[تقييد قافية أول البسيط وثانيه]
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 12:46 ص]ـ
كنت قد سئلت عن منظومة في العروض وضعها عبد الله بن محمد الشبراوي (ت1172هـ)، ولما لم أكن أذكر أني أعلم شيئا عنها ولا حتى عن مؤلفها، فقد اتجهت للبحث عنهما في مختلف مصادر البحث الإلكتروني وعلى رأسها ما تجده من الكتب التراثية التي أتاجها للدارسين موقع الوراق الإماراتي، فلم أظفر بأكثر من سيرة مقتضبة لحياته، وثبتا ببعض مؤلفاته التي لم يكن من بينها ذلك الكتاب المقصود.
ثم إني تصفحت ديوان شعره في الموسوعة الشعرية، فلعلها ألحقت بالديوان، ولكني لم أخرج منه بطائل.
وما خرجت به لا يتعدى انطباعا جيدا حول ما نظمه من قصائد في ديوانه، وخصوصا ما تناول فيها الجانب الغزلي، لا سيما وهو الشيخ التي تولى رئاسة الجامع الأزهر، ورغم ما يقال في العادة من آراء عن أشعار العلماء عموما، فإن الشبراوي، ومن قبله الإمام الشافعي رحمهما الله، كسرا كلاهما هذه القاعدة.
ومن قصائده التي مست أسماع الناس دهرا طويلا، وإن كان جلهم مثلي لا يعلمون قائلها، تلك التي شدت بها أم كلثوم باللحن الذي وضعه لها الشيخ أبو العلا عام 1926م، وأولها:
وحقك أنت المنى والطلب ... وأنت المراد وأنت الأرب
وكل ما ذكرته أعلاه لا يتجاوز تمهيدا لما أود أن أطرحه الآن، فلقد وقفت طويلا أمام قوله:
يفديكَ يا بدرُ صبٌّ ما ذُكِرتَ لهُ ... إلا على قَدَمٍ شوقاً إليكَ وَثَبْ
لا تخشَ منّي سُلوّاً في هواكَ فقد ... تبّت يدا عاذلي يا بدرُ فيكَ وتبّْ
ونحن نعلم من مدونات العروضيين أنهم يأكدون، من بين ما يؤكدون عليه، لزوم الردف في ضرب البسيط المقطوع ويهملون ذكر الضرب الاخر المخبون، ذلك أنهم ما كانوا يتصورون إقدام أحد من الشعراء على تقييده، فكيف كان وقع هذا الضرب المخبون المقيد على أسماع الناس وقبلهم على سمع الشبراوي نفسه.
في رأيي أنه لو أطال الشاعر في نتفته هذه حتى بلغت حد القصيدة الطويلة لكان قد جمع فيها بين الضربين المخبون والمقطوع كما جمع عدي بن زيد (فَعَلُن) و (فَعْلن) في لاميته من الكامل التي يقول فيها:
من آل ليلى دِمنةٌ وطَلَلْ ... قد أقفَرت فيها النعامُ زَجَلْ
ولقد غدوتُ بسابحٍ مَرِحٍ ... ومعي شبابٌ كلهم أخيَلْ
والقافية بتعريفها التالي تبيح ذلك الجمع، وهو أنها صوت الرويّ وما قد يليه من أصوات مع نوع الصوت الذي يسبقه، ولنسمه توسعا في المصطلح (الردف)، فإذا كان هذا الردف حركة قصيرة وكان ثاني صوت يسبقه ألفَ مدّ، التزم هذان الصوتان بعينهما، وليس بنوعهما فقط، وتسمى هذه الألف ألف التأسيس.
فأنت ترى في قافية عدي أن الروي وهو اللام مسبوق في كلا الضربين بحركة قصيرة وبالإضافة إلى اتحادهما في الروي أجتمع هذان الضربان بلا شذوذ.
وبالإمكان تطبيق هذا التعريف على تلك القافية التي اجتمع فيها ثلاثة أنواع من القافية هي المتكاوس والمتراكب والمتدارك والمبنية على تعريف الخليل للقافية، وفي تعريفنا لا ضرورة لذكر هذه الأنواع جميعا، فهي كلها إزاءها نوع واحد.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 09:35 ص]ـ
يقول المعري:
اِسْتَعْدَتِ الخمرُ منْ أفعالِ شاربِها=إلى المَليكِ، فقالت: شَجّ ثمّ قَتَلْ
وجارِحُ الدّنِّ ما كانت جِراحتُهُ=قِصاصَ عَمْدٍ، ولكنْ للمُدامِ خَتَلْ
يَوَدُّ أنّ دُجاهُ فارُ خابيةٍ=وأنّ كلَّ غمامٍ بالعُقارِ هَتَلْ
ماذا تُريدينَ منهُ قد ظفِرْتِ بهِ=ألَمْ تَرَيْهِ صريعاً في التّرابِ يُتَلْ
وللمعري ثلاث قصائد مشابهة (عدة أبياتها اثنان وأربعون بيتاً)، على قافية الكاف الساكنة، التزمَ قبلها اللام المفتوحة، ولم أستشهد بها لمظنة أن تكون اللام في مثل هذه القصائد روياً، والكاف الساكنة وصلاً.
يقول المعري في أولاهما:
إنْ كنتَ ذارِعَ أرضٍ لم ألُمْكَ بها=أو كنتَ ذارِعَ خمرٍ فالمَلامةُ لَكْ
كم سَلّتِ الراحُ مِنْ يُمناكَ، خادِعةً=سيفَ الرّشادِ، وأعطتْهُ لمَنْ خَتَلَكْ
ـ[خشان خشان]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 10:52 ص]ـ
خلوفُ في شرحه يا قوم قد أبدعْ = كما سليمان كلّ منهما يقطَعْ
بفاصل القول في وزنٍ وقافيةٍ= كما المصائر فيها يفصل المدفَعْ
تكاد تفصح نفسي عن كوامنها = لكنّ برمجتي محدودةٌ (إسْمَعْ)
وهكذا أمتي قد بُرمِجت فكأنْ = للمصطفى وحده قد أوحيت (إصدعْ)
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[29 - 12 - 2008, 05:11 م]ـ
كنت قد سئلت عن منظومة في العروض وضعها عبد الله بن محمد الشبراوي (ت1172هـ)، ولما لم أكن أذكر أني أعلم شيئا عنها ولا حتى عن مؤلفها، فقد اتجهت للبحث عنهما في مختلف مصادر البحث الإلكتروني وعلى رأسها ما تجده من الكتب التراثية التي أتاجها للدارسين موقع الوراق الإماراتي، فلم أظفر بأكثر من سيرة مقتضبة لحياته، وثبتا ببعض مؤلفاته التي لم يكن من بينها ذلك الكتاب المقصود.
جاء في تاج العروس للزبيدي (مادة رمل) قوله:
"وقد نَظَمَُه شيخُنا المرحومُ عبدُ اللهِ الشَّبْرَاوِيُّ، فقال:
قد رَمَلْتُ القَوْلَ فيه طائِعاً=بالهَوَى حتى غَدَا شَرْحِي طَوِيلْ
فاعِلاتُنْ فاعلاتن فاعِلُنْ=ليتَ شِعْرِي هل إليْه مِن سَبِيلْ
ولعلّ هذا يشير إلى طريقة نظم الشبراوي المذكورة.
¥