[مقامة العروض]
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 03:51 م]ـ
مقامة العروض، لأبي القاسم الزمخشري
يا أبا القاسم
لنْ تَبْلُغَ أسْبَابَ الهُدَى بمعرفَةِ الأسبابِ والأوتادْ، أوْ يَبْلُغَ أسبَابَ السموَاتِ فِرْعَوْنُ ذُو الأوتادْ.
إن الهُدَى في عَرُوضٍ سِوَى عِلْمِ العَروضْ، في العِلْمِ والعملِ بالسُّنَنِ والفُرُوضْ.
ما أحوَجَ مِثْلكَ إلى الشُّغْلِ بتعْديلِ أفاعيلهْ، عن تعديلِ وَزْنِ الشِّعْرِ بتفاعيلهْ.
مَنْ تَعَرَّضَ لابتغاءِ صُنوف الخيرِ وضُروبِهْ، أعْرَضَ عَنْ أعارِيضِ الشِّعْرِ وأضرَبَ عَنْ ضُرُوبِهْ.
ما تَصْنَعُ بِالضُروبِ والأعاريِضْ فيِ الكلامِ الطويلِ العريِضْ، في صِناعةِ القَريِضْ؛ وَوَرَاءَ ذلكَ حَيْلُولَةُ الجريض.
لأنْ تَنْطِقَ بِكَلِمَةٍ فاضِلةٍ، بَينَ الحقِّ والباطِلِ فاصِلَهْ، خيرٌ منْ منطقِكَ في بيانِ الفاضلَةِ والفاصِلَةْ.
عليْكَ بتقوَى اللّهِ ومراقبتهْ، وَلتَرْعُدْ فَرائِصُكَ خَوْفَ مُعاقَبَتِهْ، وَدَعْ ما يَجرِي مِنَ المُعاقَبَةِ والمُراقَبَةِ بَينَ الحَرْفَينْ، وَعدِّ عنِ الصَّدْرِ والعجُزِ والطّرَفَينْ.
ما ضَرَّكَ إذا تَمَّ وَوَفَرَ ديِنُكْ، وَسَلِمَ وَصَحَّ يَقينُكْ، واتّصَفَا بالوُفُورِ والاعتدَالْ، وَخَلصَا عن الانتقَاصِ والاعتِلالْ، وَإنْ وُجِدَ في شِعْرِكَ كَسْرٌ أوْ زِحَافْ، أوْ وَقَعَ بَينَ مَصَارِيِعِهِ خِلافْ.
وَيْلَك إنْ كُنْتَ منْ أهل الفضْلِ والحزْمْ، فلا تهْتَمَّ بنُقْصانِ الخرْمِ وزيادةِ الخَزْمْ، وَلا تُفكِّرْ في الأثْلَمِ والأثْرَمْ، والأخْرَب والأخْرَمْ، والأجَمِّ والأقْصَمْ، والأعْضَبِ والأصْلَمْ، والمخْبُونِ والمخُبولْ، والمَطْوِيّ والمشكُولْ، والمقصُورِ والمحْزُولْ، والمقْطُوعِ والمحذُوفْ، والمعْصُوبِ والمكفُوفِ، والمعقُولِ والمَقطُوفْ، وَالمُشَعّثِ والأشَترْ، والأحَذِّ والأبْتَرْ، والمقبوُضِ والمُضْمَرْ، والموْقُوفِ والمنقُوصْ، والمكسُوفِ والموقُوصْ.
إنَّ لِبَاسَ التّقْوَى خَيْرُ لِبَاسْ، وأزْيَنُهُ عندَ اللّهِ والنّاسْ، فلا تَكُ عَنْ إضْفائِهِ مُغْفَلاً، وَالبْسَهُ مُذالاً مُسَبّغاً مُرَفّلاً.
وَلا تقْتصِرْ منهُ على الأقْصَرِ الأعْجَزْ، كَمُخَلّعِ البَسيطِ أوْ مَشْطُورِ الرَّجَزْ.
واعْرِفِ الفضلَ بينَ السكَيْتِ والسابِقِ إلى الغايَةْ، وإنْ لمْ تعرِفِ الفضْلَ بينَ الفصْلِ والغايَةْ.
وَإيّاكَ والخَطْوَ المتقارِبَ، وَلا تَرْضَ بدُونِ الرّكْضِ والرَّمَلْ، وأبطِرْ نَفْسَكَ ذَرْعَها فيِ مضمار العَمَلْ، فإنّما يَلْحقُ الخفيفُ السّريعُ المُنسرحْ.
وادْأبْ لَيْلَكَ الطّوِيلَ المَديِدَ وَلا تَقُلْ أصْبحْ [ .... ].
وليَكُنْ لكلامِكَ المُقْتَضَبِ سائِقٌ مِنَ التّنَبُّه مُحْتَثْ، وَإلا فَكلِماتُكَ في الشّجَرِ المُجْتَثْ.
وَليُطْربْكَ الحَقُّ الأبْلَجْ، كمَا يُطرِبُ الشارِبَ الهَزَجْ.
وإيّاكَ ثُمَّ إيّاكْ أنْ تُرَى إلا في ذَاكْ.
وَلأنْ تَفُكَّ نَفْسَكَ عَنْ دَائِرِةِ الجَرَائِرْ، أوْلَى بِكَ مِنْ فَكِّ الْبُحُورِ وَالدَّوَائِرْ.
ـ[منصور اللغوي]ــــــــ[10 - 01 - 2009, 10:02 م]ـ
[وَلأنْ تَفُكَّ نَفْسَكَ عَنْ دَائِرِةِ الجَرَائِرْ، أوْلَى بِكَ مِنْ فَكِّ الْبُحُورِ وَالدَّوَائِرْ.]
.. جميل بل رائع .. شكرا لك أخي الغالي الدكتور عمر خلوف .. :)
ـ[زينب هداية]ــــــــ[13 - 01 - 2009, 09:33 م]ـ
بديع
ـ[عيناكِ لي]ــــــــ[14 - 01 - 2009, 04:33 م]ـ
شكرا لك د عمر خلوف على هذهِ المقدمة
والتي نقلتها لنا وأستفدنا منها
رعاك الله وزادك علما
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 01:48 م]ـ
جرول بن أوس
مريم الجزائر
عيناك لي
شكراً لكم على مروركم العطر ..
ودمتم سالمين
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[15 - 01 - 2009, 03:43 م]ـ
جميل جدا
هل يقصد بالركض المتدارك
أظنهم أسموه ركض الخيل أيضا؟
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[16 - 01 - 2009, 12:43 ص]ـ
جميل جدا
هل يقصد بالركض المتدارك
أظنهم أسموه ركض الخيل أيضا؟
أخي بحر الرمل ..
الركض إشارة إلى ركض الخيل بكل تأكيد. وهو اسم ذكره الزمخشري نفسه في كتابه: (القسطاس في علم العروض).
وهو أحد أسماء الخبب والذي تربو أسماؤه على اثني عشرة اسماً، كالغريب، والمتّسق، والمُحدَث، والمشتقّ، وقطر الميزاب، والمخترَع، والركض، والمتداني، والشقيق، وضرب الناقوس، والمتقاطر، ناهيك عن المتدارك الذي خلط العروض التقليدي بينه وبين الخبب.