ثلاث مرات، حيث تقتضي القراءة الصحيحة للبيت تخفيفَ الياء في الأولى والثانية، وتشديدَها في الثالثة.

وقل مثلَ ذلك في قراءة بعض الضمائر مثل: (هم و لهم .. )، إذ يستدعي الوزن أن تكون (ميم الجمع) ساكنةً أحياناً، أو مشبعةَ الحركةِ بالضمّ أحياناً أخرى. وقد يستدعي الوزن تسكين (الهاء) من الضميرين (هو و هي). كما قد يستدعي الوزن النطقَ (بياء المتكلم) ساكنةً أو مفتوحةً. وتُقرأ نون التوكيد، ونون (لكن) مخففة أحياناً، أو مشددةً أحياناً أخرى. إلى غير ذلك مما تُجيزه قواعد اللغة العربية، أو الضرورات الشعرية. يقول مندور: "إن علمَ العروض عظيمُ النفع للنقد".

ومحقّقوا التراث هم في أشد الحاجة إلى معرفة العروض، لأنهم كثيراً ما يُقابلون في تحقيقاتهم التصحيفَ، وسقوطَ الحروف والكلمات، وانتفاءَ الضبطِ والتشكيل .. فتعينهم معرفة الوزن الصحيح على كشفِ التصحيف، والساقط من الحروف أو الكلمات، كما تُعينهم على إعادة ضبط الكلمات وشَكْلِها.

ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[26 - 12 - 2008, 09:17 م]ـ

وكان أبو الحسن العروضي (-342هـ) قد ذكر أمثلةً لذلك فقال: "ولقد مرَّ بي بيتٌ في كتاب (المقصور والممدود) ليعقوب بن السكّيت، أوله: (وإذا احز ألا في المناخ)، فلم أدْرِ ما هو، لأنه كان غير مضبوط، ولم يكن لي فيه سماع، فقطّعتُ البيتَ من آخره إلى أوله، فوقفتُ على أنّ (احْزَألاّ) كلمةٌ واحدة، وصحّ البيتُ واتّزن".

كما أشار العروضي إلى قول الشاعر:

كأنَّ فاها (عبقر) باردٌ ** أو ريحُ رَوضٍ مسَّهُ تَنْضاحُ رِكْ

وحيرة بعضهم في كيفية ضبط كلمة (عبقر)، وأنه بتقطيع الشطر الثاني تبيّن أن البيتَ من بحر الرجز، ولا يتّزن الشطر الأول إلاّ بضبط الكلمة على (عَبَقُرٍّ) بتشديد الراء.

قال: "وخبّرني بعضُ من أثق به، أن رجلاً من أهل العلم أنشده:

أيُّها المرْءُ لا تقولنَّ شيئاً ** لستَ تدري ماذا (يُعْييكَ) منْهُ

وهذا مكسور .. وإنما هو: " ماذا يَعيبُكَ منه".

كما أشار العروضي إلى أن شيخاً من أهل العلم، كتب بيتاً لامرئ القيس خطأً هكذا:

فقالَ حلفتُ لها بالله حلْفةَ فاجِرٍ ** لناموا فما إنْ منْ حَديثٍ ولا صَالِ

ظانّاً أنّ كلمة (فقال) من البيت. وليست منه.

وقال أيضاً: "ورأيتُ بخطّ رجلٍ قد أعملَ نفسَه في الشكل، وتمرّن في الضبط، وقد كتب:

"وقالَ خريعٌ:

دَوادِيَ في ملعَبٍ ** تأزَّرُ طَوراً وتُرخي الإزارا

فظنّ أن "خريعاً" اسم الشاعر .. والبيت للكميت، وصدره: (خريعٌ دَوادِيَ في ملعبٍ).

ونقل أبو الحسن أن بعضهم كتب البيتين التاليين -من المتقارب- هكذا:

أمِنْ أمِّ طلحةَ طيفٌ ألَمْ ** ونحنُ بِالاَجْزاعِ منْ ذي سلَمْ

وفيها:

عصَيْتُ الألى فنّدوا ** وكلُّ فصيحٍ بها متّهَمْ

فكتب كلمة (وفيها) منفردةً قبل البيت وهي منه، ظانّاً أنَ المراد: وفي القصيدة هذا البيت. ونقل أيضاً أن بعضَ العلماء أنشد:

يكْتُمُ الحُبَّ (من الناسِ) ويُخفيهِ كما ** تكتُمُ البِكْرُ من الناسِ الوَحَمْ

وفي صدره زيادةٌ لا حاجةَ به إليها، وهي قوله: (من الناس).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير