تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الزّحاف السائغ كسراً وليس به كقوله:

قلتُ استجيبي فلما لم تُجبْ

سالت دموعي على ردائي

وقول الآخر:

عيناك دمعها سِجالُ

كأن شأنيهما أوشالُ

وقول الآخر:

النشرُ مسكٌ والوجوهُ دنا

نير وأطراف الأكفّ عنمْ

وقول الآخر: شمنازلٌ عفا هُنّ بذي الأرا_ك كلُّ وابلٍ مُبلٍ هطلِ وقول الآخر:

صرمتكَ أسماءُ بعد وصالها

فأصبحت مكتئباً حزينا


فهذه أبيات كلها صحيحة الوزن سائغة مستعملة عند العرب مع أن الطبع ينبو عنها، ولا يدرك جوازها إلا من نظر في هذا العلم. وهل علم العروض للشعر إلا بمثابة علم الإعراب للكلام؟ فكما أن صنعة النحو وضعت ليعافى بها اللسان من فضيحة اللحن فكذلك علم العروض وضع ليعافى به الشعر من خلل الوزن، فلولاه لاختلطت الأوزان واختلفت الألحان وانحرفت الطباع عن الصواب انحراف الألسنة عن الإعراب. وقد وقع الخلل في شعر العرب كثيراً، وأنشد الأصمعي وأبو عبيدة وابن دريد وابن قًتيبة وغيرهم من كبار الأئمة بيتَ عبيد بن الأبرص هكذا مكسوراً:

هي الخمر تكنى الطَّلا

كما الذئب يُكنى أبا جعدهْ

ووقع في شعر علقمة قوله في فكه أخاه شأساً:
عادي
دافعت عنه بشعري إذْ كان في الفداء جحدْ
فكان فيه ما أتاك وفي تسعين أسري مقرنين صفد
دافع قومي في الكتيبة إذ طار لأطراف الظباة وقد
فأصبحوا عند ابن حَفنةَ في الأغلال منهم والحديد عُقَدْ
إذ مُخنبٌ في المُخنبينَ وفي النَّهكة غَيٌّ باديٌ ورشد
فهذه القطعة مما أُدخلت في جملة شعره وهي مختلة الوزن حتى قال بعضهم إنها ليست بشعر. وأنشد ابن إسحق في كتاب السيرة لأمية بن أبي الصلت يبكي زمعةَ ابن الأسود وقتلى بني أسد:
عيني بكِّي بالمُسبِلات أبا الحارث لا تذخرى على زمعه
ابكي عقيل بن الأسودِ أَسَدَ البأسِ ليوم الهياج والدّفَعَهْ
تلك بنو أَسَدٍ إخوةُ الجوزاء لا خانةٌ ولا خدعهْ
وهم الأسرة الوسيطة من كَعبٍ وهم ذروةُ السّنام والقمعهْ
وهم أنبتوا من معاشرٍ شَعَرَ الرأس وهم ألحقوهم المنعهْ
أمسى بنو عمهم إذ حضرَ البأسُ أكبادهم عليهم وجعهْ
وهُمْ هُمُ المطعون إذْ قحط القطرُ وحالت فلا ترى قَزَعَهْ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير